منذ يوم 26 ديسمبر الفارط)قبل أكثر من شهر) والعمل متوقف تماما في الشركة الاندلسية للاسمنت الأبيض بفريانة المعروف ب"سوتاسيب" )مصنع تونسي جزائري تم التفريط فيه سنة 2003 لمستثمرين من اسبانيا)، نتيجة خلافات بين إدارته والنقابة الأساسية لعملته، وبما انه الوحيد في تونس، فان تعطل الإنتاج فيه وعدم خروج أي كيس اسمنت ابيض منه منذ اكثر من خمسة اسابيع ادى الى أزمة في هذه المادة التي أصبح انعدامها يهدد عشرات مصانع الجليز والخزف وقطاع البناء عموما وكل الأنشطة التي تستعمل هذه المادة فيها ولا تستطيع الاستغناء عنها، ولا يوجد أمام أصحابها أي حل غير توريد كميات منها من الأسواق الخارجية ولكن بأي ثمن لان سعرها في الخارج يبلغ اكثر من ثلاثة اضعاف مثيله في مصنع فريانة فضلا عن ان ذلك سيمثل استنزافا غير مبرر لرصيدنا من العملة الصعبة الذي يشكو بطبعه تراجعا كبيرا، وكالعادة فان بعض «أبناء الحلال» استثمروا في الأزمة واقتنوا من عند تجار مواد البناء ممّن لديهم بقايا مخزونات من الاسمنت الأبيض كل الكميات إلى درجة أن هناك من ارسل شاحناته إلى فريانة للبحث عنها و أبدى استعداده لشراء الكيس الواحد من الاسمنت الابيض مقابل 40 د وأكثر لترويجه في السوق السوداء التي نشطت في الايام الاولى للازمة ثم فقدت منها المادة كليا ووصل ثمن الكيس فيها الى 45 دينارا في حين ان سعره القانوني قبل الأزمة 10 دنانير. خلافات وجلسات صلحية بداية ازمة مصنع الاسمنت الابيض بفريانة انطلقت حسب ما أفاد به «الصباح الأسبوعي» عضو النقابة الأساسية للمؤسسة نور الدين الشعباني منذ قرار ادارة المعمل يوم 25 ديسمبر الفارط القاضي بطرد 7 عملة من بينهم 4 نقابيين، على خلفية اتهامهم بأنهم يقفون وراء الاضراب بيوم الذي نفذه العملة يوم 21 ديسمبر من السنة الماضية للمطالبة بتحسين مناخ العمل وحسن تعامل الإدارة مع منظوريها من إطارات وعملة وتفعيل الصندوق الاجتماعي للمؤسسة وتشريك الطرف النقابي في كل ما يهم سير المصنع بما في ذلك احالة بعض العملة على التقاعد المبكر، وردا على طرد زملائهم المذكورين توقف الإنتاج في المصنع، وعوض دخول الادارة في حوار جدي مع النقابة في الجلسة الصلحية الاولى التي نظمها والي القصرين، بعد الأزمة بأيام قليلة فإنها تعنتت وأبدت تصلبا كبيرا بل إنها تعاملت بتعال وتكبر حتى مع وسطاء المصالحة، ولم تكتف بذلك بل اصدرت قرارا جديدا بطرد 30 عاملا اخر ليرتفع عدد المطرودين إلى 37 الصد عن العمل لمدة 6 أشهر وواصل الطرف الإداري تصعيده وقرر في بداية شهر جانفي الجاري الدخول في «الصد عن العمل» لمدة 6 أشهر بداية من 19 جانفي، أي إغلاق المؤسسة ودخول العملة في حالة بطالة فنية، بحجة تدخل الطرف النقابي في سير العمل وتسميم المناخ الاجتماعي بالمصنع، والقرار المذكور يرى فيه اغلب العملة انه تمهيد لإغلاق المصنع نهائيا وبالتالي ضياع مورد رزق حوالي 400 عائلة وآلاف أخرى مرتبطة بنشاط المصنع الذي يمثل قطب الحركة الاقتصادية بفريانة مفاوضات جديدة باقتراب مرحلة «الصد عن العمل» وتحرك الغرفة الوطنية لأصحاب مصانع الجليز ومطالبة الحكومة بتوفير الاسمنت الأبيض لمؤسساتهم (أكثر من 50 مصنعا)، وغيرهم من المتضررين من فقدان المادة المذكورة من الأسواق، بدأت محاولات جدية لتطويق الأزمة وتنظيم جلسات صلحية سواء في مقر وزارة الشؤون الاجتماعية أو في ولاية القصرين، لكن في كل مرة يتغيب عنها الرئيس المدير للمؤسسة والمدير المركزي لمصنع فريانة، وفي آخر جلسة قبل حوالي 24 ساعة من دخول «الصد عن العمل» وتحديدا يوم 17 جانفي بمكتب والي القصرين حضرت رئيسة مصلحة الموارد البشرية وأصرت على قرار طرد العملة مما أدى إلى فشل التفاوض.. ومؤخرا وبعد انتخاب سمير ماجول على راس المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الطرف الرئيسي في المفاوضات وتفهم المركزية النقابية بالاتحاد العام التونسي للشغل بان تواصل اغلاق المصنع ليس في مصلحة احد، تم الاتفاق على عقد جلسة صلحية يوم الجمعة الفارط 26 جانفي بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية كان سيحضرها الوزير محمد الطرابلسي والمتفقد العام للشغل وممثلون عن اتحاد الصناعة والتجارة يتقدمهم سمير ماجول ومسؤولون بارزون بإدارة المصنع والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل و3 من أعضاء النقابة الأساسية للمؤسسة، من اجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين الإداري والنقابي والتوصل إلى حلول جذرية تتيح إعادة فتح المصنع من جديد ودوران عجلة الإنتاج فيه، لكن من سوء الحظ ان الجلسة تأجلت في آخر لحظة بسبب حادث سقوط سمير ماجول في مدارج مدخل وزارة الشؤون الاجتماعية عند التحاقه بالجلسة والاضطرار إلى نقله إلى المستشفى لتلقي الإسعافات، ومن المنتظر أن يتحدد اول هذا الاسبوع موعد جديد للجلسة الصلحية، وفي الأثناء أعلن وزير الصناعة انه سيتم اللجوء الى توريد الاسمنت الابيض من الخارج حتى لا يتعطل العمل بمصانع الجليز والخزف وذلك كحل وقتي إلى غاية استعادة الإنتاج بمصنع «سوتاسيب» فريانة.