رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    عاجل : تعيين مديرين عامّين جديدين بوزارة الصّناعة والطّاقة والمناجم    صفاقس: رصد 3 حالات سيدا لدى افريقيين جنوب الصحراء    سمير ماجول : '' إننا إذ نسجل بارتياح تحسن المؤشرات وعودة الإقبال على الوجهة التونسية ''    بنزرت: الاحتفاظ ب23 شخصا في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    عاجل/ الاحتفاظ بطبيب بهذا المستشفى وإحالته على القضاء من أجل شبهة الارتشاء    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    موجة حر شديدة في هذه المنطقة.. والسلطات تتدخل    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بطولة كرة السلة: النتائج الكاملة لمواجهات الجولة الأخيرة من مرحلة البلاي أوف والترتيب    يُروّج للمثليّة الجنسية: سحب كتيّب من معرض الكتاب بتونس    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإبقاء على الإعلامية خلود المبروك والممثل القانوني ل'إي أف أم'في حالة سراح    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    هام/ الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة بداية من الغد    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    عاجل/ الاحتفاظ بأحد الاطراف الرئيسية الضالعة في احداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    اللجنة الجهوية لمتابعة تطوير نظم العمل بميناء رادس تنظر في مزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملفات «الصباح»: أزمة مياه الري تعصف بالفلاحة وبالفلاحين
نشر في الصباح يوم 31 - 01 - 2018

صنف عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري الفلاحة السقوية خلال ورشة عمل انعقدت نهاية الاسبوع الماضي، كهدف استراتيجي للسياسة الفلاحية التونسية..
وبين أن الوزارة قد أعطت لهذا القطاع الأولوية في خطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية في تونس، حتى انها افردته ب 37 % من الاستثمارات العمومية في القطاع الفلاحي وخصته باستثمارات في حدود ال 3500 مليون دينار.
واشار الرابحي في نفس السياق الى أن المساحة السقوية في تونس شهدت ارتفاعا كبيرا منذ الاستقلال فاتسعت من 50 ألف هكتار في الستينيات إلى 435 ألف هكتار حاليا (كانت في 2016 في حدود ال 425 الف هكتار) وهي تشمل بنية تحتية ومعدات تمتد على 20 ألف كلم من الأنابيب و1450 محطة ضخ، و8 آلاف كلم من المسالك الفلاحية، و9 آلاف كلم من شبكات الصرف الصحي. وأكد على الدور الذي تلعبه المناطق السقوية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمختلف المناطق، مبينا انها تساهم بنسبة 37 % من الإنتاج الفلاحي الوطني، وتمثل 20 % من الصادرات الفلاحية، كما أنها تؤمن الإنتاج بشكل خاص خلال فترات الجفاف، بالإضافة الى أنها تحد من الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى وذلك نظرا لخلقها لمواطن شغل لسكان تلك المناطق.
وللإشارة يشمل المشروع النموذجي لتكثيف المناطق السقوية الكبرى بالشمال محور ورشة العمل كلا من ولايات بنزرت وباجة وجندوبة وسليانة، ويهدف المشروع الى تثمين المناطق السقوية من خلال تحسين الأداء والخدمات المتعلقة بالري ومراحل ما بعد الإنتاج على أن يتمّ تقييمه وتعميمه على مناطق أخرى عند تحقيق أهدافه. هذا على صعيد الاجراءات.. اما الواقع فنستقيه من هذه الجولة في ربوع اربع ولايات تصنف فلاحية وهي منوبةسوسة –بنزرت ونابل.
وسط اتهامات صريحة بتعمد خلقها.. مناشير المنع تعمق أزمة المناطق السقوية بمنوبة
يعيش قطاع الفلاحة بولاية منوبة كغيره في سائر ولايات الجمهورية على وقع الأزمة الحادة لمياه الري وذلك للموسم الثالث على التوالي ولكن بشكل أكثر تعقيدا وأشد تأثيرا باعتبار أن منوبة الأكثر تنوعا وانتاجية على الصعيد الوطني لاتساع مجالها الزراعي وامتداده على جميع معتمدياتها المصنفة فلاحية بامتياز، مزارع الخضر وضيعات الأشجار المثمرة التي طالما مثلت قوة إنتاج وإمداد وخلق لموارد الرزق أضحت تعيش الأزمة والتهديدات الحقيقية بزوالها عبر ما تسجله وبشكل متنامي من تراجع في المنتوجية وصعوبات في مواصلة النشاط ساهمت في نفور أهل الأرض عن خدمتها واستغلالها، ولئن صمد عدد من الفلاحين أمام تعاقب انتشار الأمراض التي أصابت ضيعاتهم من جهة وارتفاع تكلفة الإنتاج وتبعات تغيرهم لصبغة استغلالهم لأراضيهم من جهة أخرى فإن معضلة الري التي يواجهونها مؤخرا حلت لتكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.
الجفاف أضر بالأرض وبالفلاحين
«الصباح» وخلال تنقلها الميداني لكل من العروسية من معتمدية البطان، قمريان من معتمدية طبربة، الحثرمين والمنصورة وحنة من معتمدية الجديدة كان لها لقاء مع عدد من صغار الفلاحين (التقينا بعضهم في المقاهي في حالة شبه بطالة) حيث عبر هؤلاء عن احتداد الأزمة التي يتخبط فيها القطاع الفلاحي بسبب امتداد فترة الجفاف وقلة نزول الأمطار ونفاد المياه من الأودية من ناحية وتعسف وزارة الفلاحة في منحهم من كميات مناسبة لحاجة مزروعاتهم من مياه الري الآتية من السدود وقطع الطريق أمامهم لممارسة نشاطهم عبر مناشير المنع التي أصبحت بمثابة البراميل المتفجرة التي تلقي بها على رؤوسهم لتقطع نفس الحياة داخل الأجساد والتراب.. رافقنا العم الهادي من قمريان وبإلحاح منه لمعاينة الحال التي أصبحت عليها أرضه التي وصفها ب «الجيابة» للخضر الورقية وكيف أنه زرعها قمحا ليتركها للأقدار بعد أن وقع تحت إلزامية الحد من نوعية إنتاجه القديم بسبب قلة مياه السقي وما مورس عليه من محاصرة لمنعه من استغلال مياه القنال وحجز محرك الماء وما تبعه من خطايا مالية، الأمثلة تشابهت في قطاع القنارية والفلفل والطماطم بمناطق لحثرمين، المنصورة، الحبيبية والجديدة حيث أكد لنا بعض الفلاحين عن تخليهم عن انتاج أنواع من القنارية الأصيلة لعدم توفر الري الكافي واقتصارهم على نوعيات بسيطة وأخرى مهجنة معبرين عن أسفهم لما آلت إليه حال قطاع القنارية المميز للمنطقة من هوان وتقهقر.. نفس المصير آلت إليه ضيعات الأشجار المثمرة بكل من حنة، المهرين وغيرها حيث سجل خلال الشهرين الأخيرين «شياح» أعواد الخوخ والتفاح وتلف المئات منها بسبب الجفاف وانعدام الحلول التي انحصر العمل على إيجادها بالاقتصار على السماح بالري بآلية الحصص التي تمكن الفلاحين من سقي أشجارهم ليومين في الأسبوع وهي آلية يعتبرها الفلاحون مبتورة منذ اعتمادها أول وهلة ونادوا بتداركها ومراعاة احتياجات الأشجار.. فلاحون يرون أن منع النشاط بتعلة تزايد نسق الاستغلال وتزايد حجم الاستهلاك هو مغالطة كبرى تمارسها مصالح التحكم في الموارد المائية إذ أن ولاية منوبة شهدت تراجعا في المساحات المستغلة للفلاحة السقوية من 25 ألف هك إلى 9 آلاف هك حاليا ويصب هؤلاء جام غضبهم على وزارة الفلاحة التي فرطت منذ سنتين في مخزون سد سيدي سالم بتعلة بلوغه سقف التخزين والتخوف من تراكم الترسبات مقابل التعويل على استعادة كميات المياه وتجديدها من الأمطار وهو أمر غير منطقي.
الاتحاد الجهوي يطالب بفتح تحقيق إداري
أمام هذه المستجدات الخطيرة التي شهدها القطاع الفلاحي بمنوبة بسبب النقص الحاد في مياه الري تحدثت «الصباح» لفخر الدين ترجمان رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بمنوبة الذي ذهب للتذكير بالفيضانات العارمة سنوات 2013، 2014 و2015 التي أدت إلى امتلاء السدود وخص بالذكر سد سيدي سالم الذي بلغت طاقة استيعابه آنذاك 700 مليون متر مكعب كان مصيرها التفريغ في البحر دون الاستفادة منها فأنتج احتداد الجفاف.
الحاصل بسبب تأخر نزول الأمطار لفترات طويلة واعتبر عملية تفريغ السد بمثابة العمل الاجرامي في حق الفلاحة والفلاحين زيادة على أنه فعل تخريبي يهدف إلى التجويع والمس من الأمن الغذائي الوطني قابلته وزارة الفلاحة تحت إشراف الوزير السابق سعد الصديق بالتجاهل وغض الطرف حسب رأيه وطالب بفتح تحقيق إداري جدي لكشف ملابسات العملية وتتبع المسؤولين عنها إداريا وقضائيا، وانتقد ترجمان بشدة اعتماد نظام الحصص في توزيع مياه الري وأوامر المنع في إنتاج نوعيات بعينها من الخضراوات وذكر بتبعات جفاف 1996 التي وجهت بالاقتصار على تقليص مساحات الخضراوات دون الذهاب في منع إنتاجها وهو ما لم يحدث خلال الأزمة الحالية واعتبر أن لحالة شبكات التوزيع دور كبير في تعميق أزمة مياه الري وهي التي لم تشهد منذ الثمانينات وفي مختلف معتمديات الولاية أي تدخلات جدية لتعهدها بالصيانة وتجديدها عدا بعض الأشغال الهزيلة لم تكن لها أي جدوى فقنال قمريان، طبربة، شواط، قنال العروسية، الزويتينة، دوار الباي كلها تعاني التهرؤ والتكسير وهو ما أدى إلى ضياع آلاف الأمتار المكعبة من الماء دون الاستفادة منها وإلى ارتفاع في تسجيلات العدادات الرئيسية لمجامع المياه مقابل انخفاضها في عدادات استهلاك الفلاحين الذين أصبحوا مطالبين بتسديد قيمة الفارق الحاصل أو التهديد بمنعهم من الحصول على حصصهم وهوما يفسر تعمد التغطية على الفشل في تحمل مصالح الفلاحة لمسؤولياتها وقيامها بواجباتها على الوجه الأكمل ومسح آثار اخفاقاتها على مستوى الاشراف في جسد هذا الفلاح المنهك وإغراقه في المديونية القاضية.. واعتبر فخر الدين ترجمان بذلك أن الفلاح يدفع حاليا ثمن سوء التصرف وتعمد إغراق القطاع مقابل فتح المجال واسعا وعريضا أمام تنشيط تهريب الخضراوات والغلال وإغراق البلاد بالأدوية الموجهة للفلاحة باهظة الثمن عديمة الجدوى التي يتم توريد أكثرها من الخارج، ودعا في هذا الإطار إلى تشديد الرقابة على الأدوية الموردة وإخضاعها للتحليل وإحكام تقدير الكميات التي تستجيب لشروط الجودة والفاعلية من ناحية ومطالبة كل من وزارات الفلاحة املاك الدولة والمالية بالتنسيق فيما بينها لإيجاد حلول لتأخر الفلاح عن تسديد ديونه لأسباب تتجاوزه وترتبط أساسا بتبعات سوء التصرف والتسيير وتواصل الجفاف من ناحية أخرى..
◗ عادل عونلي
نابل.. تآكل للقنوات.. تقلص للحصص وارتفاع في التسعيرة
تشكو ولاية نابل من نقص حاد في مياه الري رغم أنها منتفعة بمشروع قناة مياه مجردة – الوطن القبلي فمشكل المياه أثر على النشاط الزراعي خصوصا في المنتوجات التي تختص بها الجهة على غرار القوارص والخضروات والفراولة.. الوطن القبلي يرزح خلال المواسم الأخيرة تحت تداعيات خطيرة لنقص المياه على مستوى مناطق الإنتاج مما أثر على الفلاحين الذين هجروا أراضيهم وفرطوا فيها بالبيع للسكن العشوائي وهي ظاهرة في توسع متواصل بمختلف المعتمديات على غرار: قربة منزل تميم، دار شعبان الفهري، الحمامات، بوعرقوب، قرمبالية، بني خلاد، منزل بوزلفة..
تآكل القنوات وتقادمها
أكد رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري ببني خلاد البشير عون الله ل «الصباح» عن معاناة الفلاحين جراء النقص في مياه الري بسبب حالة القنوات وحصة الجهة من مياه مجردة وارتفاع درجة الملوحة قائلا:» القنوات تعود إلى فترة السبعينات من القرن الماضي تآكلت وتقادمت وأصبحت تتسبب في إتلاف كميات كبيرة من المياه. النقص في المياه يؤثر سلبا على الإنتاج وعلى سلامة الأشجار. فبني خلاد مثلا لا تستفيد إلا بنسبة 25% من الكمية اللازمة من كمية جملية قدرها 12 مليون متر مكعب سنويا لا تصل منها سوى 3 ملايين متر مكعب فقط». ولا تقف المشاكل عند هذا الحد يضيف محدثنا: «ارتفاع درجة الملوحة في الآبار السطحية بسبب النقص في مياه الأمطار وهذا يستدعي أولا دعم الآلات المعدة لتحلية المياه بالآبار السطحية وإحداث خزانات بكل من سيدي التومي وبئر دراسن وحنوس باعتبار ارتفاع هذه المناطق والخزانات تتسع إلى ما بين 10 و20 مليون متر مكعب يمكن تجميعها من مياه السيلان ومياه الشمال وإعداد مخطط مديري للمدن والتجمعات السكنية بخصوص تجميع مياه السيلان ومياه الأمطار واعتماد استغلالها». ويذكر أن معتمدية بني خلاد تضم 6 آلاف هكتار قوارص بحجم إنتاج 120 ألف طن في الموسم الحالي بينما كان في حدود 180 ألف طن في المواسم الفارطة وهذا التراجع سببه النقص في المياه بالدرجة الأولى خاصة في فصل الصيف مما يؤثر على الثمار .
تقلص حصص المياه
تغطي جهة الوطن القبلي مجامع التنمية الفلاحية أو ما يعرف بالجمعيات المائية التي توفر مياه الري وتلعب دور الوسيط بين المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية الممثلة لوزارة الفلاحة بالجهة والفلاح. وللقرب من مشاكل هذه المجامع توجهنا إلى مجمع التنمية الفلاحية للري ببني عيشون من معتمدية قربة وقمنا باستطلاع رأي المدير الفني حكيم سويلم الذي تحدث عن المشاكل ولخصها في تقلص حصة المياه التي ينتفع بها المجمع موضحا ل «الصباح» ما يلي:» يتم برمجة 800 ألف متر مكعب سنويا بينما ننتفع بحصة تتراوح ما بين 300 و350 ألف متر مكعب وهذا من شأنه أن ينعكس على التوازنات المالية للمجمع والحرج مع المنتفعين الذي يبلغ عددهم 130 منتفعا على مساحة 158 هكتارا قابلة للري بحجم ميزانية في حدود 75 ألف دينار، فالشبكة تنقسم إلى صنفين الصنف الأول قنوات جالبة تحت تصرف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بنابل بينما الصنف الثاني قنوات توزيع تحت تصرف المجمع علما وأنه أي المجمع يعود تأسيسه إلى سنة 1998. هذا الخلل انجر عنه تفاقم المديونية في السنوات الأخيرة بسبب النقص الكبير في مياه الري.
ارتفاع التسعيرة ومنتجو الفراولة يتركون أراضيهم
بلغت تسعيرة المتر مكعب الواحد 161 مليما سنة 2017 حسب تأكيد المدير الفني لمجمع بني عيشون موضحا: «أن ارتفاع ثمن التكلفة انعكس على التسعيرة فعندما كنا نتزود من سد شيبة كان سعر المتر المكعب بقيمة 40 مليما ومع مضاعفة قناة مجردة – الوطن القبلي ارتفع من 90 إلى 100 مليم للمتر المكعب الواحد وهذا الارتفاع ناتج عن ارتفاع في تكلفة الضخ من كهرباء وغيره.. «. فالنقص في المياه تسبب في هجران منتجي الفراولة هذا الموسم الذين تركوا أراضيهم وتوجهوا إلى مناطق أخرى في لبنة وغرداية وجبل الحداد.. أين قاموا باستغلال أراض عن طريق التسويغ وذلك للقرب من مصادر مياه الري بما أن المجمع متوقف عن التزويد بالماء منذ منتصف شهر جوان 2017».
◗ كمال الطرابلسي
سوسة.. أمام شحّ المياه.. هل تكون محطة «وادي حمدون» جزءا من الحل؟
تعيش المناطق السّقويّة بولاية سوسة وعلى غرار أغلب المناطق السّقويّة بالبلاد أزمة حادّة ونقصا كبيرا في الإيرادات المائيّة التي اتّضحت تأثيراتها المباشرة بشكل جليّ وبصفة خاصّة خلال الثّلاث سنوات الأخيرة حيث سجّلت أبرز السّدود نقصا حادّا في الإيرادات المائيّة ولم تتجاوز الكميّات المخزّنة أي نسبة التّعبئة 33 % وهو ما يعادل 727 مليون متر مكعّب من طاقة استيعاب السّدود مسجّلة بذلك عجزا يناهز70 % من الطّاقة الاحتوائية والتّخزينيّة وهو ما جعل وزارة الفلاحة وهياكلها تنتهج سياسة تقضي بتحمّل جميع المستهلكين العجز الحاصل في المياه وتوزيع المخزون حسب الأولويّات كما شجّعت المندوبيّات الفلاحيّة على البحث عن إيرادات مائيّة بديلة في ظلّ شحّ المياه وتراجع منسوب التّساقطات وهو ما طرح بقوّة موضوع تناول مستقبل الثّروات المائيّة المستقبليّة وذهب البعض عن الحديث عن بلوغ البلاد التّونسيّة مستوىّ خطّ الفقر المائيّ بل وحتّى دون ذلك خلال قادم السّنوات.
تراجع في استغلال المناطق السقوية
تبلغ مساحة المناطق السّقويّة بالولاية 350هكتارا موزّعة بين معتمديّات القلعة الكبرى وسيدي بوعليّ وبوفيشة ومساكن ومنطقة شطّ مريم .. إلاّ أنّ الكميّات المسندة من المياه لم تتجاوز نسبة 10 % أي ما يعادل 800 ألف متر مكعّب خلال سنة 2017 وهو ما جعل عديد الفلاّحين بالمعتمديّات المذكورة يحدّون مكروهين من المساحات المزروعة والمخصّصة أساسا للخضر باعتبار أنّ الكميّات المتوفّرة بالكاد تغطّي حاجيات الأشجار المثمرة لضمان بقائها حسب ما أدلى به بعض الفلاّحين الذين عبّروا عن تخوّفاتهم من تراجع استغلال المساحات السّقويّة وتداعيّات ذلك على مستقبل أمننا الغذائيّ وانعكاس هذه الخطوة سلبيا على ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكيّة الفلاحيّة.
محاولات للبحث عن ايرادات بديلة
أمام تراجع التّعويل على منظومة نبهانة ومياه الشّمال وإلغاء حصص ريّ المساحات السّقويّة بمياه الصّوناد حاولت مندوبيّة التّنمية الفلاحيّة بسوسة البحث عن حلول بديلة لتجاوز النّقص الحاصل في مياه الريّ فتمّ عزل المنطقة السّقويّة بالقلعة الكبرى والتي تمسح 540 هكتارا عن منظومة نبهانة وذلك من خلال التّعويل على ايرادات ثلاثة آبار عميقة تمّ إحداثها مؤخّرا تسمح بتوفير60 لترا في الثّانية كما يتمّ في هذه الفترة مواصلة هذا التوجّه عبر القيام بحفر ثلاثة آبار عميقة بالمنطقة السّقويّة بسيدي بوعليّ والقيام بحفريّات أخرى بمنطقة بوفيشة كما تعمل المندوبيّة على تشجيع الفلاّحين على حفر فسقيّات ليبقى إشكال نقص مياه الريّ بمنطقة شطّ مريم إشكالا قائما، حدّ بشكل كبير من الاستغلال الأمثل للمنطقة والمساحات الزراعيّة وجعل من إمكانيّة التّعويل على تقنية تحلية المياه خيارا صعبا نتيجة التّكلفة الباهظة (دينار كلفة تحلية المتر المكعّب الواحد).
هل يكون الحل في التعويل على المياه المعالجة؟
أمام تواصل شحّ المياه يبقى خيار التّعويل على آليّة معالجة المياه المستعملة من بين أبرز الخيارات الاستراتيجيّة المرتقبة لتجاوز النّقص الحاصل في المياه وتعتبر محطّة التّطهير وادي حمدون بسوسة من بين المنشآت التي من شأنها أن توفّر ولو جزءا من الحلّ حيث ينتظر أن توفّر هذه المحطّة ما يناهز عن 50ألف متر مكعّب يوميّا ستحوّل لريّ المنطقة السّقويّة بمساكن (أشجار مثمرة) والمنطقة السّقويّة بزاوية سوسة والقصيبة كما تتّجه النيّة لربط مياه هذه المحطّة بقنوات نبهانة التي لا تبعد عنها أكثر من نصف كيلومتر وهو ما يسمح بإمكانية الاستفادة أكثر من مياه المحطّة ولو أنّ خيار التّعويل على المياه معالجة يواجه بدوره موجة كبيرة من الانتقادات الواسعة ويثير عديد التحفّظات في شأنه باعتبار أنّ أكثر من 60 % من كميّات المياه المعالجة وفقا لتصريح سابق لوزير البيئة لا تستجيب للمواصفات وتمثّل خطرا يهدّد سلامة المستهلك وهو ما جعل اتّحاد الفلاّحين يرفع الفيتو في وجه المدافعين عن هذا الخيار ويرى الاقتصار فقط على ريّ الأشجار المثمرة بهذه المياه المعالجة دون الاستفادة من ذلك في ريّ الخضراوات.
◗ أنور قلاّلة
مناطق بنزرت السقوية في أسوإ وضعية
في سبتمبر 2012 اصدرت وزارة التنمية والتخطيط بالتعاون مع الباحث حسان ثابت دراسة من 35 صفحة حول استراتيجية التنمية بولاية بنزرت عددت فيها الميزات التفاضلية للجهة مؤكدة على اهمية الزراعات السقوية الممتدة على 24658هك والتي ساهمت سنة 2011 ب 40 % من الانتاج الوطني للخضراوات وقد اوصت الدراسة في صفحتها التاسعة بالتوسع في المساحات السقوية المخصصة للحبوب المروية خاصة حول السدود ودعت الى الرفع من نسبة التكثيف الزراعي في المناطق السقوية العمومية التي لم تتجاوز 50% الى 124% التي بلغتها المناطق السقوية الخاصة. بعد 6 سنوات يبدو أن الوضع لم يتحسن كثيرا في بنزرت فالمساحات السقوية بلغت 25158 هك ونسب المساهمة في الانتاج الوطني تقلصت تدريجيا نتيجة سياسات وقرارات خاطئة.
شح الموارد المائية
التحسن الشفاف للمساحات السقوية الذي لم يتجاوز 2 % قد يبرره جزئيا الشح المتواصل للموارد المائية طيلة السنوات الاخيرة اذ لم تتجاوز كميات التساقطات الى حدود ديسمبر الماضي 554 مم من 680 مم منتظرة وبالتالي لم تتجاوز نسبة التعبئة في سد سيدي سالم 20 % أما في سد جومين فلامست 29 % مقابل تسجيل 31 % في سد سجنان وهذه المسطحات المائية تعتبر الممون الاساسي للمناطق السقوية بمياه الري في المنطقتين الغربية والشرقية من الولاية... شح الموارد دفع المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية لتوجيه منظوريها الى تقسيط استغلال المياه وحفر ابار خاصة عند الامكان لري الزراعات السقوية مع الوعد بالتفاعل الايجابي مع مطالب الراغبين في احداث ابار جديدة او كهربة الموجودة للتقليص من التكاليف الباهظة للاستغلال التي ضاعفت متاعب الفلاحين.
العلوية خائفون على منطقتهم السقوية
لمتابعة الوضعية في المناطق السقوية في بنزرت لم نشأ الاستنارة بمجامع مياه متعثرة بل استرشدنا عن وضعية مجمع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري في العالية الذي يعتبر من افضل المجامع في بنزرت وقد تمكن مسيروه طيلة السنوات الماضية من حماية الموارد الطبيعية في المنطقة وترشيد استعمالها وصيانتها، وساهموا في تأطير المنخرطين وساعدوا الهياكل المعنية على تطوير القطاع الفلاحي مما اهلهم لنيل جوائز وطنية وجهوية عن جدارة. ماض مشرف قد يصبح ذكرى فقط بعد تحديد حصتين في الاسبوع تزويد المنطقة السقوية. قرار كانت له تداعيات سلبية على المنطقة السقوية اين تقلصت المساحات المزروعة من 1549 هك الي 216 هك فقط اي ب86% مقارنة بالسنة السنوات الفارطة وتدني بالتناسب عدد المنخرطين في المجمع من 362 الى 352 في نفس الفترة مما شرع ابواب البطالة امام 100 فلاح واغلق باب رزق بين 300-500عائلة علوية ساهم افرادها مند سنة 2002 في زراعة وجني كميات هائلة من البسباس، البطاطا وغيرها من الخضراوات ثم بيعها بأسعار معقولة عبر القنوات الرسمية مما حافظ على القدرة الشرائية لمتساكني العالية وجيرانهم في بنزرت الكبرى.. كما ادت ازمة المياه الى وقف زرع الاعلاف في فصل الصيف رغم الاسعار التفاضلية للمياه التي لا تتجاوز 70 مليما للمتر المكعب الواحد. وبالطبع تأثر قطاع تربية الماشية في الجهة المشهورة بتربية العجول والاغنام.. واصبحت وضعية مجمع التنمية -رغم حسن تصرف مسؤوليه- صعبة نسبيا فرغم تقلص المداخيل هم ملزمون بخلاص 4 اعوان صيانة وتمكينهم من كميات المحروقات اللازمة لدراجاتهم النارية المؤمنة وتوفير أجرة عون اداري بالمقر المكترى اضافة الى كراء «تراكس» مرة على الاقل في الشهر لتنظيف المسالك الجافة في المنطقة السقوية ونقل القنوات -تحت ارضية- مع معاينة تضررها بسبب التدفق القوي والمفاجئ وملاحظة الصدأ الذي اصاب «الفانات» بسبب التوقف عن الاستعمال 5 ايام كل اسبوع مما يفرض تخصيص ظرف مالي استثنائي لشراء قطع غيار باهظة الثمن لعل عجلة الانتاج تدور.
غير بعيد عن العالية احتضنت مرجى الختمين لسنوات احدى افضل المناطق السقوية في ولاية بنزرت التي اصبحت حاليا شبه مهجورة ومن غامر بالزراعة من الفلاحين فهو مجبر على استنزاف المائدة المائية الجوفية وانهاك التدفق الكهربائي الى حد غياب القدرة التشغيلية للمحركات التي تستهلك طاقة عالية لاستخراج ما تبقى من مياه في جوف الارض..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.