اجتمع المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أمس لتدارس وضع حرية الصحافة في البلاد وخاصة في ظل الحملة التي تشن على الصحفيين من قبل الأجهزة الرسمية وحملات الثلب والتشويه والتهديد على شبكات التواصل الاجتماعي من طرف أمنيين في إفلات تام من المحاسبة والعقاب. وقرر المكتب دعوة الزميلات والزملاء الصحفيين في مختلف جهات الجمهورية إلى تنظيم يوم غضب غدا يتم خلاله حمل الشارة الحمراء وتخصيص مساحة في مختلف وسائل الإعلام بعنوان «الصحافة التونسية في غضب.» كما تقرر مقاطعة أنشطة كل من وزارة الداخلية والنقابات الأمنية التي تورطت قياداتها الجهوية في حملات التحريض والتشويه والثلب في حق الصحفيين. كما قرر المكتب التنفيذي مواصلة مشاوراته مع شركائه في المهنة لبحث مختلف الأشكال الاحتجاجية القادمة بما فيها الإضراب العام وتوجيه رسالة مفتوحة إلى الرئاسات الثلاث للتعبير عن موقف النقابة من سياسة التضييق على حرية الصحافة وتواصل الاعتداءات على الصحفيين وفي ما يلي نص الرسالة: «تواجه حرية الصحافة والتعبير في تونس سياسة ممنهجة لاستهدافها واستهداف الصحفيين وتهديدهم بغية إخضاعهم وتكميم أفواههم. وانطلقت الحملة إثر تصريحات رئيس الدولة في 13 جانفي 2018 ضد مراسلي الصحافة الدولية والتشكيك في مهنيتهم وحيادهم نتج عنها اعتداءات جسيمة طالت الصحفيين أثناء أداء عملهم في الميدان من عنف بدني وحجز للمعدات وتوجيه تهديدات وهرسلة وصولا إلى الإيقافات، وذك على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها مناطق عديدة بالبلاد ضد تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية، والتي حاولت وسائل الإعلام الوطنية والدولية القيام بواجبها في تغطيتها . وكان وزير الداخلية قد أقر أمام لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب خلال جلسة استماع يوم الاثنين 29 جانفي 2018 بالتنصت على صحفي خلال الاحتجاجات التي عرفتها بلادنا مؤخرا، ولم يتردد الوزير بالمناسبة في توجيه تهديدات إلى المدونين المنتقدين لعمل الوزارة التي يشرف عليه. كما تلقت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عديد الشكاوى من صحفيين حول عودة المراقبة الأمنية لمحلات سكناهم ومقرات عملهم وخلال تنقلاتهم. وانطلقت بالتوازي مع هذه الممارسات حملات تشويه وتخويف وتهديد بالتعذيب والاغتصاب من قبل عناصر أمنية على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الصحفيات والصحفيين بدون أي رادع وفي إفلات تام من العقاب. تزامنت تلك السياسة المعادية لحرية الصحافة مع دعوات من مسؤولين في الدولة لإعادة إحياء جهاز «وكالة الاتصال الخارجي» سيئة الذكر والتي لعبت زمن الاستبداد دورا محوريا في قمع حرية الصحافة وشراء الذمم وإفساد القطاع وتلميع صورة الاستبداد. وقد رافق ذلك مسعى حكومي لفرض تشريعات تضييقية وخانقة لحرية الصحافة والتعبير والتظاهر من خلال مشاريع قوانين فاشية لا تليق إلا بالدول الدكتاتورية على غرار مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح. كما طرحت الحكومة على مجلس نواب الشعب مشروع القانون الأساسي لإحداث هيئة الاتصال السمعي البصري الذي لا يتماشى ومسار إصلاح الإعلام والمعايير الدولية لحرية الصحافة. إضافة إلى تواصل سياسة تكبيل المرفق الإعلامي العمومي من خلال السعي إلى توجيهه لصالح دوائر الحكم عبر تعيينات فوقية لا تخضع لأي مقاييس موضوعية شفافة فضلا عن محاولات التدخل في المضامين خدمة الأجندات السياسية واستغلال الوضعيات الهشة بالإعلام الخاص. وتعتبر النقابة أن هذه الممارسات ليست معزولة، بل تمثل سياسة دولة في محاولة لإعادة القبضة الأمنية على الإعلام، ونسف أهم مكتسبات الثورة التونسية المجيدة التي من أجلها استشهد وجرح المئات من أبناء هذا البلد. هذه الثورة التي أرست انتقالا ديموقراطيا أوصلكم إلى سدة الحكم. ونظرا لخطورة ما آلت إليه الأوضاع التي تهدد مسار الانتقال الديموقراطي في البلاد، قررت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين توجيه شكوى رسمية إلى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير لدى منظمة الأممالمتحدة لاطلاعه على الأوضاع الحالية ومطالبته بزيارة تونس والقيام بالتحقيق الأممي في الغرض. تذكر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الدولة التونسية بضرورة احترام دستور الثورة والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس في علاقة بضمان وحماية وتعزيز حرية التعبير والصحافة وحقوق الإنسان عامة، وتحملكم المسؤولية السياسية والتاريخية في إيقاف هذا التدهور الذي يهدد بإعادة إنتاج الاستبداد.