اذا كان اغلب التلاميذ والتلميذات تمثل العطلة المدرسية بالنسبة اليهم فرصة للراحة والترفيه وحتى الذهاب الى مناطق سياحية لقضاء اجازة خاطفة هناك، فان التلميذة هويدا بنت الناجي الحاجي التي تدرس بالمعهد الثانوي بحاسي الفريد من ولاية القصرين وبحكم الوضعية الاجتماعية الصعبة لأسرتها وحالة الفقر التي تعيشها فان العطلة المدرسية التي انطلقت في نهاية الاسبوع كانت بالنسبة لها ككل العطل الاخرى مناسبة للعمل في الضيعات الفلاحية لمساعدة عائلتها خصوصا وان والدها متوف منذ سنوات وليس لهم أي عائل، وبما ان العطلة المدرسية الحالية تزامنت مع موسم جني الزيتون فإنها وجدت بسرعة عملا لدى احد الفلاحين بمنطقة «عمرة» التابعة لولاية قفصة المجاورة لمعتمديها حاسي الفريد وكانت تنتقل فجر كل صباح مثلما اكده لنا بعض اقاربها عشرات الكيلومترات (من جنوب ولاية القصرين الى شمال شرق ولاية قفصة) صحبة عدد آخر من النسوة والفتيات على متن شاحنة مخصصة لنقل البضائع للالتحاق بالضيعة التي تتولى جني صابة زيتونها، ومساء اول امس الثلاثاء وبعد يوم متعب من العمل واثناء عودتها على متن الشاحنة الى قرية حاسي الفريد عبر الطريق التي تفصلها عن منطقة «سيدي يعيش» بقفصة وبسبب رادءة الطريق والظروف اللاانسانية لنقل العاملات سقطت التلميذة من الشاحنة وارتطم راسها على الطريق واصيبت اصابات بليغة وبنقلها الى المستشفى الجهوي بقفصة (الاقرب من مستشفى القصرين لمكان الحادثة) واجراء الفحوص والتحاليل اللازمة تبين ان حالتها حرجة فتم ايواؤها بقسم الانعاش في انتظار نقلها الى احدى المستشفيات الجامعية لان وضعيتها تتطلب اختصاصا دقيقا في جراحة المخ والاعصاب. وفي اتصال جمعنا منتصف نهار امس بأحد اقاربها افادنا بانه تم بالفعل صباح الاربعاء توجيهها الى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس لمتابعة حالتها الصحية.. وقد جاءت الحادثة التي تعرضت لها التلميذة لتكشف مرة اخرى معاناة الكثير من العائلات الفقيرة بحاسي الفريد هذه المعتمدية المرتبة على الصعيد الوطني الاكثر فقرا وقلة تنمية حسب الارقام الرسمية وضرورة الالتفات اليها لتحسين ظروف عيش اهاليها، وتطرح تساؤلات كبيرة حول الظروف المأساوية لنقل عاملات الفلاحة بمختلف انحاء الجمهورية والحال انهن يعتبرن العمود الفقري لتطوير القطاع في ظل عزوف الشبان عن الاشتغال بمختلف الانشطة الفلاحية.