من شأن قرار وزارة الشؤون الثقافية بعدم تنظيم الدورة الخامسة لمهرجان أيام قرطاج الموسيقية في الموعد المحدد لهذا المهرجان في ربيع كل سنة بسبب عدم الحسم في «متعلقاته»، أن يعمّق هوّة الفراغ المسجلة في قطاع الأغنية والموسيقى خاصة في مستوى الأعمال والمشاريع الجادة نظرا لما شكله هذا المهرجان في شكله وأهدافه من حافز لإثراء الساحة بمشاريع أعمال لاقت نجاحا ورواجا في المهرجانات التونسية. خاصة أن سلطة الإشراف لم تحسم بعد في هذا المهرجان وتم تأجيل الدورة الخامسة إلى ما بعد الصائفة القادمة دون تحديد الموعد. لكن الساحة لن تتوقف على هذا المهرجان أو غيره من التظاهرات «الرسمية» التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية خاصة أن تلك الفترة تتزامن مع افتتاح مدينة الثقافة في شهر مارس المقبل، بل سيكون لنشاط المجتمع المدني دور في تنشيط الحركة الفنية والموسيقية بدخول «جمعية ترانيم الثقافية» التي يرأسها عز الدين الباجي على خط العمل والنشاط من خلال تنظيم مهرجان ليالي الأغنية الطربية في دورته الثالثة في العشرية الأخيرة من شهر مارس المقبل. ولئن أكد عزالدين الباجي مدير المهرجان أيضا أن التحضيرات للدورة القادمة من المهرجان تجري بنسق متسارع خاصة أنه حريص على إنجاح الدورة ومراعاة التفاصيل الدقيقة لهذا المهرجان، فإنه نفى في سياق آخر من حديثه أن يكون هذا المهرجان بديلا لمهرجان أيام قرطاج الموسيقية. وفسر ذلك بقوله: «مهرجان ليالي الأغنية الطربية تنظمه جهة خاصة ويا حبذا لو تدعمنا وزارة الشؤون الثقافية ماديا بما يمكننا من توسيع أهداف وبرنامج هذا المهرجان الذي تم بعثه في إطار الدفاع عن الجودة الفنية في زمن انتشرت وسيطرت على تفاصيله الرداءة». وبين أن جمعيته شارفت على الانتهاء من ضبط برنامج الدورة القادمة لأنه على يقين بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه لأن الاهتمامات ستتجه إلى هذه الدورة خاصة أن هذا المهرجان يسعى لتكريس جملة الأهداف التي انبنى عليها والمتمثلة في إحياء التراث الموسيقي العربي من الستينات إلى التسعينات باعتبارها الفترة الذهبية لازدهار الأغنية العربية بما في ذلك التونسية، حسب تأكيده. ليقدم المهرجان تلك الأعمال المنتقاة بأصوات من مختلف الأجيال مع فسح المجال الأكبر للشباب. علما أن دورة العام الماضي من نفس المهرجان كانت متميزة وسجلت مشاركة عديد الأسماء الفنية على غرار عدنان الشواشي وشكري عمر الحناشي ونور الدين الباجي وسجلت برمجة مسابقة في الآداء وفاز بجائزتها كل من جيهان الجلاصي وأيمن العلجي وكان وزير الشؤون الثقافية قد وعد بتكفل الوزارة بإنتاج العمل الأول لكل واحد منهما. في نفس السياق أكد عزالدين الباجي أن إدارة المهرجان حريصة على تنفيذ سلطة الإشراف ما وعدت به الفائزين في الدورة الماضية للمهرجان في أقرب فرصة ليكون اسميها ضمن قائمة المستفيدين بدعم من صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني لأن ذلك. واعتبر ذلك تأكيدا لمصداقية المهرجان وتوجهه في الانفتاح على مختلف الأجيال والمواهب رغم إمكانياته المحدودة. وأكد أنه ستتم المحافظة على نفس المسابقة في الدورة المرتقبة لكن بتوسيع دائرة المشاركين من الشباب من كامل جهات الجمهورية وأوضح ذلك من خلال تأكيده على دخول إدارة المهرجان في إجراء الاتصالات والتنسيق مع المندوبيات الجهوية للثقافة. دورة الانفتاح وفيما يتعلق بدورة هذا العام أكد مديرها أنه لم يتحدد بعد موعد تنظيمها ولكنها ستكون في العشرية الأخيرة من شهر مارس المقبل أي بعد افتتاح مدينة الثقافة. وأفاد أنه تم الاتفاق على تنظيمها بالمسرح البلدي بالعاصمة لكن في صورة موافقة وزارة الشؤون الثقافية يمكن تحويل وجهة التنظيم إلى الفضاءات الخاصة بمدينة الثقافة. من جهة أخرى أكد عزالدين الباجي انه لم يتم بعد الحسم في الأسماء المشاركة في هذه الدورة من أسماء تونسية وعربية وفق أهداف المهرجان وقال: «في الحقيقة أهداف المهرجان شاملة ولكن محدودية الامكانيات تتحكم في برنامجنا. وقد كنا برمجنا في دورة العام الماضي تكريم كل من سمير العقربي من تونس وصلاح الشرنوبي من مصر ولكن العامل المادي حال دون تنظيم ذلك ولكن بإمكاننا الايفاء بهذا التكريم إذا ما وفرت وزارة الشؤون الثقافية الدعم اللازم للمهرجان». ومن السماء الأخرى التي أكد محدثنا أنها ستكون حاضرة في الدورة القادمة ذكر كل من منية البجاوي ورؤوف عبدالمجيد ونورالدين الباجي وشكري عمر الحناشي ومنير المهدي. إضافة إلى مشاركات عربية أخرى لم تحسم بعد إدارة المهرجان فيها. ودعا عزالدين الباجي إلى ضرورة دعم هذا المهرجان والدفع لإنجاحه لأنه ينزله في خانة الحرب ضد الرداءة ومن أجل فرض القيمة والجودة والهوية الفنية والكلمة الراقية.