استقبل المسرح الأثري بقرطاج في الأيام الاخيرة حفلين فنيين خارج فعاليات مهرجان قرطاج الدولي... وبعيد اختتام المهرجان سيستقبل المسرح كذلك عروضا وحفلات اخرى خارج إطار المهرجان. تونس «الشروق» عروض اعتبرها مدير الدورة 54 من مهرجان قرطاج الدولي مختار الرصاع ضربا للمهرجان في حين وصفها اخرون بالعروض الدخيلة وبالتعدي الصارخ على هيبة الفضاء وعراقة المهرجان. تنظيم الحفلات في المسرح الأثري بقرطاج قبل وبعد موعد المهرجان بات يثير جدلا كبيرا لما فيه من إيحاءات ربما تنبىء ببداية زوال اوإلغاء هذا المهرجان! هي ظاهرة جديدة على المسرح الأثري بقرطاج انطلقت منذ عامين وتواصلت خلال هذه السنة وهي فتح أبواب هذا الفضاء لتنظيم حفلات خارج اطار مهرجان قرطاج الدولي وقبل افتتاح الدورة 54 من المهرجان ببضعة أسابيع احتضن هذا الفضاء عددا من العروض وهو ما يعد ضربا للمهرجان ولقيمته الفنية والثقافية خاصة وان هذا المسرح الذي بعث سنة 1964 صنف كمعلم ثقافي ولا يسمح استغلاله في انشطة غير الثقافة . لكن ما يواجهه مسرح قرطاج اليوم هوتغييره من الصبغة الثقافية الفنية الى الصبغة التجارية اذ اصبح فضاء متاحا للجميع وبإمكان اي فنان اعتلاء هذا الركح بعد ان حولته وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية الذي يعود لها بالنظر الى فضاء معد للكراء . فهذا المسرح الذي كان يفتتح مع انطلاق الدورة السنوية لمهرجان قرطاج الدولي ويغلق ابوابه مع اختتامها اصبح اليوم يثير مطامع عديد الجهات ممن يستثمرون في الثقافة وفي الفنانين الذين لم يجدوا حظهم في برنامج المهرجان فيدخلون هذا الفضاء عن طريق منظمي الحفلات الذين وجدوا في هذه الطريقة المكسب الكثير خاصة وانهم راهنوا على العروض التي تجلب الجمهور على غرار «الزيارة « التي انتظمت في سهرتين متتاليتين على ركح قرطاج في الأسبوع الأخير من شهر رمضان وتتواصل العروض مع شمس الدين باشا وغيره من الفنانين ... استغلال فضاء مسرح قرطاج قبل وبعد موعد المهرجان لقي انتقادات عدة من اهل الفن والثقافة حتى ان مدير الدورة القادمة من مهرجان قرطاج الدولي اعتبرها ضربا للمهرجان وعلق على صفحته الرسمية.على موقع الفايس بوك بقوله « ترخيص اقامة حفلات في المسرح الروماني قبل مهرجان قرطاج يعد ضربا للمهرجان« وضع حد للعروض الدخيلة من جهته يقول حمادي المزي من منظمي الدورة 52 من مهرجان قرطاج « ما يقلقني هواللبس المتمثل في ان مسرح قرطاج يساوي مهرجان قرطاج الدولي حيث تحسب الأنشطة الدخيلة عليه ...» يضيف « عند انتهاء مهرجان قرطاج يتم الاستلاء على الفضاء ويتم تقديم عروض تجارية لا تمت للثقافة بصلة وهذا ما يجب وضع حد له ما عدا ذلك الفضاء يمكن استغلاله من الجهات المدنية اوالحكومية شريطة ان تكون العروض ذات صبغة ثقافية وان تلتزم بكراسات الشروط الخاصة بالفضاء وحتى لا يتكرر نفس الخطإ الذي حصل السنة الفارطة عندما تم تنظيم تظاهرة مباشرة بعد اختتام المهرجان فيها من الرداءة والسخافة وحسبت على المهرجان وكانها اهانة للدورة ... « يؤكد حمادي المزي « لذلك لابد من إبرام عقد مع الجهات المعنية بتنظيم هذه الحفلات على ان تكون ذات صبغة ثقافية للحفاظ على البعد الثقافي للفضاء ..» خلط في الأذهان وفي نفس السياق يقول نوفل بن عيسى مدير سابق لمهرجان بوقرنين « ان هيبة المهرجان هي بالتأكيد رهينة الفضاء الذي يقام فيه المهرجان وان كان ذلك نسبيا فإن القيمة الحقيقية للمهرجان فيما يقدمه من عروض وفي قدرته على حسن توظيف التواصل مع الجمهور والإشهار يضيف بن عيسى ولكن في الظاهر يبدو للوهلة الأولى ان في استغلال المسرح الأثري بقرطاج قبل وبعد المهرجان ضرر لهذا المهرجان الدولي العريق لما قد يسببه من خلط في الأذهان لكن الخلط الحقيقي يحدث ايضا فيما يقدمه المهرجان من عروض جماهيرية لا نفع ثقافي فيها فهي عروض تنشيطية ترفيهية ظاهرها فني وباطنها تجاري...» يؤكد محدثنا « وبما ان ادارة مهرجان قرطاج الدولي اصبحت تعتمد هذا النحو فقد أضحت بدورها مهرجانات تجارية لا ثقافية رغم مزاعمهم حتى ان قرطاج قد فقد بريقه الدولي ومصداقيته منذ عهد وزارة عبد الباقي الهرماسي ... وفي رده على بعض الانتقادات التي طالت استغلال مسرح قرطاج لحفلات خاصة قبل انطلاق المهرجان اكد المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية كمال بشيني ان الوكالة مهمتها تشغيل الفضاءات لغايات تجارية وثقافية وسياحية ودورها الاستثمار في المواقع لتحسين مداخيلها على حد تعبيره مضيفا ان هذه الحفلات من دورها ايضا تنشيط الفضاء عل اقل 4 اشهر في السنة واحياء المعلم ... وفي اجابته عن سؤال ان كان هناك عقد بين الوكالة ومنظم الحفل يلزمه بإدراج الجانب الثقافي في برنامج الحفل.