أدرج البرلمان الأوروبي، أمس في جلسة عامة بمقره بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، تونس )بمعية دولتي سيريلانكا وترينيتي توباغو) ضمن قائمة سوداء جديدة تتعلق هذه المرة بالدول الأكثر عرضة لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وصوّت 357 نائبا ضد ادراج تونس في القائمة فيما وافق 283 على التصنيف واحتفاظ 26 نائبا. علما أن تونس كانت تحتاج ل 376 صوتا لتضمن عدم ادراجها بالقائمة السوداء الجديدة. وأعدت لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بالاتحاد الأوروبي قرار تصنيف تونس ضمن قائمة الدول الأكثر عرضة لعمليات تبييض الإرهاب وتمويل الإرهاب وشهدت جلستها ليوم 29 جانفي 2018 تصويتا لفائدة تمرير تونس ودول أخرى الى قائمة دول لديها نقائص إستراتيجية في منظوماتها لمكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب. ويأتي قرار البرلمان الأوروبي بعد أيام قليلة من قرار الاتحاد الأوروبي إخراج تونس من قائمة سوداء للملاذات الضريبية، وتصنيفها ضمن القائمة الرمادية. كما اتخذ قرار تصنيف تونس في قائمة سوداء جديدة استنادا إلى تقرير مجموعة العمل المالي، رغم الخطوات التي اتخذتها تونس في سبيل تعزيز الرقابة من بينها الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي منذ سبتمبر 2017.. لكن يبدو أنها لم تكن كافية لإقناع الاتحاد الأوروبي بعدم ادراج تونس ضمن القائمة المذكورة. وكانت لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي قد أصدرت الخميس الماضي بيانا أكدت من خلاله أن تونس أدرجت في قائمة الدول الخاضعة للرقابة التي تضمّ الدول الملتزمة بتنفيذ خطة العمل في الآجال المحددة لها في ما يتعلق بالامتثال للمعايير الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وذكر البيان أنه تم في إطار تنفيذ هذه الخطة، إصدار الأمر الحكومي عدد 1 لسنة 2018 المؤرخ في 4 جانفي 2018 والمتعلق بضبط إجراءات تنفيذ القرارات الصادرة عن الهياكل الأممية المختصة المرتبطة بمنع تمويل الإرهاب. كما اعترض البنك المركزي، مؤخرا، على إقدام مجموعة العمل المالي الدولية)غافي)، المكلفة بمعالجة وإعداد الإجراءات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بمراجعة تصنيف تونس، مما أفضى الى قيام المجموعة بإخراج تونس من قائمة «الدول عالية المخاطر» الى «الدول الخاضعة للرقابة». وكان البنك المركزي التونسي قد أصدر يوم 19 سبتمبر 2017، منشورا موجها للبنوك والمؤسسات المالية، بهدف التصرف في مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يتضمّن إجراءات تلزم المؤسّسات المالية بتعزيز المراقبة الداخلية للتصرف في مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وإتخاذ إجراءات يقظة وأخرى خاصة بالحرفاء والعمليات المالية تحمل مبدأ مديريا للمهن المالية للكشف والإعلام عن العمليات والمعاملات المشبوهة، وطبيعة الحرفاء والبلدان أو المناطق الجغرافية والمنتوجات والخدمات والمعاملات أو قنوات التوزيع. إجراءات غير كافية لكن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، في مجال التصدي لتبييض الأموال اعتبرها بعض الخبراء الماليين والاقتصاديين متأخرة للغاية خاصة بعد صدور تقارير دولية وضعت تونس ضمن الدول المتقاعسة في مكافحة ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب خلال السنة الماضية بعد أن تراجع تصنيفها على مؤشر «بازل» لسنة 2017. ومعلوم أن تقرير اللّجنة التونسية للتحاليل المالية التابعة للبنك المركزي في أوت 2017 اعترف بوجود مخاطر عالية في مجال تبييض الأموال في تونس. وكانت اللجنة قد أكدت أنّه رغم وجود نصوص قانونية وتشريعية في المجال تمّت ملاحظة عديد نقاط الضّعف على مستوى نظام مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب خاصة صلب البنوك والهياكل المالية، تلاها نشر البنك المركزي التونسي تقييما لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تنفيذا للتوصية الأولى لمجموعة العمل المالي، وهي هيئة حكومية دولية مهمتها دراسة التقنيات واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحتها محليا ودوليا. وكان معهد بازل للحوكمة وضع تونس في تقريره لسنة 2017 في المرتبة الخامسة عربيا بعد لبنان والسودان واليمن والمغرب و59 عالميا من بين 146 دولة وذلك استنادا لجودة قوانين الدولة المعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وصنف التقرير تونس "بقائمة البلدان والهيئات القضائية التي تسجل نقائص استراتيجية"، مثل تلك التي وضعتها مجموعة العمل المالي. علما ان تونس احتلت سنة 2016 المركز 129 على مؤشر بازل للحوكمة، أي أنها تراجعت 70 مركزا مقارنة بسنة 2017. ◗ رفيق بن عبد الله الخبير المالي ورئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي:القرار كارثة على تونس.. وأطالب بإقالة هؤلاء تعليقا على تصنيف تونس في قائمة البلدان عالية المخاطر في تبييض الارهاب وغسيل الأموال، وصف الخبير المالي ورئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي في تصريح ل"الصباح" القرار ب"الكارثة" وقال إنه حذر وقبل أشهر عديدة من خطورة عدم اتخاذ السلطات المعنية لإجراءات فورية في مجال التصدي لغسيل الأموال والأموال المشبوهة تجاوبا مع صدور تقرير مجموعة العمل المالي)قافي) التي صنفت تونس سنة 2017 في منطقة حمراء بسبب تعرضها لمخاطر عالية في مجال تبييض الأموال.. وقال الجودي إن قرار البرلمان الأوروبي لم يكن مفاجئا لأنه بني على تقارير دولية، وهو يضرب مصداقية تونس في الخارج. وقال بأن مسؤولية ما حدث «يتحملها محافظ البنك المركزي ونائبه ولجنة التحاليل المالية باعتبار أنه كانت لهم صلاحيات واسعة لاتخاذ قرارات ردعية وصارمة وفورية لمنع تبييض الأموال وتتبع المال المشبوه والعمليات المالية المسترابة والتي كانت تتم ومنذ سنة 2011 عن طريق الجمعيات الخيرية الدينية المتطرفة أساسا.. لكنهم لم يفعلوا شيئا». وأضاف الخبير أن تأثير القرار الأوروبي سينعكس سلبيا على كل شيء على التمويلات الأجنبية، الاستثمار، العلاقات الخارجية.. وقال:»يجب اتخاذ قرارات ردعية ومحاسبة المسؤولين وأطالب بإقالة فورية لمحافظ البنك المركزي ونائبه وإجراء تدقيق معمق وشامل لأعمال لجنة التحاليل المالية..». ◗ رفيق الخبير المحاسب وليد بن صالح:القرار شوه سمعة تونس بالخارج وله تبعات سلبية على الاستثمار والتمويل الأجنبي قال الخبير المحاسب وليد بن صالح، في تصريح ل«الصباح» إن القرار الأوروبي ستكون له تبعات سلبية سيئة للغاية على تونس منها تلوث صورة تونس بالخارج كبلد يمكن فيه تبييض الأموال بسهولة ويمس من سمعة المؤسسات التونسية.. وقال إن القرار سيكون له تأثير على وضع تونس في التقييمات الاقتصادية والمالية الدولية التي تسندها الوكالات العالمية المختصة في المجال، وخاصة يمكن أن يكون له دور في صعوبة حصول تونس على قروض وتمويلات أجنبية بما فيها قروض صندوق النقد الدولي باعتبار أن جل المؤسسات المالية العالمية ترفض تمويل بلدان مصنفة في قائمات سوداء عالية المخاطر، كما ستصبح شروط اسناد التمويلات الأجنبية مسبقا حتى لو حدثت صعبة جدا وتعجيزية في غياب أي ضمان دولي في هذا الاتجاه، علما أن تونس تستعد لإصدار قرض رقاعي في السوق المالية العالمية في الأسابيع القادمة. وكشف بن صالح أن الفترة التي سيتم فيها مراقبة تونس من قبل مجموعة «قافي»، والبرلمان الأوروبي، (تمتد سنة كاملة إلى حدود جانفي 2019) ستتخذ المؤسسات المالية الأجنبية (التي لها فروع في توس) إجراءات احتياطية معززة لتحويلات الأموال من وإلى تونس.. وقد تذهب الإجراءات الاحترازية ضد تونس إلى حدود مراجعة الاتفاقيات المالية الموقعة.. كما توقع الخبير تأثر عمليات الاستثمار الأجنبي في تونس بالقرار الأوروبي وسيعزف المستثمرون عن تحويل أموالهم إلى تونس تخوفا من عقوبات أوروبية تتخذ ضدهم.. ◗ رفيق النائب رياض جعيدان:صادقنا على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية.. لكنها ظلت حبرا على الورق قال النائب المستقل عضو مجلس نواب الشعب رياض جيعدان، في تصريح ل«الصباح» أن ما حدث أمس بالبرلمان الأوروبي حين صادق بالأغلبية على ادراج تونس في قائمة سوداء جديدة، جاء نتيجة عدم الإسراع في عمل اللجنة البرلمانية التي صادقت عليها الجلسة العامة المنعقدة في 10 جانفي 2018 للتحقيق بخصوص تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الإتحاد الأوروبي، وظلت اللجنة على الورق. وقال إنه يطالب منذ شهر بعقد أول اجتماع لهذه للجنة دون جدوى، مشيرا إلى وجود بعض الأطراف لها مصلحة في تعطيل انطلاق التحقيق، حتى وقعنا في خطإ آخر.. وكشف ان إدارة مجلس نواب الشعب لم تستدع إلى حد الآن الأعضاء المقترحين من الكتل وتعطل بالتالي انعقاد اول اجتماع لها.