لم تهدأ الساحة السياسية في تونس منذ الأمس الاربعاء 7 فيفري 2018 منذ إعلان تصويت البرلمان الأوروبي على إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بموافقة 283 نائبا في البرلمان وامتناع 26 عضوا عن التصويت، وسط انقسام بين نواب البرلمان الأوروبي. وسبق أن أصدرت لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي بيانا الخميس 1 فيفري 2018 أكدت من خلاله أن تونس أدرجت في قائمة الدول الخاضعة للرقابة التي تضمّ الدول الملتزمة بتنفيذ خطة العمل في الآجال المحددة لها في ما يتعلق بالامتثال للمعايير الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وذكر البيان أنه تم في إطار تنفيذ هذه الخطة، إصدار الأمر الحكومي عدد 1 لسنة 2018 المؤرخ في 4 جانفي 2018 والمتعلق بضبط إجراءات تنفيذ القرارات الصادرة عن الهياكل الأممية المختصة المرتبطة بمنع تمويل الإرهاب. وبناء على هذا القرار الصادم قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد تفعيل إجراءات اعفاء محافظ البنك المركزي التونسي من مهامه عملا بأحكام الفصل 78 من الدستور. وينص الفصل 78 على ان رئيس الجمهورية يتولى بأوامر رئاسية " تعيين محافظ البنك المركزي باقتراح من رئيس الحكومة، وبعد مصادقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب. ويتمّ إعفاؤه بنفس الطريقة أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب ومصادقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء كما قدم رئيس الحكومة مقترحا الى رئيس الجمهورية بتعيين الخبير الإقتصادي لدى البنك الدولي المكلف بالملف الليبي مروان العباسي خلفا له. وتعليقا على التصنيف، عبرت تونس عن استيائها من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي إدراجها في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، واصفة القرار "بالمجحف و المتسرع وأحادي الجانب ". واعتبر بيان أصدرته ،مساء الاربعاء، وزارة الشؤون الخارجية، أن المسار الذي اتبعته المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذا القرار كان "مجحفا ومتسرعا" في حقها، باعتبار أن المفوضية، في ظلّ غياب منظومة تقييم مالي خاصة بها، تبنت "بصفة آلية" تقريرا صادرا عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والحال أن تونس التي خضعت بصفة طوعية لمتابعة هذه المجموعة كانت قد اتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل موفى سنة 2018. وجددت تونس، في هذا البيان، تمسكها بالطابع الاستراتيجي لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والتزامها بمواصلة مسار الإصلاحات الجوهرية، معبرة عن املها في أن يتم في القريب العاجل سحب اسمها من هذه اللائحة في ضوء الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة التونسية في علاقة بالتزاماتها الوطنية والدولية ومع مجموعة العمل المالي. وعبرت، في ذات البيان، عن الامل في أن يتم العمل مستقبلا على تفادي مثل هذه القرارات أحادية الجانب التي تتعارض مع أسس الشراكة المتميزة التي يعمل الطرفان على تدعيمها. من جهة اخرى، اعتبر بيان الوزارة، أن اعتراض 357 نائبا في البرلمان الأوروبي من مختلف الكتل على هذه اللائحة، يعدّ تقديرا واضحا للجهود الكبيرة التي ما فتئت تبذلها تونس لتركيز مؤسساتها وتعزيز منظومتها التشريعية والمالية من اجل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ومن جانبه، أكد وزير الشؤون الخارجية خميّس الجهيناوي، خلال لقائه الاربعاء بقصر قرطاج، مع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، مواصلة بذل كلّ الجهود لاستبعاد تونس من التصنيفات الظالمة، في قائمات لا تراع الخصوصيات الإقتصادية لتونس والإصلاحات الهيكلية الجاري إنجازها. بدوره، أكد وزير المالية رضا شلغوم، الأربعاء، خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، أن تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان، التي يمكن أن تكون عرضة أكثر لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جاء نتيجة إستناد برلمان الإتحاد الأوروبي بصفة آلية على بيان مجموعة العمل المالي (يضم 35 بلدا بما فيها البلدان 15 للإتحاد الأوروبي). وأشار الوزير إلى أن اتخاذ هذا القرار جاء دون الإطلاع على آخر التقارير، التي أصدرتها مجموعة العمل المالي، والتي تقر بأن تونس ملتزمة بتنفيذ خطة العمل، التي وضعتها في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضح أن تقرير منظومة تقييم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب صدر منذ سنة 2015، في إطار برنامج تقييم القطاع المالي، الذي شرع البنك العالمي في تنفيذه سنة 2014، أي قبل مصادقة البرلمان على قانون مكافحة الإرهاب وإرساء القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وإصدار النصوص المتعلقة بالتزامات تونس. ومن جهته، قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي ، في تصريح ل"الصباح نيوز" انه يستغرب اتخاذ الاتحاد الأوروبي لمثل هذا القرار بشأن تونس وبناء على اي معلومات او تحقيقات اتخذ من خلاله هذا القرار . وأضاف بوعلي المباركي :"ان تصل تونس الى هذه الدرجة من التصنيفات فهذا أمر مضحك ويبعث على الغرابة"،فماذا يريد الاتحاد الاوروبي من تونس وشعبها وديمقراطيتها؟. ووصف محدثنا عملية التصنيف بانها تجني وظلم على تونس فمن اين لتونس ان تمول الارهاب؟. وقال ،نتمنى ان يتم اخذ الأمور باكثر دقة فتونس كدولة وشعب من المستحيل ان تشارك في تمويل الارهاب مضيفا ان ما يمكن فهمه من تصنيف الاتحاد الاوروبي ان هناك قوى واطراف وجهات لا تريد للمشروع الديمقراطي ان ينجح في تونس وهو ما يعتبر ضربا للديمقراطية الناشئة. وقال :"لابد على الحكومة والدبلوماسية التونسية ان يتصلوا فورا بالاتحاد الاوروبي" . ووجه المباركي دعوة الى الرئاسات الثلاث بضرورة تكوين لجنة من الخبراء واعضاء من الحكومة ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية للتحول الى الاتحاد الاوروبي وكشف الحقيقة حول التصنيف والدفاع عن صورة تونس. هذا وشدد على خطورة التصنيف خاصة وانه يمكن ان يساهم في فتح الباب نحو تطبيق قوانين أممية اخرى يمكن ان تصل الى استعمال القوة مثل ما وقع مع بعض الدول الاخرى .