للحد من حالات الغش الإلكتروني التي استفحلت في السنوات الأخيرة عند اجتياز امتحان الباكالوريا. وبهدف التصدي للوسائل التكنولوجية المتطورة التي يعتمدها بعض المترشحين في التحيل وتنويع أساليب الخداع والغش أدرج وزير التربية ضمن أمر صدر مؤخرا بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية قرارا يحجر على المترشحين اصطحاب أيّ جهاز إلكتروني إلى مراكز الاختبارات الكتابية ماعدا الآلة الحاسبة، التي يجب أن تكون مؤشرة من المعهد العمومي للتلاميذ المنتسبين للمعهد ومن مركز الاختبارات الكتابية بالنسبة إلى تلاميذ المعاهد الخاصة والمترشحين بصفة فردية. وتعتبر كل مخالفة لمقتضيات هذا الإجراء محاولة غش. يأتي هذا التحجير الرسمي بعد أن أصبح منظما بنص قانوني في إطار تشديد إجراءات محاربة الغش الإلكتروني الذي تمكنت تقنياته المتطورة من اختراق أجهزة التشويش التي تم تعميمها خلال الدورة الماضية على مختلف مراكز الامتحانات. غير أن نسبة نجاعتها الفنية كانت ضعيفة في بعض المراكز مما مكن من اختراق ذبذبات تشويشها. فضلا عن تعمّد بعض الأشخاص تعطيل المعدات المركزة في عدد من المعاهد وهو ما تم التفطن له حينها. إلا أنه أمام الادعاءات التي تتحدث في كل مرة عن تسريب نص الامتحان لبعض المواد ونشره على صفحات الفايسبوك، ومع ضبط حالات غش إلكتروني متكررة رغم التجهيزات المتطورة التي اقتنتها الوزارة السنة الماضية والتي بلغ مجموعها 561 جهاز تشويش بعد إضافة نحو 400 جهاز جديد أقر وزير التربية بالنيابة سليم خلبوس الذي أشرف على سير امتحان الباكالوريا دورة 2017 بمحدودية نجاعتها ورأى أن الحل الأمثل في التصدي للغش يتمثل في منع اصطحاب واستعمال الأجهزة الإلكترونية والهواتف الجوالة. والاعتماد في ذلك على باب الكتروني لكشف المعادن بدل أجهزة التشويش التي أثبتت ضعف نجاعتها. وكان أعلن في تصريحات إعلامية اعتماد جهاز المراقبة الجديد بداية من هذه السنة. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول مدى تبني الوزير الحالي لمقاربة سلفه في التصدي للغش؟ ومدى قدرة ميزانية الوزارة على تحمل النفقات الباهظة لهكذا تجهيزات وتركيزها في وقت واحد بمئات مراكز الاختبارات الكتابية لامتحان الباكالوريا. في انتظار الحسم في مقترح الوزير السابق وتحديد أنظمة المراقبة التي ستنتهجها الوزارة يبقى دور التحسيس والتربية على ترسيخ ثقافة السعي للنجاح عن جدارة ودون اللجوء إلى وسائل التحيل والغش لتحقيق فوز مغشوش من بين المهام الموكولة للعائلة وإلى الإطار التربوي وإلى الوزارة نفسها محافظة على مصداقية شهادة الباكالوريا وقيمتها وتكريسا لمبدأ الإنصاف بين التلاميذ والنجاح باستحقاق. ثقافة يفترض العمل على تكريسها لدى الناشئة منذ أول مسارهم الدراسي خاصة أن ممارسات الغش كانت ولا تزال تظهر بشكل مبكر في صفوف عدد من التلاميذ من مختلف المستويات وتتجلى باكورة تقنياتها وأساليبها في أهم امتحان تقييمي لمكتسبات التلاميذ وهو الباكالوريا. على أن توطيد حملات الحوار والتوعية بضرورة تجنب هذه السلوكيات لا تقلل من أهمية الجانب الردعي في التصدي لمحاولات الغش. وكانت وزارة التربية أعلنت عن تشديد العقوبات عبر أمر صدر في مارس 2017 ينص على تحجير الترسيم في امتحان الباكالوريا لمدة تتراوح من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات مع الرفت من المؤسسات التربوية العمومية عند الغش أو محاولة الغش أو سوء السلوك. وترتفع العقوبة إلى تحجير الترسيم في الامتحان لمدة تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات مع الرفت من المعاهد العمومية عند اقتران الغش بسوء السلوك.