يشهد احتياطي تونس من العملة الصعبة تدحرجا متواصلا منذ بداية السنة الجارية ليبلغ أدناه الجمعة الماضية حيث بلغ مستوى 82 يوم توريد أي ما يعادل 11609.8 مليون دينار لا غير . هذا التراجع فسره البنك المركزي ب"الدفوعات الهامّة بالعملة الأجنبية، التي تقوم بها عادة تونس في بداية كل سنة بعنوان تكوين المخزونات اللازمة من الطاقة والمواد الأولية الغذائية والصناعية لتأمين النشاط الاقتصادي إضافة إلى خدمة الدين". تركيز البعض على احتياطي تونس من العملة الصعبة، أنساهم -عن قصد أو عن جهل- ما هو أخطر وهو التدهور المستمر لمخزون حساب الخزينة Solde Compte du Trésor الذي بلغ الجمعة الماضي 454.6 مليون دينار )مقابل 11861 مليون دينار قيمة الأموال في السوق) .. وهذا الرقم كان الأسبوع الماضي 1182.3 والأسبوع الذي قبله1268.4 وقبله 3641.1 وهو ما يعني تدحرج متواصل لما يتوفر للدولة من مخزون مالي في الخزينة العامة ،التي يقع تمويلها من موارد الدولة )خاصة منها الجبائية والتمويلات الداخلية و غيرها من الموارد)... ..وهو ما يعني انه كلما انخفض هذا المخزون كلما عجزت الدولة عن تسديد نفقاتها اليومية. وكلما ارتفع حجم الأموال في السوق، كلما ارتفع منسوب الأموال المتداولة خارج الإطار المنظم وهو ظاهرة من ظواهر تنامي السوق الموازي... هذا الأمر كان عبر عنه الوزير السابق للاستثمار والتعاون الدولي والمالية بالنيابة فاضل عبد الكافي وصورّه بشكل كاريكاتوري عندما قال خلال مداخلته بمجلس نواب الشعب «وزارة المالية ولينا نسيرو فيها كيما العطار».. تعبيرة واضحة وتفسر بالضبط وضع الماليةالتونسية التي تشير قراءة في أرقام البنك المركزي أن تونس لم تعد قادرة على تحقيق التوازن بين مصاريفها ومداخيلها )بما في ذلك القروض) ولم تعد قادرة على إيجاد متطلبات خلاص الديون المتخلدة بذمتها وكتلة الأجور والدعم وتسيير الدولة إلا بمزيد الاقتراض لتصل نسبة المديونية ال 75 بالمائة ... وقد كشفت الأرقام الرسمية أن تسديد ديون الدولة يكلف ما يعادل 22 مليون دينار في اليوم الواحد ويكلف تسديد الأجور في الوظيفة العمومية 41 مليون دينار يوميا...كما أن الدولة مطالبة بخلاص 7972 مليون دينار كديون خلال سنة 2018 لتبلغ القيمة الجملية لمصاريف الدولة 35951 مليون دينار خلال هذا العام. وبالتالي فان العجز في الميزانية سيبلغ 5216 مليون دينار سنة 2018، ومن المنتظر أن تبلغ المديونية الجملية للبلاد 76165 مليون دينار أي بزيادة تقدر ب 12 بالمائة عن السنة الماضية. وضع كارثي تأمل الدولة في مواجهته وفي تطوير مستوى احتياطياتها من العملة الصعبة فقط مثلما عبرت عن ذلك رسميا، عبر «مبيعات زيت الزيتون وإيرادات تصدير التمور والموارد المنتظرة من السياحة»...وهي مرتكزات ضعيفة إن لم نقل مضحكة لا تكفي لتسيير دولة وتوفير حاجيات شعب.