رغم التقدم الحاصل في مفاوضاتهم مع وزارة الإشراف، والوعود التي قطعها وزير الصحة لتحسين وضعياتهم وظروف عملهم والاستجابة إلى جزء كبير من مطالبهم..، يواصل الأطباء الشبان تنفيذ حراكهم الاحتجاجي المستمر منذ عدة ايام من أجل تلبية مطالبهم ويهددون بالتصعيد أكثر في صورة عدم امضاء وزير الصحة على مشروع اتفاق تم التوصل إليه منذ الخميس الماضي.. وكان من المنتظر أن يتم أمس الثلاثاء ترتيب جلسة بين وزير الصحة عماد الحمامي ووفد من منظمة الأطباء الشبان لتوقيع مشروع الاتفاق، إلا أن الوزارة لم تتصل إلى حدود كتابة هذه الأسطر بالمنظمة لترتيب اللقاء، كما لم تتبادر إلى السطح إشارات ايجابية مطمأنة بشأن مصير الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين الطرفين، وفقا لما صرح به زياد بوقرة عضو المكتب التنفيذي للمنظمة ل»الصباح»، الذي عبر عن تشاؤمه وتخوفه من تراجع الوزير عن وعوده مثل ما فعل وزراء صحة سابقون.. وقال:»توصلنا إلى مشروع اتفاق تم بحضور مدير ديوان الوزير ينص على تلبية جل مطالبنا منذ الخميس الماضي ولا زلنا ننتظر رد الوزير دون جدوى.. ونرجو أن لا تنتهي بتملص من الاتفاق». عرف شهر فيفري الحالي الذي ينتهي اليوم بشهر ثورة الأطباء التونسيين الشبان تم فيه تنظيم تحركات احتجاجية متواصلة اتخذت لأول مرة أشكالا نضالية تصعيدية، إذ بدأت بوقفات احتجاجية ثم تطورت إلى إضراب حضوري بالنسبة للمقيمين والمتربصين لمدة ثلاثة أيام لتتوج حاليا بإضراب «نهاري» عن العمل مفتوح ومتواصل منذ 21 فيفري.. يشمل جميع المستشفيات والأقسام باستثناء أقسام الاستعجالي إلى حين الاستجابة لمطالبهم. ويطالب الأطباء الشبان من متربصين داخليين ومقيمين بالمستشفيات العمومية بإصدار القانون الأساسي المنظم لعملهم، ونشر الأمر المتعلق بالدراسات الطبية مع الحفاظ على الشهادة الوطنية لدكتور في الطب وتفعيل وزارة الصحة لطلب الإعفاء من واجب الخدمة العسكرية للأطباء ممن لا تسمح حالتهم الصحية أو الاجتماعية بذلك. وحسب بوقرة، فإن مطالب الأطباء الشبان ليست بجديدة بل هي مطالب مرفوعة منذ سنوات، لكن في كل مرة يتم فيها تعيين وزير جديد للصحة يتفهم المطالب ويعد بتنفيذها لكنه سرعان ما يتنكر لها حتى يتم تغييره في تحوير وزاري او عند تشكيل حكومة جديدة لتتم العودة الى نقطة الصفر.. وقال إن الوزارة تأخرت في تنفيذ مطالب الأطباء الشبان أو تماطلت فيها لأسباب واهية مثل التخوف من هجرة الأطباء الشبان إلى الخارج في صورة تمكينهم مثلا من مطلب أساسي يتمثل في إعادة هيكلة الدراسات الطبية في اتجاه عدم دمج درجة الدكتوراه في الطب مع شهادة الاختصاص كشرط لممارسة مهنة الطب، متهما لوبيات وأصحاب مصالح «يتمعشون» من قطاع الصحة بممارسة ضغوطات على الوزير حتى يتراجع عن وعوده.. مطالب بالجملة ويعارض الأطباء الشبان نظام عمل أقرته وزارة الصحة يمنع خريجي جامعات الطب من ممارسة هذه المهنة إلا بعد نجاحهم في اختبار تحديد الاختصاص الطبي. كما يطالبون بالحفاظ على الشهادة الوطنية لدكتور في الطب منفصلة عن شهادة الاختصاص. ويتمسك المحتجون بتعديل الأحكام الانتقالية ونشر الأمر المتعلق بالدراسات الطبية. ويطالب الأطباء الشبان أيضا بمراجعة قانون الخدمة المدنية به وتفعيل وزارة الصحة لطلب الإعفاء من واجب الخدمة للأطباء ممن لا تسمح حالتهم الصحية أو الاجتماعية بذلك، فضلا عن معالجة ملف أجور الأطباء الأجانب الذين درسوا بكليات الطب التونسية، بالنظر الى تدني الأجر الشهري للطبيب الأجنبي الداخلي أو المقيم الذي لا يتجاوز 300 دينار، إلى جانب مطالبتهم بانتداب أطباء متعاقدين لسد الفراغ الذي حصل منذ أن بدأت وزارة الصحة العمل بالنظام الجديد الذي يمنع ممارسة خريجي كليات الطب من العمل إلا بعد اجتياز اختبار الاختصاص بنجاح. يذكر أن منظمة الأطباء الشبان دعت يوم السبت الماضي منظوريها إلى «مواصلة تحركاتها الاحتجاجية ما لم تلتزم السلطة كتابيا بما تم الاتفاق عليه في الجلسات المنعقدة بينها وبين ممثلي المنظمة». وحمّلت المنظمة في بلاغ لها السلطة المسؤولية الكاملة عن الوضع «المؤسف الذي يعيشه القطاع اليوم كنتيجة مباشرة لعدم جديتها ووفائها لتعهداتها على مدى سبع سنوات». وكان وزير الصحة عماد الحمامي، قال في جلسة عامة حوارية بمجلس النواب إن جلسة ستنعقد مع الأطباء الشبان بداية الأسبوع (الجاري)، للتوصل إلى اتفاق ينهي إضرابهم القائم منذ 21 فيفري الجاري. لكن مصدرا بالوزارة أكد عدم وجود جلسة مبرمجة بين الطرفين على الأقل بالنسبة ليوم أمس الثلاثاء. التفاعل الشفوي لا يكفي.. التفاعل الايجابي للوزير مع مطالب الأطباء الشبان، لم ينفه زياد بوقرة عضو المكتب التنفيذي للمنظمة لكنه لاحظ أن التفاعل لا يكفي بل المطلوب الإمضاء كتابيا على الاتفاق الحاصل منذ قرابة أسبوع حتى تدخل حيز التنفيذ.. وقال إن الاستجابة الشفاهية تراها المنظمة غير كافية لتعليق التحركات الاحتجاجية خاصة أن الوزارة تراجعت في السابق في عهد وزراء سابقين عن تنفيذ إتفاقيات مضمنة في محاضر ممضاة.. وشدد بوقرة على أن الأطباء الشبان سيواصلون تحركاتهم حتى تحقيق جميع مطالبهم المشروعة، وقال إن المنظمة ستتولى متابعة مصير الأموال التي ستقطع من أجورهم بسبب الإضراب لأنهم يريدون تخصيصها لتحقيق مصلحة عامة مثل اقناء أدوية أساسية للمستشفيات العمومية.. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأمور، أفاد محدثنا بأن منظمة الأطباء الشبان قد تعقد قريبا لقاء صحفيا لتسليط الأضواء على آخر تطورات تحركاتهم الاحتجاجية، كما سيكون لها لقاءات إخبارية تشاورية مع منظوريها في كليات الطب الأربع بداية من اليوم..