عاشت الجامعة التونسية كامل الأسبوع المنقضي على وقع انتخابات ممثلي الطلبة بالمجالس العلمية بمختلف مؤسسات التعليم العالي،انتخابات اتسمت بالحماس والاندفاع وشهدت خلالها مختلف الجامعات والكليات والمعاهد العليا تنافسا فكريا وايديولوجيا وسياسويا بين خاصّة الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العام التونسي للطلبة ولكن هذه الانتخابات سجّلت بدورها بروزا لافتا للطلبة المستقلين الذين استطاعوا أن يقنعوا زملاءهم بخطاب براغماتي يقدّم مصالح الطلبة على الصراعات الفكرية والايديولوجية التي مازالت الجامعة ومنذ عقود تمثّل الفضاء الأساسي لهذه الصراعات. وكان من المفترض أن تنهي عملية إعلان نتائج انتخابات المجالس العلمية اللغط والجدل الذي تواصل لأسابيع ماضية،غير أن العكس يبدو صحيحا وأن المسألة تتجه لأزمة أكثر عمقا وحدّة،خاصّة بعد تشكيك ورفض الاتحاد العام لطلبة تونس النتائج المعلنة من وزارة التعليم العالي وقد اتهم الاتحاد العام لطلبة تونس الوزارة بالتحايل والتلاعب وتزوير النتائج وقرّر الطعن أمام القضاء في هذه النتائج بالإضافة الى اعتزامه تنفيذ تحركات احتجاجية خلال الأسبوع القادم على خلفية النتائج المعلنة. وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد أعلنت في بلاغ لها أوّل أمس الجمعة، أن انتخابات ممثلي الطلبة بالمجالس العلمية التي تم إجراؤها غرّة مارس الجاري، بجميع مؤسسات التعليم العالي قد أفرزت انتخاب 542 طالبا على المستوى الوطني، حصل خلالها الاتحاد العام التونسي للطلبة،وهو الفصيل الاسلامي بالجامعة على 266 مقعدا بنسبة 49% والاتحاد العام لطلبة تونس ذو التوجهات اليسارية على 147 مقعدا بنسبة 27% فيما استطاع الطلبة المستقلون الفوز ب129 مقعدا بنسبة 24% من مقاعد المجالس العلمية. الاتحاد العام للطلبة «يطعن» في النتائج أكدت الأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس أماني ساسي،في تصريح ل»الصباح» أن الاتحاد يطعن في النتائج المعلنة من وزارة التعليم العالي،وأنهم واثقون من كون الاتحاد استطاع أن يفوز ب331 مقعدا وفق النتائج التي تم رصدها في مختلف الكليات والمعاهد العليا. وتضيف أماني ساسي «نحن لن نصمت على هذا التلاعب والتحايل ونحن نملك كل المؤيدات التي تثبت فوز الاتحاد العام لطلبة تونس ب331 مقعدا ونتحدّى وزارة الاشراف أن تثبت العكس ونحن اليوم نرفض قطعيا ونفنّد بالحجة والبرهان النتائج المعلنة من الوزارة ونعتزم تقديم قضية للطعن في هذه النتائج واليوم هناك 500 محام من أبناء الاتحاد تجنّدوا لرفع القضية، كما وأن 331 ممثلا للطلبة من أبناء الاتحاد والذين نحن واثقون من فوزهم بمقاعد في مجالس علمية سوف يتجمعون في وقفة احتجاجية هذا الأسبوع أمام مقرّ وزارة التعليم العالي للمطالبة برحيل وزير التعليم العالي الذي أثبتت مرّة أخرى انحيازه هذا الانحياز الذي بلغ به حدّ التلاعب بالنتائج». ومن المتوقّع أن يعقد الاتحاد العام لطلبة تونس في غضون الأسبوع القادم ندوة صحفية لكشف ما وصفه بالمغالطات والتلاعب بنتائج انتخابات المجالس العلمية. الأحزاب حاضرة في انتخابات المجالس العلمية أعدّت منظمة «أنا يقظ» تقريرا أوليا حول مراقبة انتخابات المجالس العلمية وذلك بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي،وقد ذكرت المنظمة في تقريرها أنها رصدت عدّة اخلالات،أبرزها عدم سيطرة إدارة المعاهد العليا والكليات على الهياكل التي يمثلها المرشحون مما نتج عنه بروز خطاب سياسوي - حزبي كالذي شهدته كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس قبل وأثناء يوم الاقتراع. كذلك لاحظت «أنا يقظ» غيابا للأمن خارج حرم المؤسسات الجامعية بنسبة بلغت 90 % خاصّة تلك التي جدت فيها اشتباكات ككليتي الآداب والعلوم الإنسانية بتونس وسوسة وكليتي الحقوق بصفاقس وسوسة. ورصدت المنظمة المختصّة في مراقبة الانتخابات كذلك ضعف الإطار القانوني لهذه الانتخابات، وتجلّى ذلك خصوصا ووفق ما ورد في تقرير «أنا يقظ» من خلال ما جد في كلية الحقوق بصفاقس، اذ تساوى عدد أصوات المرشحين عن مرحلة الماجستير ب77 صوتا لكلا الطرفين، فالتجأ العميد (حسب المنشور الوزاري المنظم للانتخابات) للقرعة مما نتج عنها احتجاج من طرف أحد المرشحين وصل حد تبادل العنف. كما ذكرت «أنا يقظ» أن عمليات الاقتراع والفرز توقفت في عديد المناسبات نتيجة للاشتباكات في كل من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة والمعهد العالي للدراسات القانونية بقابس. ورصدت المنظمة أيضا عدم احترام للصمت الانتخابي في المؤسسات الجامعية بنسبة 95 % إضافة إلى عدم احترام أوقات فتح وغلق مكاتب الاقتراع في كل من كلية العلوم بتونس والمعهد العالي للدراسات القانونية بقابس. وكذلك رصد المنظمة إمكانية تصويت طلبة غير تابعين للمؤسسة الجامعية بكلية العلوم بتونس مستغلين في ذلك تأخر حصول طلبة مرحلة الدكتوراه على بطاقة الطالب، ما شكل عائقا للتأكد من انتمائهم للمؤسسة. عدم مراعاة خصوصيات الطلبة الأجانب الذين نالوا حقهم في الانتخاب هذه السنة، حيث كانت كل المعلقات المسهلة لعملية الانتخاب باللغة العربية دون سواها. ودعت منظمة «أنا يقظ» في بيانها كذلك، الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العام التونسي للطلبة الى تحمّل مسؤوليّاتهما في عدم الزج بالمؤسسات الجامعية في نزاعات سياسوية وحزبية والتركيز على مطالب منظوريهم بما يضمن مصلحة الطلبة والجامعة التونسية. ومن المتوقّع أن تلقي هذه الانتخابات وخاصّة نتائجها بظلالها على الشأن الجامعي في قادم الأيام،خاصّة مع التحرّكات الطلابية المزمع تنفيذها بداية من الأسبوع القادم.