أفاد محمد الصادق جبنون استشاري في الاستثمار ل «الصباح» بان قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من قبل البنك المركزي بما يناهز ال 71 نقطة لتصل إلى 5.75 بالمائة سيكون له نتائج وخيمة على الوضع الاقتصادي في البلاد خاصة على محركات الاستهلاك والاستثمار. وبين جبنون أن الترفيع في نسبة الفائدة سيضرب مباشرة الاقتراض بالنسبة للمؤسسات والأفراد على حد السواء باعتبار ارتفاع تكاليف القروض التي ستكون باهظة وهو ما سيحد من محرك الاستهلاك الذي يعاني أصلا من حالة ركود منذ فترة. فاليوم، يمكن أن تصل نسبة الفائدة في العديد من أصناف القروض إلى حدود ال 12 بالمائة وهو ما سيؤدي حتما إلى عزوف الشركات على الاقتراض من البنوك لأنها ستجد صعوبة في سدادها وفي الاقتراض من جديد وهو ما سيعطل نسق الاستثمار والتشغيل في ذات الوقت، حسب ما أفاد به محدثنا. وأضاف جبنون في نفس السياق، أن قرار الترفيع في نسبة الفائدة سيعمق مشكلة الضغط الجبائي الذي بلغ حدود ال 30 بالمائة وبالتالي مزيد إثقال كاهل المؤسسات والشركات بأعباء مالية جديدة إلى جانب الإجراءات الجبائية والاداءات التي ضمنها قانون المالية لسنة 2018. ووصف جبنون هذه الضغوطات ب «الخلطة الخطيرة» التي أثرت سلبا على الوضع الاقتصادي وأدت بالبلاد إلى خسارة أهم المعارك وهي معركة التشغيل وتوفير فرص عمل جديدة بسبب تعطل الاستثمار في جميع القطاعات. بالمقابل، توقع جبنون في ظل تنامي نسبة التضخم التي وصلت إلى حدود ال 7.1 بالمائة حسب بيان البنك المركزي مزيد الترفيع في نسبة الفائدة في ما بين نقطة ونقطة ونصف على المدى المنظور أي خلال الثلاثة أشهر القادمة وهو ما سيزيد من تأزم الوضع الاقتصادي، مبينا أن هذه التوقعات مبنية أساسا على اتفاق البنك مع صندوق النقد الدولي وفي ظل غياب معاضدة السياسة النقدية بالسياسة الاقتصادية، فضلا عن عدم امتلاك محافظ البنك المركزي لهامش مناورة. من جهة أخرى، اعتبر جبنون أن الأسباب المتأتية من الترفيع في نسبة الفائدة تعود بالأساس إلى تنامي الواردات وعدم التحكم في مسالك التوزيع التي تشهد تناميا لظاهرتي الاحتكار والمضاربة، نافيا في المقابل أن تكون الأسباب الحقيقة تلك التي تندرج ضمن النظرية التقليدية التي لا تتماشى مع العوامل الجديدة والمتغيرات التي عرفتها البلاد إلى جانب توسع السوق الموازية التي تستحوذ على 50 بالمائة. كما أوضح جبنون أن قرار الترفيع في نسبة الفائدة لن يكون ناجعا لان التضخم في تونس الذي ناهز ال 7.1 بالمائة يعود بالأساس إلى انخفاض قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وتواصل سياسة البنك المركزي في الدفاع المبطن عن أزمة الدينار والحال أن البنك مطالب اليوم بإيجاد حلول لجعل مرونة في سعر الصرف. ويرى محدثنا أن هذا الوضع الصعب الذي يمر به اقتصاد البلاد في ما يخص تعطل أهم المحركات الاقتصادية يتطلب رفع القيود الضريبية وتحرير الاستثمار مع مراعاة الخصوصيات التونسية وإطلاق الحريات الاقتصادية عبر إلغاء البيروقراطية بوصفها «مدمرا للاستثمار»، المحرك الأبرز في المنظومة الاقتصادية باعتباره يوفر لوحده 3 نقاط نمو حسب ما أكده البنك الدولي في تقريره « دوينغ بيسنس». كما أشار جبنون إلى أهمية عودة الإنتاج في ابرز محركات الاقتصاد أهمها في قطاع الفوسفاط لما له من دور مهم في تعافي التصدير وإنعاش مخزوننا الوطني من العملة الصعبة الذي بلغ أدنى مستوياته ليصل إلى غاية يوم أمس إلى حدود ال 78 يوم توريد أي ما يناهز ال 11 مليار دينار أي ما يعادل رقم معاملات مؤسسة متوسطة في الاتحاد الأوروبي، حسب تعبير محدثنا.