استطاعت الممثلة المسرحية أماني بلعج أن تفرض نسقها كسيدة ركح بامتياز وتثبت أن اختيارها للمسرح في تكوينها الأكاديمي باعتبارها خريجة المعهد العالي للفن المسرحي أو في عملها ونشاطها في الساحة الثقافية، لم يكن بدافع الصدفة أو الضرورة بل نابعا من حب المسرح الذي شقت طريقها فيه منذ سن مبكرة أي في عمر الخامسة عشرة سنة بالمشاركة في خمسة أعمال مسرحية كبرى مع الفرقة المسرحية بصفاقس مع المسرحي حسونة الليلي. إذ يكفي الاستشهاد بأنها توجت ست مرات بجائزة أفضل ممثلة مسرحية على المستويين الوطني والدولي لتحظى بإجماع أهل الميدان على تميزها. الصباح تحدثت مع هذه الممثلة وتطرقت لعدة مسائل في الحوار التالي: * بم تفسرين الاكتفاء بالعمل مع المخرج وليد الدغسني في السنوات الأخيرة رغم التجارب العديدة التي خضتها مع مخرجين مسرحيين في السابق؟ -صحيح أني خضت تجارب مختلفة سواء بعد تخرجي من المعهد العالي للفن المسرحي أو بالموازاة مع دراستي الجامعية، ولكن تقاطعي مع وليد الدغسني في الخطوط العريضة لمشروع مسرحي متكامل له خصوصية فيها إضافة لما هو موجود في تونس ويقطع مع النمطية ولا يسقط في التقليد او الاستنساخ، من العوامل التي جعلتني أتمسك بهذا الخط لتتطور التجربة بعد تأسيس شركة انتاج مشتركة وتقديمنا عديد الأعمال المتميزة التي تركت بصمتنا وبينت خصوصية مشروعنا الذي فيه تصوير للواقع التونسي الذي أعتبره أشبه ما يكون بالوضع الكارثي. إذ يكفي ما حققته مسرحياتنا من ردود أفعال في الداخل والخارج على غرار «انفلات» و»التفاف» و»الماكينة» و»ثورة دون كيشوت» وصولا إلى العملين الجديدين «شياطين أخرى» و»سمّها ما شئت». * قلت أنك سبق أن تعاملت مع مسرحيين آخرين، كيف تقيمين تجاربك تلك مع ما تقدمينه اليوم؟ -أعترف أنه لا مجال للمقارنة بين جميع الأعمال والأشخاص الذين عملت معهم لأن لكل عمل ظروفه وخصوصيته ثم أني سبق أن شاركت في أول تخرجي مع جعفر القاسمي في «بوراشكا والفلايك ورق» و»ليلة في حلق الوادي» للمخرج منير العرقي وغيرها من الأعمال الأخرى لسليم الصنهاجي وغازي الزغباني. ولكن ما قدمته مع وليد الدغسني هو ثمرة مشروع نابع من حب المهنة والحسم في الإخيتار خاصة أني متفرغة للتمثيل وحريصة على تطوير تجربتي وأدواتي الخاصة في العمل لأن المسرحي في تقديري في حاجة أكيدة لتطوير ملكاته وأدواته. *ما هي الأدوات التي تتحدثين عنها بخلاف ما يتلقاه المسرحي في تكوينه الأكاديمي أو الموهبة التي يمتلكها؟ -أنا لا أتحدث عمن يختار التهريج والاستسهال بل أقول ذلك انطلاقا من تجربتي الشخصية وقناعتي بأن الآداء الناجح يتطلب الصدق في الفعل والإيمان بالقضايا المطروحة في العمل والشخصية التي يتقمصها الفنان. وهذا ما احرص على الالتزام به في أعمالي وأسعى لتطويره وهو ما انعكس في أعمالي الأخيرة وبدأنا نجني ثماره كفريق عمل متكامل نؤمن بنفس الفكرة والمبادئ. * هل تعني أن ما تقدمونه قادر على ضمان «الإيفاء» بالحاجة المادية رغم تعارضه مع المسرح التجاري؟ -من المؤسف أننا نصرف من مالنا الخاص على بعض أعمالنا باستثناء بعض الأعمال التي تحصلنا فيها على دعم من وزارة الشؤون الثقافية. ويكفي أن استشهد بالعمل المونودرامي الأخير «سمها ما شئت». ولكن من حسن حظنا ان ما نقدمه يشد الجمهور وأغلب العروض التي قدمناها في السنوات الأخيرة في كامل جهات الجمهورية دارت أمام شبابيك مغلقة. * لماذا ظلت أماني بلعج خارج دائرة الضوء رغم ما حظيت به من جوائز؟ -أعترف أني كلما شاركت خارج تونس اجد حفاوة كبيرة ولكن في بلدي الأمر مختلف. يحز في نفسي ما ألاقيه من تعتيم في تونس مقابل الحفاوة الكبيرة في الخارج. * لماذا ترفضين الأعمال التلفزية؟ -سبق أن خضت تجارب مع المخرج الحبيب المسلماني في عديد الأعمال عندما كنت طالبة وذلك لأسباب مادية بحتة ولكن اليوم أنا أرفض تكرار التجربة لأن ما يقدم اليوم لا يشدني خاصة أني أهتم بالمضمون مثلما سبق وذكرت، لذلك اكتفيت بالركح لا غير. وأعرف أن في اختيار ي لهذا الطريق ذي المردودية المحدودة إن لم تكن صعبة نابع عن قناعة وحب. * ما هو مشروعك الجديد؟ -شغلنا الشاغل اليوم مسرحية «شياطين أخرى» التي شاركت للمرة الأولى في الدورة الأخيرة لمهرجان أيام قرطاج المسرحية وهي تتمة لمشروعنا المسرحي في شركة «كلانديستو» وما حظيت به من ردود أفعال مفادها ما أحدثته من نقلة نوعية في المسرح التونسي يدفعنا لمواصلة العمل بثبات في هذا المشروع. رغم ما نواجهه من تعتيم وصعوبات لتقديم أعمالنا في ظل الوضع الثقافي المتقلب في تونس اليوم. كما أني منشغلة ايضا بمسرحية «سمها ما شئت» لأنها من نوع المونودراما التي تتطلب نفسا واستعدادا وحضورا كبيرا لاسيما في ظل الطلبات لعرضها في الخارج.