اعتبر المسرحي وليد الدغسني ان في تنظيم الدورة التاسعة عشرة لمهرجان أيام قرطاج المسرحية في موعدها والمحافظة على سنويتها مكسبا للمسرح والمسرحيين التونسيين بقطع النظر عن القيمة الفنية ومستوى العروض والبرنامج وصف المسألة «بالمعجزة». وقال في نفس السياق: «ما يحسب للمسرحيين التونسيين على حد السواء هو وقفتهم صفا واحدا ضد محاولة ضرب صرح هذا المهرجان خاصة بعد أن أصبح سنويا. ويكفي أنه بإمكانيات محدودة وفي ظرف وجيز تسنى ضبط برنامج ثري ومتنوع قيّم وذلك بفضل مجهودات جماعية ساندت الهيئة المديرة دون مقابل». ويؤكد هذا المسرحي الشاب منزعه المسرحي والفني المتفرد تقريبا في تونس اليوم مقارنة بالتجارب والأنماط المسرحية الأخرى وذلك بعد التجارب السابقة التي قدمها وتركت «وقعها» في الوسطين الفني والجماهيري على غرار «الماكينة» وثورة دون كيشوت» ليطل هذه المرة من خلال مشروع مسرحي جديد «شياطين أخرى» سيقدم العرض الأول له يوم 11 من الشهر الجاري في إطار مهرجان أيام قرطاج السينمائية. وأكد هذا المسرحي الشاب أن هذا العمل المسرحي الجديد سيكون حاضرا في هذا المهرجان لكن خارج سياق المسابقة الرسمية. وعلل ذلك بقوله «في الحقيقة كنت وفريق العمل في سباق مع الزمن لأنا كنا نراهن على المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها لهذا العام ولكن العمل لم يكن جاهزا في الموعد المحدد خاصة أنه لم يعرض بعد أمام لجنة الدعم التابعة لوزارة الشؤون الثقافية. ثم أنه يكفينا شرفا المشاركة في هذا المهرجان باعتبار أن مشروعنا لا يتوقف على تظاهرة أو حدث او موعد وإنما عمل قضينا أكثر من خمسة أشهر في التدرب عليه ونسعى لتقديمه على أوسع نطاق داخل تونس وخارجها». حول نفس العمل، الذي يتولى فيه وضع الدراماتورجيا والإخراج، أفاد وليد الدغسني أن مدته أكثر من ساعة ويحافظ فيه على التعامل مع نفس المسرحيين تقريبا الذين شاركوه في مسرحيته الأخيرة «ثورة دون كيشوت» وهم كل من أماني بالعج ومنير العماري وناجي قنوات وأسامة كشكار. وفيما يتعلق بمضمون «شياطين أخرى» أكد مخرجه «إنه مسرح طقسي أي أنه عمل يخلق نوعا من القداسة المسرحية من خلال الجسد والنص والحركة على نحو يجعل من الفضاء المحتضن للعرض جزءا من العرض» وذلك من خلال ما يضفيه على الحضور من هيبة خاصة أن هذا العمل قابل للعرض في أي فضاء سواء أكان ذلك قاعة عروض او كنيسة او منزل مهجور حسب تأكيد مخرجه. وأفاد أن السينوغرافيا والقراءة الركحية التي وضعها خادم في تفاصيلها وأبعادها للتوجه العام للعرض على نحو يجعل الفضاء أقرب لزاوية. ولعل ما جعل وليد الدغسني ينحو هذا المنهج الفني الفلسفي في هذا العمل هو مضمون المسرحية التي يتناول فيها الصراع القائم بين ما هو علمي فيزيائي وما هو غيبي ميتافيزيقي ليكون المحور العام كونيا أكثر منه تطرقا لجانب من الهوية الوطنية. وأكد محدثنا في جانب آخر من حديثه أنه اختار في هذا العمل الابتعاد عما هو سياسي واجتماعي والخوض في مسألة إنسانية كونية ليطرحها بطريقة فنية راقية، حسب تأكيده. كما شدد على ان خصوصية العرض وخوضه في مسألة «الغيبيات» و»العلم» بطريقة فنية فيها فرجة ونقد وإفادة من العوامل التي تجعل هذا العمل مطلوبا بقوة سواء لدى الجمهور أو في المناسبات والتظاهرات المسرحية والثقافية والمهرجانات. لأنه يعتبر هذا النوع من الأعمال هي مطلوبة أكثر من غيرها من الأعمال التي يعتقد البعض أنها أكثر حظا في الاقبال الجماهيري من نوع ما وصفه ب»التجارية الشعبوية». وبين أن نفس العرض سيدخل في سلسة من العروض مباشرة بعد أيام قرطاج المسرحية.