لم يعد الامر يتعلق بما اذا كان الرئيس الامريكي سيلتقي بالرئيس الكوري الشمالي عدوّه الاول، ولكن أين سيكون اللقاء الذي تحدد موعده في خلال أسابيع، بما يعني جديا أن السياسة لا تعرف المستحيل وأن صديق اليوم يمكن أن يكون عدو الغد والعكس صحيح أيضا... وهذه أول الرسائل التي يتعين الانتباه لها في هذا الحدث الذي سيتوقف عنده العالم بعد أن بات المستحيل ممكنا.. والحقيقة أنه لولا توفر الارادة السياسة وتحرك كوريا الجنوبية بالدرجة الاولى للدفع الى هذا التقارب والاعلان عن لقاء كوري شمالي أمريكي هو الاول منذ زيارة مادلين أولبرايت في تسعينات القرن الماضي الى هذا البلد عندما كانت المجاعة عنوان كوريا الشمالية.. والاكيد أيضا أنه لولا الدور الياباني بالدرجة الثانية والصين ايضا لما تم هذا التحول. والحقيقة أن التجارب النووية لكوريا الشمالية شكلت مصدر انشغال كبير لدول المنطقة التي لم تسقط من ذاكرتها اهوال القصف الامريكي لهيروشيما وناكازاكي.. المجتمع الدولي يتحرك والقوى الكبرى تخرج عن الصمت والحياد عندما يتعلق الامر بلعبة المصالح الانية والمستقبلية.. وهذا ما لم يدركه الحكام العرب الذين استهانوا بجل الملفات والازمات الحارقة فتركوا الحروب والصراعات تأكل الاخضر واليابس وتمزق الاوطان وتدمر الشعوب فاستبيحت الكرامة وغابت القيم ودمرت أجيال وهذا ما لم تسمح به الشعوب الاسيوية التي عرفت كيف تؤثر على الرئيس الامريكي الذي يوجه الصفعات تباعا للعرب باعلانه صفقة العصر والتنازل عما لا يملك لمن لا يستحق.. كيف تم التوصل الى هذا الاتفاق وما الذي جعل الرئيس الامريكي دونالد ترامب يغير موقفه من الزعيم الكوري الشمالي تلك مسألة قد تتضح مستقبلا عندما يزاح الستار عن تفاصيل اللقاء... أول تداعيات انتشار خبر اللقاء الامريكي الكوري الشمالي ارتبطت بارتفاع أسعار عقود النفط الاسيوية.. وقد تتلوها اهتزازات اخرى في الاسواق المالية العالمية في خضم الحرب التجارية الامريكية الاوروبية... الخبر المفاجأة الذي يجمع الخبراء على وصفه بالحدث التاريخي جاء في الساعات القليلة الماضية باعلان البيت الابيض قبول لقاء الرئيس الكوري الشمالي، تحول لم يكن بالمستبعد بالنسبة لمتتبعي أخبار الكوريتين والتقارب الحاصل بينهما منذ انطلاق الالعاب الاولمبية الشتوية والحضور القوي لكوريا الشمالية ممثلة في شقيقة الرئيس الكوري وموضوع ثقته الكبرى... ورغم أن نائب الرئيس الامريكي بينس لم يلتق احدا من الرسميين خلال تلك الالعاب الا أن رسائل غير مباشرة استمرت بين الجانبين قبل أن يتضح اعلان الرئيس الكوري الشمالي التوقف عن الاختبارات النووية.. قبل حتى وصوله الى البيت الابيض ظل الرئيس الامريكي يصر على شعار"امريكا أولا" وظل يعتبر كوريا الشمالية جزءا من محور الشر. وذهب ترامب الى حد التهديد بازالة كوريا الشمالية من الخارطة بعد أن اتهمه الرئيس الكوري الشمالي بالجنون، الامر الذي لم يقبله ترامب وظل يجاهر بالعداء للرئيس الكوري على تويتر.. صحيح أنه من السابق لاوانه الانسياق للتفاؤل والانتشاء بنهاية الازمة مع كوريا الشمالية والاكيد ان هناك تجارب سابقة في التعامل مع مسألة السلاح النووي كما هو الحال مع المشروع النووي الليبي ثم السوري وقبل ذلك العراقي... ولكن الاكيد أن موقع الدول العربية المعنية والجغرافيا غير موقع كوريا الشمالية والرئيس الكوري الشمالي الذي سيكون المنتصر الاكبر في حال تم اللقاء بينه وبين ترامب...