صدر في المدة الأخيرة عن دار الأهرام للطباعة والنشر (1438ه/ 2017م) كتاب قيم متوسط الحجم بعنوان «منهج شيوخ الزيتونة في إعداد الخطب الجمعيّة» لصديقنا العزيز فضيلة الدكتور علي العلوي حفظه الله أستاذ الفقه وعلومه بالمعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة تونس فأثرى بذلك المكتبة الإسلامية، وقد تولى تقديم هذا الأثر حضرة الدكتور منير بنجمور استاذ بالجامعة الزيتونية. يحتوي الكتاب على مقدمة بيّن فيها المؤلف الاسباب التي جعلته يختار موضوع بحثه ومن أهمها الدور الهام والفعال للخطيب في المسجد باعتباره مرشدا للناس ومبينا للأحكام الشرعية داعيا الى اتباع أوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه، ولان وظيفة الخطيب والامام من أهم الوظائف في المجتمع لأنه شارح لأحكام الدين الاسلامي، ومبينه للناس وللذين ينصتون اليه يوم الجمعة، وهو في كل هذه الاعمال مقتد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد المقدمة يأتي الفصل التمهيدي الذي وضح فيه المؤلف معنى المنهج وحقيقة الخطبة، ثم يمر بعد ذلك الى الفصل الاول وهو بعنوان «استدلال شيوخ الزيتونة بالقرآن الكريم في خطبة الجمعة» وقد اقتصر على اختيار البعض من مشائخ الزيتونة الذين تداولوا إمامة المساجد والخطابة يوم الجمعة والعيدين والذين نشرت خطبهم في كتب أو دوريات وهم على التوالي: 1)الشيخ المرحوم محمد العزيز جعيط (ت1970) (2) الشيخ المرحوم محمد الشاذلي النيفر (ت1997) (3) الشيخ المرحوم مصطفى كمال التارزي (ت2000) (4) الشيخ المرحوم محمد بن ابراهيم (ت2000) (5) الشيخ محمد المختار السلامي حفظه الله ورعاه (6) الشيخ المرحوم محمد الاخوة (ت1994)، (7) الشيخ المرحوم محمود بيرم (ت2016) هذا وقد لاحظ المؤلف أن اكثر شيوخ الزيتونة يتبعون المذهب المالكي مذهب الوسطية والاعتدال ولذلك فهم يحرصون على الاستدلال بالقرآن الكريم و بالسنة النبوية الشريفة في كل خطبهم. يقول المؤلف عند حديثه عن العلامة الشيخ المختار السلامي حفظه الله: «تميزت كل خطب الشيخ محمد المختار السلامي بالعمق والثراء المعرفي حيث كان كثير الاستشهاد بالقرآن الكريم وبالاحاديث النبوية الشريفة في جميع هذه الخطب» (ص51) ويقول في موضع آخر من الكتاب عند حديثه عن المنعم فضيلة الشيخ محمد الأخوة:»لاحظت بعد دراستي لخطب الشيخ كثرة استدلاله بالكتاب العزيز بل انه كثيرا ما ينطلق في خطبته الجمعيّة بايراد جملة من الآيات القرآنية ثم يتوسع في شرحها» (ص56) وهذا رد قوي على بعض الوعاظ الذين ادعوا أن الامام لا يفسر القرآن في خطبه الجمعيّة. الفصل الثاني من الكتاب يحمل عنوان: «استدلال شيوخ الزيتونة بالسنة النبوية في خطبة الجمعة» لانها المصدر الثاني للتشريع الاسلامي ولان الرسول صلى الله عليه وسلم مبلّغ عن ربه، وقد أمر الله تعالى باتباعه والاقتداء به، وهذا ما كان يفعله شيوخ الزيتونة في خطبهم، أمثال شيخ الاسلام محمد العزيز جعيط والشيخ حسن الخياري (ص67) والشيخ محمد الاخوة (ص76) والشيخ محمود بيرم (ص78). الفصل الثالث من الكتاب عنوانه: «عناية شيوخ الزيتونة باللغة العربية في خطبهم واهتمامهم باسرار التشريع وحِكَمِهِ»، اذ أن اللغة العربية هي الاداة الفعالة والوسيلة المثلى للدعوة وتفهيم الناس مبادئ الدين الاسلامي واحكامه وقد لاحظ المؤلف عند دراسته لخطب الكثير من شيوخ الزيتونة العناية الكبرى باللغة العربية وبأسرار التشريع امثال الشيخ عبد الرحمان خليف والعلامة الشيخ محمد العزيز جعيط ( ص 84) والمصلح الشيخ سالم بوحاجب (ص98). الفصل الرابع والاخير من الكتاب يحمل عنوان: «عناية شيوخ الزيتونة في خطبهم الجمعيّة بالواقع المعيش وبالمستجدات وبكل ما يحدث في مجتمعهم وفي زمنهم» إذ كان هؤلاء الشيوخ الافاضل حريصين على مسايرة الزمن في خطبهم الجمعيّة مطلعين على كل ما يحدث في قراهم ومدنهم ووطنهم مدركين لما يجري في الكرة الارضية من احداث وما يظهر من اكتشافات واختراعات حتى يتناولها في خطبهم الجمعيّة ويتمكنوا من ابراز رأي الشريعة الاسلامية فيها. وقد ذكر المؤلف نماذج من شيوخ الزيتونة الاجلاء المواكبين لعصرهم امثال: الشيخ محمد العزيز جعيط (ص111) والشيخ محمد الشاذلي النيفر (ص112) والشيخ محمد بن ابراهيم (ص114) والشيخ محمد المختار السلامي (ص115) تلك هي نبذة وجيزة عن هذا الكتاب القيم الذي سيفيد الأئمة الخطباء وأهل الفكر والثقافة الاسلامية تاركين للقارئ الكريم متعة الاطلاع عليه عن قرب مجددين ابتهاجنا وتهنئتنا لصديقنا العزيز فضيلة الاستاذ الدكتور علي العلوي متمنين له موفور الصحة والعافية حتى يواصل عطاءه العلمي وانتاجه الفكري المفيد داعين الله العلي القدير ان يجازيه عما قدمه احسن الجزاء.