أعلنت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني منذ أيام عن التخفيض في الترقيم السيادي لبلادنا من ب 1 وأفق سلبي إلى ب 2 أفق مستقر. وفي الحقيقة لم يكن هذا التخفيض مفاجئا بعد بعض التطورات السلبية التي عرفناها في الأسابيع الأخيرة ووضع بلادنا على القائمات السوداء للإتحاد الأوروبي. كما يجب الإشارة كذلك إلى التقرير الذي أصدرته نفس الوكالة حول القطاع البنكي ومستوى المخاطر الكبيرة التي يعرفها بفعل مستوى الديون المعلقة خاصة عند البنوك العمومية. ولئن كان هذا التخفيض منتظرا فإن تأثيراته السلبية ستكون كبيرة على اقتصادنا في الأيام والأسابيع القادمة فخروجنا على الأسواق العالمية قبل نهاية هذا الشهر سيتأثر بهذا القرار وسيكون له دون شك انعكاس على نسبة الفائدة التي سيطلبها المستثمرون العالميون مقابل الرقاع السيادية التونسية. ولتفسير هذا القرار أكدت وكالة «موديز» على مسألتين هامتين: المسألة الأولى تهم تفاقم مديونية بلادنا والتي وصلت إلى 70% من الناتج الداخلي الخام خلال السنة المنصرمة وإمكانيات تطوره خلال السنوات القادمة. وتطور المديونية ناتج عن تنامي العجز الداخلي وبصفة خاصة عجز ميزانية الدولة. المسألة الثانية التي تفسر قرار وكالة «موديز» تهم العجز الكبير للحساب الجاري والذي وصل 10,4% خلال السنة المنصرمة. وهذا العجز مرشح كذلك للتطور خلال السنوات القادمة. إن قرار التخفيض وضع الإصبع على أهما التحديات والصعوبات التي يعرفها اقتصادنا وتخص التوازنات المالية الكبرى للبلاد أي توازن المالية العمومية والتوازن التجاري والمالي الخارجي. ويشكل هذان التحديان مربط فرس الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلادنا والتي تتواصل منذ سنوات. وفي رأيي ولطالما لم نضع الحلول الضرورية لحلحلة هاتين المسألتين ورفع هذين التحديين فإن بلادنا ستواصل التعايش مع الأزمات المختلفة والخوف في بعض الفترات من عدم قدرة الدولة على احترام التزاماتها وعلى المستويين، فالحلول معروفة ودرسناها وناقشناها في عديد المناسبات وما تتطلبه اليوم هو القدرة والشجاعة على تطبيقها على أرض الواقع من أجل التخفيض من عجز وتراجع التوازنات المالية الكبرى لبلادنا.