أعلن معهد الإحصاء منذ أيام على تطور مؤشر الإستهلاك العائلي لشهر مارس المنقضي وللأسف لم تكن الأخبار جيدة فقد سجلت نسبة التضخم عند الإستهلاك ارتفاعا في الشهر المنقضي بلغ 7,6 % مقارنة بشهر فيفري والذي كان فيه هذا المؤشر ب 7,1 % و6,9 % في شهر جانفي. ويشير تقرير معهد الإحصاء أن هذا الإنفلات التضخمي إلى الإرتفاع الذي عرفته أسعار المواد الغذائية من 7,7 % إلى 8- % وتشير الأرقام حسب الإنزلاق السنوي إلى تطور هام في أسعار الغلال بمعدل 23,4 % وأسعار الزيوت الغذائية بمعدل 13,7 % وأسعار الأسماك بنسبة 10,4 % وأسعار اللحوم بنسبة 9,7- % أما المؤشر الثاني وراء هذا الإنفلات التضخمي فيخص ارتفاع أسعار شغل والتي عرفت تطورا ب 10 % مقارنة بنفس الشهر من السنة المنقضية نتيجة ارتفاع أسعار السيارات (10,6 %) وأسعار مواد استعمال السيارات وقطيع الغبار (10,6 %) وأسعار المحروقات. أما المساهم الثالث في هذا الإنفلات التضخمي فيهم ارتفاع أسعار الملابس والأحذية نتيجة انتهاء موسم التخفيضات الشتوية وعودة الأسعار إلى نسقها العادي. جملة المعطيات التي قدمها تقرير معهد الإحصاء حول التضخم تشير إلى مسألتين هامتين المسألة الأولى مرتبطة بالتطور الكبير الذي يشهده التضخم في بلادنا في الأشهر الأخيرة وأخطار انفلاته في الأسابيع القادمة لقد أنهينا السنة المنقضية بمستوى تضخم وصل 6,4- % وفي نهاية الثلاثية الأولى سجلنا تطورا ب 1,6 % مما يعني تطورا تضخميا بأكثر من 0,5 % شهريا ولو واصلنا على نفس الوتيرة فسندخل مرحلة الدوامة التضخمية (spirale inflationniste) حيث ستتجاوز نسبة التخضم نسبة 10 % مما سينتج عليها عديد التطورات الخطيرة على المستوى الإجتماعي والسياسي والإقتصادي المسألة الثانية تخص السياسات الإقتصادية التي بدأنا في اتباعها للحد من التضخم وإيقافه وقد أعطينا الأولوية في هذا المجال السياسة المالية حيث رفع البنك المركزي منذ أيام من نسبة الفائدة المديرية ب 75 نقطة مما جعل نسبة الفائدة على السوق المالية تصل اليوم إلى حدود 6,5% ونسب فوائد الإقتراض المؤسسات والأشخاص في حدود 10 %- وهذه السياسة المالية الصلبة هدفها إيقاف والحد من هذا الإنفلات التضخمي إلا أن أسباب ومظاهر التضخم تشير إلى أن المسائل المالية والإلتجاء إلى البنوك إلى الإقتراض ليست لها مساهمة كبيرة في هذه الظاهرة ويبدو أن التضخم مرتبط بثلاث مسائل أساسية وهي مسالك التوزيع والتهريب (المواد الغذائية والغلال) تدهور قيمة الدينار والتضخم المستورد (الملابس وأسعار السيارات وقطع للغبار وتراجع الدعم المحروقات (النقل). عاد التضخم خلال الأسابيع الأخيرة للبروز وليصبح أحد أهم التحديات التي تواجه اقتصادنا ومحاربة التضخم تتطلب وضع السياسات الحقيقية القادرة على إيقافه والإبتعاد عن الإختيارات الإقتصادية التي تساهم في تعقيد الوضع الإقتصادية بدون جدوى كبيرة على هذه الظاهرة.