لم تعد تفصلنا عن موعد الانتخابات البلدية غير قرابة ثلاثة اسابيع وفي جهة القصرين التي تعد 19 بلدية تجري استعدادات القائمات المترشحة لها بنسق حثيث لانطلاق الحملة الانتخابية من اجل عرض برامجها على الناخبين وتقديم الوعود»الرنانة» لهم لكسب اصواتهم.. فماذا ينتظر متساكنو مختلف المناطق البلدية بالولاية من هذه الانتخابات؟ حول هذا السؤال تحدثت«الصباح» الى عدد منهم ورصدت آراءهم واهم آمالهم.. وضع بيئي مترد قبل الاشارة الى مواقف المواطنين من الانتخابات البلدية لا بد من البدء برصد اهم الاشكاليات القائمة التي»ستواجهها» المجالس البلدية الجديدة التي ستفرزها صناديق الاقتراح واولها الوضع البيئي المتدهور في كل مدن الجهة من مصبات عشوائية في كل مكان، وتسرب مياه الصرف الصحي في مجاري الاودية وببعض الاراضي في غياب محطات تطهير(ولاية كاملة توجد بها محطتا تطهير بكل من القصرين وسبيطلة)، والذبح العشوائي الذي اصبح هو القاعدة في كل مناطق الجهة تقريبا وما حصل مؤخرا في فريانة عندما حوّل القصابون الطريق الرئيسية الى مسلخ في حركة احتجاجية تواصلت عدة ايام خير دليل على ذلك، كل هذا وسط عجز محير للنيابات الخصوصية للمجالس البلدية القائمة الان. بناء وانتصاب فوضوي في كل مكان الانفلات الذي عرفته البلاد بعد الثورة على مستوى تفشي ظاهرتي البناء والانتصاب الفوضويين مازال متواصلا في جهة القصرين والى الان لم تجد السلط البلدية والجهوية والمحلية «الشجاعة» الكافية للتصدي له بتطبيق القانون على المخالفين الا في حالات نادرة، مما ادى الى تشويه المشهد العمراني في كل المدن وبروز اكشاك وبناءات في اماكن غير مرخصة او اضافة طوابق اخرى حجبت»الشمس» عن الجيران فضلا عن احتلال الباعة المنتصبين للارصفة والساحات بل وحتى المفترقات والشوارع الرئيسية مثلما لاحظناه في القصرين(على مستوى مفترق حي النور بقلب المدينة) وسبيطلة (امام السوق البلدية) وفريانة (قرب السوق البلدية ومحطة النقل البري) وتالة (على كامل الشارع الرئيسي تقريبا). تردي الخدمات تسببت «بدعة» تقسيم مدينة القصرين منذ عامين الى ثلاث بلديات مستقلة يفصل بينها واديان والشارع الرئيسي!! في مزيد تردي الخدمات البلدية لان هذا التقسيم لم يرافقه تمكين كل بلدية من ميزانية كافية ومعدات وتجهيزات جديدة واطارات مختصة من مهندسين وفنيين وانما «تقاسمت» البلديات الثلاث ما كان موضوعا على ذمة البلدية الام السابقة، فكانت النتيجة خيبة امل كبيرة للمتساكنين الذين لم يلاحظوا الى حد الان اي تحسن في الوضع البلدي منذ «ولادة» البلديات الجديدة باستثناء برنامج تهذيب الاحياء الشعبية الذي نفذته او مازالت بصدد اتمام اشغاله وكالة التهذيب والتجديد العمراني باحياء الاولمبي والزهور والكرمة والنور في حين طالت اشغال اعادة تهيئة شارع 14 جانفي(الدولاب سابقا) والحزامية الصغرى اكثر من اللازم ثم توقفت والحال انهما ثاني ابرز شريان لحركة المرور بمدينة القصرين بعد شارعها الرئيسي الوحيد. تشاؤم و«تركة» ثقيلة حول انتظارات متساكني الجهة من الانتخابات البلدية قال لنا الناشط بالمجتمع المدني بالقصرين جلال العلوي:«من المؤكد انها ستاتي بتغيير في تحسين ظروف عيش المواطنين والخدمات المقدمة اليهم اذا راينا التشريعات الجديدة فيما يتعلق بالسلطة المحلية ومبدا التشاركية الذي يجب ان تنبني عليه لكنه على ارض الواقع سيكون محدودا جدا لان المجالس البلدية المنتخبة ستقضي عامها الاول على الاقل في «تصفية» التركة الثقيلة التي سترثها عن النيابات الخصوصية الحالية والتي تتكون من اداريين معينين من السلطة ليس لهم اي خبرة بالعمل البلدي وغير متفرغين للاهتمام بمشاغل المواطنين كما ستنفق المجالس البلدية الجديدة وقتا طويلا في اعادة هيكلة الادارات والمصالح البلدية التي عرفت انفلاتا غير مسبوق وبالتالي فان المواطن لن يرى اثار الانتخابات البلدية الا بعد عام اخر من الان وفي كل الحالات فان الوضع سيكون افضل بكثير من»عهد النيابات الخصوصية» المنصّبة».. اما زكرياء سعيداوي(اطار بنكي من تالة) فذكر لنا:» اولا انا ساقاطع الانتخابات البلدية لاني بصراحة لا انتظر منها شيئا جديدا غير المزيد من التجاذبات والخلافات بين الاحزاب، باعتبار ان المحالس البلدية المنتخبة ستكون نسخة مصغرة من مجلس نواب الشعب الحالي بما انه ينتظر ان لا يفوز فيها اي طرف حزبي او من المستقلين باغلبية مريحة تسمح له بتنفيذ برنامجه والاستجابة لانتظارات متساكني منطقته البلدية وبالتالي سيتعطل عمل المجالس وتطغى عليه المصالح الذاتية الضيقة ولهذا انا متشائم مما سيؤول اليه الوضع البلدي بعد الانتخابات».. وعلى العكس من ذلك يرى الناشط السياسي فتحي المحمدي(استاذ)»ان الانتخابات البلدية ستاتي بالجديد على مستوى الخدمات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن لان اغلب القائمات ترشحت فيها وجوه شابة معروفة بنظافة اليد والرغبة الصادقة في خدمة المجتمع وتطوير المشهد العمراني لبلدية النور مثلا التي اسكن فيها والمهم ان يعرف الناخب من يختار فالقائمات كثيرة وهو الذي سيتحمل مسؤولية من سيشرف على تسيير بلديته، اما اذا « اشتغلت « الماكينة « الانتخابية للاحزاب الكبرى مثلما حصل في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 واستعملت اساليبها السابقة فان المجالس البلدية الجديدة ستعرف نفس الاجواء الموجودة الان في مجلس نواب الشعب».. وبين التشاؤم والامل يعتبر نبيل المولدي(سائق سيارة تاكسي بالقصرين)» ان الانتخابات البلدية ستساهم في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين لانها لن تكون اسوا من الوضعية الكارثية التي تواصلت سبع سنوات بشرط ان يحسن كل ناخب اختيار القائمة التي يرى فيها اشخاصا قادرون على النهوض بالعمل البلدي ويتميزون بتقديم المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية او مصالح احزابهم».. وفي موقف يغلب عليه الياس من قدرة السياسيين على النجاح في تسيير الشان البلدي بعد الانتخابات البلدية قال جمال بوثوري(استاذ):«لقد جربنا الاحزاب فقادت البلاد الى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وكادت تؤدي بالدولة الى الافلاس وبقيت تتصارع فيما بينها ولن تختلف الانتخابات البلدية عن ذلك ويبقى الامل الوحيد في القائمات المستقلة التي قد تجد فرصة للفوز في بعض البلديات اذا استطاعت قيادة حملة انتخابية تتماشى مع انتظارات المتساكنين وتجاوزت»ماكينة «الاحزاب واساليبها الملتوية في اغراء الناخبين».. ومن مدينة تلابت المجاورة لفريانة والتي كانت في العهد السابق المنطقة الوحيدة بالجهة التي فيها بلدية رغم انها ليست مركز معتمدية ذكر لنا المواطن سمير بن سلطان» لا انتظر الكثير من الانتخابات البلدية في ظل الصراع الكبير القائم بين الاحزاب على الفوز بها بالتركيز على الجانب الإديولوجي والاستقطاب الثنائي مثلما حصل في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 عوض تقديم بدائل للتنمية المحلية والخدمات البلدية التي من شانها النهوض بظروف عيش المواطن في منطقتنا شبه الحدودية التي مازالت تعيش نفس التهميش ولولا «الكنترة» لضاع شبابها في دوامة الانحراف او ابتلعه البحر في عمليات «الحرقة»..