بعد نجاح مغامرة دورة السيرة الذاتية وسيرة الآخر سنة 2017 قررت اللجنة العليا لجائزة ابو القاسم الشابي للبنك التونسي ان تخصص دورة 2018 اي الدورة 34 لجنس ادبي صعب جدا وهو ترجمة ونقل الشعر الحديث من والى اللغة العربية الفصحى، ولعله جنس اصعب من»السيرة الذاتية» التي فاجأت القائمين على تنظيم الجائزة في السنة الماضية بالكم الهائل من المشاركات التونسية والعربية التي كانت في اغلبها شهادات على العصر اختيرت مواضيعها بكل حرية وتوفرت فيها حرية الابداع، ولم ترشح ولحسن حظ الجائزة الى أي مسابقة غير جائزة أبو القاسم الشابي كما انها لم تكن مترجمة من أي لغة أجنبية ولم تكن من بين السير الذاتية اية أطروحة أكاديمية لنيل شهادة جامعية.عندما تم اقرار تخصيص الجائزة «للسيرة الذاتية وسيرة الآخر»كان الخوف من ان لا تجد الهيئة المنظمة للجائزة مشاركات تستجيب لكل شروطها وأهمها ان لا تكون النصوص مؤدلجة دينيا أو سياسيا وان لا تكون نصوصا أو مجموعات شعرية، وكانت المفاجأة ان وصل عدد الترشحات المقبولة وبعد إلغاء ما لا يستجيب لشروط المسابقة الى 36 من جملة 49 ترشحًا وهي لكتاب من تونس ومصر والعراق والمغرب والجزائر والأردن والمملكة العربية السعودية وسوريا. وحسب تقييم لجنة التحكيم التي تكونت من الهادي ثابت ومبروك المناعي ورجاء بن سلامة وفوزية الصفار الزاوق من تونس، وسميحة خريس من الاردن وحسن رشيد من قطر وماجد السامرائي من العراق. فان افضل الترشحات كان كتاب الاستاذ حمادي صمود «طريقي الى الحرية» الذي اسندت له الجائزة. من الفرنسية والانقليزية والاسبانية الى العربية وما سبق حث اللجنة العليا لتنظيم جائزة ابو القاسم الشابي على ما يبدو للمغامرة مرة اخرى واختيار جنس ادبي اصعب من السيرة الذاتية للدورة 34 وهي «ترجمة الشعر العربي الحديث الى اللغات الاجنبية» و»ترجمة الشعر الاجنبي الحديث الى اللغة العربية الفصحى» (من اللغات الفرنسية والانقليزية والاسبانية) وقد وضعت للمشاركة جملة من الشروط لإنارة الطريق امام مرشحي اعمالهم نذكر من بينها مثلا أن تكون التّرجمة قد تمّت وفق الأصول اللّغويّة مباشرة للشّعر لا بواسطة لغة ثانية أو لغة تقريبيّة مساعدة و أن تشمل التّرجمة محتوى ديوان شعر بكامله أو مجموعة شعرية بكاملها لشاعر واحد ولا تختصّ بقصائد مفردة ولا بمقطوعات شعرية مقتطعة من كتاب لشعراء متعددين. و أن تغطّي التّرجمة باللغة العربية أعمالاً من الحداثة الشّعريّة باللغات الأجنبيّة المذكورة، تنتمي للقرن التّاسع عشر وللقرن العشرين وللقرن الواحد والعشرين. و أن يوجه المترجم عمله في كتاب مطبوع مع ذكر اسمه الأصلي غير المستعار، وذكر ناشره وسنة نشره وطلب ترشحه. وأن يكون العمل المرشَّح مرفوقا وجوبا بالأصل الّذي ترجمه مع ذكر النّاشر وسنة نشره. نعطي.. نأخذ.. نتبادل ونتحاور الند للند ولمزيد من التوضيح التقت «الصباح»رئيس جائزة ابو القاسم الشابي للبنك التونسي الاستاذ عز الدين المدني وسألته تفسيرا لاختيار هذا الجنس الادبي الصعب جدا لهذه المسابقة فقال:»اخترنا أن نخرج عن الطّرق والمناهج المألوفة إذ المألوف يؤدّي في أغلب الأحوال إلى الابتذال. وهذا ما تمّ للرّواية في تونس اليوم. والابتذال يعدم يقظة الفكر وإحساس الرّوح وزخارة النّفس، باختصار يعدم تجدّد الابداع. فلم نختر للدورة 33 جنس الرّواية بل فضّلنا جنس السّيرة، فكان حليفنا التوفيق في خياراتنا بمعية جميع أفراد اللّجنة العليا للجائزة». وأضاف عز الدين المدني: «هذا المنعطف الّذي توغّلنا فيه ما تركناه وما أهملناه، فأردنا هذه السّنة 2018 أن نعمّق المغامرة لأنّ لنا أفكارًا حول مستقبل الشّعر العربي وحداثته ومصيره الاشكالي، وذلك منذ أن أعلنا عن مسابقة الشعر سنة 2016 وجاءتنا نتائجها فتساءلنا علام لا نطرح قضية ترجمة الشّعر في دورة قادمة للجائزة؟! فلنا شعراء كبار حداثيون لمعت نجومهم في سماء القرن العشرين لا في بلدانهم العربية بل أيضًا في سماء البلدان الأجنبية. أليس كذلك؟ ثمّ أنّ المترجمين العرب قد نقلوا دواوين وأشعارا أجنبية كثيرة، من فرنسا وأنقلترا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا خلال القرن العشرين خاصة، فضلا عن لغة الفرس واللّغة الهنديّة المسيطرة في القرون الخوالي. فلا بدّ أن نعطي ونؤخذ أن نتبادل، أن نتحاور مثلما يحاور النّدّ مع النّدّ.» يذكر ان جائزة ابو القاسم الشابي للبنك التونسي تنتظم تحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية وانه تم منذ دورة 2017 الترفيع في مقدارها المالي فوصلت الى 25 الف دينار تونسي.