تواصل "الصباح" نشر شهادات وتفاصيل قضية الشهيد رشيد الشماخي كما رواها متهمون تم استنطاقهم في القضية وكذلك شهود عيان عايشوا من قريب او من بعيد حياة الشهيد ولحظاته الأخير وننشر اليوم شهادة تاريخية لمستشار رئيس الجمهورية سابقا المنصف المرزوقي في مجال حقوق الانسان خالد بن مبارك وكذلك لشاهد حضر عملية تعذيب الشهيد الشماخي بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل سنة 1991. جاء في الشهادة التي أدلى بها مستشار رئيس الجمهورية سابقا المنصف المرزوقي في مجال حقوق الانسان أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية والتي أراد من خلالها – حسب قوله- انارة الرأي العام باعتباره كان ناشطا حقوقيا لمدة عشريتين ومواكبا لتفاصيل وفاة الشهيد رشيد الشماخي أنه بلغه سنة 1991 وبمجرد وفاة الشماخي من طرف المعارضين السياسيين الموجودين بنابل انذاك بأن الشماخي توفي تحت التعذيب ومنذ تلك اللحظة توجه اهتمامه الى جمع المعلومات المتعلقة بحادثة وفاته باعتباره حقوقيا متطوعا وناشطا في مجال حقوق الانسان ومناهضة التعذيب على وجه الأساس وتولى توجيه كل ذلك الى منظمة العفو الدولية التي تولت متابعة الأمر مع السلطات الرسمية التونسية التي ذكرت للمنظمة ان الوفاة كانت طبيعية ناتجة عن قصور كلوي حاد وبعد ذلك اجابتها الحكومة عن طريق وكالة الاتصال الخارجي بأن قضية الشهيد رشيد الشماخي هي مثال جديد لمعلومة خاطئة تماما موضحة ان»رشيد الشماخي اوقف يوم 22 اكتوبر 1991 وتوفي في اليوم ذاته» وهو ما اثار استغراب منظمة العفو الدولية. تمويه كما أكدت الحكومة التونسية صلب اجابتها ان"طبيبي المستشفى الجامعي بنابل اللذين قاما بعملية التشريح استنتجا انه توفي نتيجة قصور كلوي قديم ولم يعالج"وقد طلبت منظمة العفو الدولية من الحكومة التونسية مدها بالتقرير الطبي الكامل الا انها امتنعت عن ذلك وهو ما يعني ان الحكومة لم تكن تود ان تطلع المنظمة المذكورة على حيثيات التقرير الذي يجيز الشك الكبير في لفظة "وفاة" وهو ما يعني ان الاطباء كانوا قد حرروا تقريرا يؤدي عند الاطلاع عليه من قبل المختصين الى استنتاج ان الوفاة غير طبيعية وهو ما جعل الحكومة التونسية انذاك تمتنع عن ارسال التقرير المفصل لتشريح جثة الشهيد الى منظمة العفو الدولية لأن لفظتي"قديم ولم يعالج" لم ترد في أي تقرير طبي حسب ما هو متوفر في الملف. واضاف الشاهد ان الطبيبين كانا قد قدما قبل حادثة وفاة الشهيد الشماخي تقريرا يحدد سبب وفاة الشهيد فيصل بركات واستعملا فيه نفس الاسلوب اي الحديث بلغة طبية علمية مختصة تمكنهما من حفظ قسمهما المهني وشرفهما وفي نفس الوقت لا يعرضا نفسيهما للمخاطر التي من الممكن ان تسلطها عليهما الجهات الحاكمة انذاك وهو ما يؤكد حسن نية الطبيبين بما يجعلهما في مرتبة من قام بعمله بمهنية وشرف، وذكر الشاهد انه تقابل مع احد الطبيبين بعد ان تم استدعاؤه لدى قلم التحقيق والذي اعلمه بمحتوى سماعه كما امده بالتقرير الطبي لوفاة الشهيد رشيد الشماخي ومشروع التقرير الطبي المتعلق بوفاة الشهيد فيصل بركات. وبسماع شهادة احد الشهود في القضية والذي كان حاضرا لحظة تعذيب الشماخي ذكر انه يعرف الشهيد معرفة جيدة باعتبارهما كانا في فترة التسعينات من اصحاب الرأي ومن المعارضين للنظام السابق وانه تم ايقافه يوم 30 سبتمبر 1991 بمقر فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل وقد تواصل ايقافه داخل مقر الفرقة الى حدود يوم 30 اكتوبر 1991 حيث تم نقله الى جهاز أمن الدولة داخل مقر وزارة الداخلية وانه أثناء ايقافه داخل مقر فرقة الابحاث والتفتيش وبالتحديد يوم 25 اكتوبر1991 تم جلب الشهيد الشماخي وقد شاهده باعتباره تم وضعه بالممر الموجود داخل مقر الفرقة فيما قام أحد أعوان الامن بلي ذراع الشماخي الى الوراء وكان ثان ماسكا اياه من قفاه وثلاثة اطارات امنية يمشون امامهم وبوصولهم بجانبه سأله رئيس الفرقة حول معرفته بالشهيد الشماخي فأجابه انه من متساكني مدينة سليمان فتم ادخاله رفقة الشماخي الى مكتب رئيس الفرقة المذكور. وضع «الروتي» وتم اجبار الشماخي على نزع جميع ملابسه ثم قام احد الاعوان بتعنيفه بصفعه على مستوى وجهه فيما ضربه ثان على رأسه مما جعله يسقط أرضا ويفقد وعيه حينها عمد عون امن الى تكبيل يديه الى الخلف ثم تكتل عليه كل من رئيس الفرقة وأربعة من اعوانه حيث عمدوا الى ركله في انحاء مختلفة من جسده الى ان خرجت الدماء من فمه وتحول لونه الى اللون الازرق ثم تولوا وضعه في وضع «الروتي» وقام احد الاعوان بالاعتداء عليه على مستوى ركبتيه بواسطة عصا غليظة قام بادخالها لاحقا بدبره فيما جلب عون اخر قضيبا حديديا قام كذلك بادخاله بدبر الشهيد وكانوا يسألونه «اتكلم فين مخبي السلاح» واضاف الشاهد انه شاهد عظام اليد اليسرى للشماخي قد بدأت تظهر من العنف الذي سلط عليه فضلا عن تحول لون يديه الى الزرقة الشديدة وقد توجه لهم الشهيد الشماخي بالقول «هاو توا نهزكم» عندها عمدوا الى انزاله وطلبوا من الشاهد ان يتولى مسح دماء الشهيد الذي قال له «اعطيني شربة» فأخذ قارورة ماء لتمكينه منها الا ان أحد الاعوان تولى ضربه على مستوى ظهره مما جعله يسقط ارضا ومنعوا الشهيد من شرب الماء ثم اجبروا الشاهد على الباسه ملابسه باعتباره لم يكن قادرا بمفرده على ذلك ثم اجلسوه على كرسي واعادوا طرح السؤال عليه «ثمة سلاح» فأجابهم»ثمة سلاح في الروضة « حينها استغرب الشاهد باعتباره كان متأكدا من عدم وجود أي أسلحة وسأل الشهيد الشماخي»ارشيد فمة سلاح» فأجابه «الله غالب هاك ترى هاني باش نمشي معاهم للروضة « عندها تم اخراج الشهيد الشماخي ثم اعادته مجددا الى نفس المكان وتوجه أحد الاعوان الى الشاهد بالقول» صاحبك ما استرجلش ماورناش السلاح» ثم تم ادخال الشماخي الى غرفة داخل مقر الفرقة وتعليقه بعد نزع جميع ادباشه بعمود بسقف الغرفة وجعلوه يتدلى منه واستقدموا الشاهد اليه وطلبوا منه ان يطلب من الشهيد للمرة الاخيرة ان يدلهم على مكان الاسلحة فاستجاب الشاهد لهم الا ان الشهيد اجابه بالقول «اقسم بالله العلي العظيم لاثمة سلاح». تعذيب بسلك كهربائي حينها عمد احد الاعوان الى تعنيف الشهيد بواسطة سلك كهربائي فيما كان ثان يضربه بواسطة عصا الى ان دخل الشهيد في غيبوبة فطلبوا من الشاهد ان يجلب لهم سطل ماء قاموا بسكبه على الشماخي لكنه لم يستفق كليا فقاموا بنقله الى بيت الراحة ثم وضعوا الشاهد في الغرفة التي كان يعذب فيها الشماخي بعد ان قاموا بنقل هذا الاخير الى مكتب رئيس الفرقة وقد كان يصله صوت صراخ الشهيد ولكن لم يره منذ ذلك الحين الا يوم 26 أكتوبر1991 حيث تم ادخاله الى مكتب رئيس الفرقة وطلبوا منه محاولة اقناع الشهيد الذي وجده في وضع»روتي» عاريا تماما كي يعترف بمكان وجود الاسلحة فاستجاب لذلك الا ان الشهيد كانت الدماء تنزف من رأسه ويديه ودبره وكان وجهه ازرق اللون وعينه اليسرى منتفخة الى حد انها اصبحت مغلقة وقد كان يردد «لا الاه الا الله محمدا رسول الله» حينها عمد احد اعوان الامن الى ركل الشهيد على مستوى وجهه قائلا له «هو تو نوريك لا الاه الا الله» وقد عمد حينها عونا امن الى انزال الشهيد وطلبوا من الشاهد الباسه ادباشه فاستجاب لذلك وقد لاحظ الشماخي يتمتم بكلمات غير مفهومة في حالة شبه اغماء وقد حاول الشاهد تقريب اذنه من فم الشهيد حتى يفهم ما يقول الا ان احد الاعوان امسك به وسأله عن السر الذي اعلمه به الشهيد وتكتل على الشاهد الاعوان الموجودون وتولوا تعنيفه الى ان اغمي عليه وبعد ان استفاق وجد نفسه ملقى في غرفة بمفرده واول ما سمع هو صوت صراخ الشهيد الشماخي وهو اخر عهده به.