الطوارئ الروسية: فقدان الاتصال بطائرة ركاب على متنها 46 شخصا في شرق روسيا    الشرطة الهندية تعثر على "سفارة وهمية" وتعتقل "السفير"    خلال مجلس وزاري لمتابعة تقدّم إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026: الملاءمة بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي    عاجل/ وزيرة العدل تتخذ هذا القرار..    قفصة: صابة الفستق قياسية    البرلمان ينظر غدا الخميس في تقرير لجنة التشريع العام حول مقترحي القانونين عدد 15 و 28 لسنة 2023    أخبار البرلمان    أزمة فرنسية بسبب إعادة الممتلكات الأفريقية المنهوبة خلال فترة الاستعمار    باجة الجنوبية: حريق بجبل سيار التابع لمنطقة سيدي إسماعيل    أخبار الحكومة    أخبار النادي الصفاقسي .. صِراع مع الزمن لتسوية النزاعات ورفع العقوبات    ولاية توزر تصدرت قائمة الولايات الاعلى حرارة ليوم الاربعاء    بنزرت: إحباط عملية حرقة: القبض على 12 شخصا من دول إفريقيا جنوب الصحراء    مواعيد التوجيه الجامعي    الأردن.. انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون    أولا وأخيرا: الجنة الضائعة وكذبة القرن    تاريخ الخيانات السياسية (24) رأس الأمين بن هارون الرشيد    معالم وآثار: مدرسة سيدي محرز: تحفة حفصية جمعت بين العلم والإحسان    التقليص من كميّة الملح في الخبز    عاجل/ وزارة الفلاحة تصدر بلاغين على خلفية تقلبات الطقس وارتفاع درجات الحر..    الكاف: حجز كميات من المياه المعدنية لا تستجيب لشروط السلامة الصحية    من نجم عالمي إلى أسير مرض صامت: الوجه الآخر لمعاناة بروس ويليس    النجم الرياضي بالمتلوي يعزز صفوفه بمتوسط الميدان الايفواري ايريك كواسي    المنستير: بعد حجبه خمس سنوات استئناف تنظيم مهرجان النسيج بقصر هلال ببرمجة 10 عروض فنية متنوعة    اتحاد بن قردان: تمديد عقدي باسم زمزم وعطا العكروت    تخرّج دفعة جديدة من ضباط الصفّ من حاملي الإجازة ومؤهّل الاختصاص بالجيش الوطني    حرب على الفوضى وسط العاصمة: إزالة 12 نقطة انتصاب عشوائي في حملة مشتركة    "أصوات نساء" تنتقد مقترح قانون "دعم الأمهات وتيسير الحياة العائلية"    صعوبات مالية ترافق الدورة ال43 من المهرجان الصيفي بسيدي بوزيد    مفاجأة مدوية بشأن مستقبل ميسي    جنينها خرج من بطنها من شدة القصف: استشهاد صحفية فلسطينية رفقة زوجها وأطفالها.. #خبر_عاجل    عاجل/ ليبيا تُسلّم تونسيا مورّطا في جريمة قتل    بيضة واحدة في الأسبوع قد تحميك من هذا المرض الخطير    أصحاب الشركات يشتكون من الانقطاع المتكرر للكهرباء: خسائر وتعطّل مصالح    وزير الفلاحة في زيارة ميدانية إلى ولاية صفاقس    عاجل: موعد الإعلان عن نتائج دورة التوجيه الجامعي    كوكب الأرض يدور بوتيرة أسرع هذا الصيف.. وهذه تأثيراته    عاجل/ الترفيع في أسعار هذه الأدوية..    حزن في إيطاليا بعد وفاة سيليست بين نجم فيورنتينا السابق    نحو التقليص من كمية الملح في الخبز بنسبة 30%..    تونس: موظف بنك يتحصّل على 2300 دينار...ويخسر نصفها في الأداءات!    ترامب يتهم أوباما بالخيانة ويدعو إلى محاكمته..    شنوّة أغلى بلاد عربيّة في''الاصونص'' ؟    تدهور الحالة الصحية لبروس ويليس: الممثل أصبح عاجزًا عن الكلام والقراءة    شوية راحة: نهاية موجة الحر من عشية الجمعة بسبب ''التيار النفاث''...شنيا حكايته    فظيع/ وفاة ثلاثيني بعد سقوطه من سطح المنزل..وهذه التفاصيل..    بطولة العالم للرياضات المائية: أحمد الجوادي يستعد للمشاركة في المسابقة    أول تعليق من راغب علامة بعد منعه من الغناء في مصر    الصوناد تدعو التونسيين إلى التبليغ عن الإشكاليات عبر هذا الرقم الأخضر    في نهار: 590 تدخل للحماية المدنية.. شنوا صاير؟    وفاة أسطورة الروك «أمير الظلام» أوزي أوزبورن    وزارة الفلاحة:جلسة عمل حول التقرير السنوي القطاعي للمياه 2024    أسعار الخام تشهد انتعاشة مع إبرام واشنطن وطوكيو صفقة تجارية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات - تاهل المغرب ونيجيريا الى الدور النهائي    عرض "سينوج-أوديسي" في مهرجان الحمامات الدولي: مزيج متقن بين التراث والتجريب    التونسي عزيز دوقاز يواصل تألقه ويتأهل إلى الدور الثاني في دورة سيغوفي الإسبانية    شمس تختفي لمدة طويلة.. الكسوف الكبير يجي على قريب    بسبب ''قُبلة'' من فتاة: منع راغب علامة من الغناء في مصر    









إخراج رفات الشهيد رشيد الشماخي لعرضها على الطبيب الشرعي
المخلوع.. القلال.. القنزوعي وأمنيون في قفص الاتهام
نشر في الصباح يوم 13 - 11 - 2012

علمت"الصباح" ان حاكم التحقيق بالمكتب الرابع بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية أشرف يوم السبت الفارط على إخراج رفات الشهيد رشيد الشماخي بحضور عائلة الشهيد وطبيب شرعي وأعوان الشرطة قبل نقله إلى مخبر الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة لفحصه وإجراء التحاليل المخبرية اللازمة لتحديد أسباب وفاة رشيد يوم 27 أكتوبر 1991 بمركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل.
وكان المحامي نبيل اللباسي تقدم بعد الثورة إلى وكيل الجمهورية بقرمبالية نيابة عن عائلة الشهيد رشيد الشماخي التي تطلب كشف حقيقة هلاك ابنها تحت التعذيب بمركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل عام 1991 معتمدا على عدد من شهادات بعض المنظمات الحقوقية والدولية وشهادات رفاق الشهيد بسجن الإيقاف وعلى ما تم استخلاصه من طرف رئيس اللجنة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية سابقا رشيد ادريس الذي قام بالتحقيق في بعض الوفيات التي حصلت داخل المقرات الأمنية بداية التسعينات من القرن الماضي، وكوّن لجنة لتقصي الحقائق خلصت إلى أنّ هناك وفيات مشبوهة قد تكون وقعت تحت التعذيب.
تهديد ومداهمات
وكشفت المعطيات التي تحصلت عليها"الصباح" أن عائلة الشماخي تعرضت في بداية التسعينات لشتى أنواع الضغط والتهديد والابتزاز ولمختلف التجاوزات والخروقات القانونية كما تعرض محل سكناها الكائن بمدينة سليمان للعديد من المداهمات الليلية العنيفة والهمجية من طرف أعوان الأمن للتفتيش عن ابنها رشيد دون أدنى إذن ولا ترخيص قانوني.
وفي ليلة 22 أكتوبر 1991 تسللت مجموعة كبيرة من أعوان الشرطة إلى الطابق العلوي للمنزل بواسطة التسور حيث مقر سكن رشيد الشماخي دون أن يتفطن لهم بقية أفراد العائلة ولما لم يعثروا عليه قاموا ببعثرة كامل أغراضه وأثاثه ثم نزلوا للطابق السفلي خلسة حيث فاجأوا كل أفراد العائلة الذين اكتشفوا أنهم بين مجموعة كبيرة من أعوان أمن ولجوا غرف نومهم دون استئذان من بينهم رئيس مركز الأمن الوطني بسليمان في تلك الفترة وقاموا بعمليات البحث والتفتيش ثم استجوبوا أفراد العائلة، تحت التهديد والإهانة وفي الليلة الفاصلة بين 23 و24 أكتوبر1991 أي الليلة الموالية اقتحم أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل، منزل العائلة مجددا وصعد اثنان منهم إلى الطابق العلوي حيث أخرجوا زوجة الشهيد منية الجويني من غرفتها بالقوة وهي العروس التي لم يمض على زواجها سوى شهرين ونصف فيما سرق بعض الأعوان مصوغا وأموالا لأفراد العائلة وأشهر أحدهم سلاحه مدعيا أن بن علي سلمه له شخصيا ليقتل به رشيد ووضع فوهة المسدس على رأس أم الشهيد المرحومة فطّومة الشمّاخي وهددها بالقتل إن لم تخبره بمكان ابنها كما هدد عون ثان أم الشهيد بقطع رأسها.
"اختطاف" الزوجة والقبض على الزوج
أرغم الأعوان بالقوة زوجة الشهيد بعد ان توعدوا بقية أفراد العائلة على ركوب إحدى سياراتهم الراسية أمام المنزل واقتادوها إلى مركز الحرس الوطني بسليمان حيث وقع تهديدها بالاعتداء على شرفها وبإذاقتها أبشع أنواع العذاب وإيداعها السجن وبحرمانها من كامل حقوقها في الشغل والتنقل ثم اصطحبوها في رحلة عذاب طويلة طوال الليل لتكشف لهم عن مقرات شقيقات رشيد وأقاربه بين سليمان ومرناق وتونس العاصمة التي اقتحموها شاهرين أسلحتهم بحثا عن رشيد إلى ان تمكنوا من إلقاء القبض عليه حوالي الساعة السادسة صباحا من يوم 24 أكتوبر 1991، فضربوه وشدوا وثاقه وغطوا وجهه بقميص ثم حملوه في سيارة إلى مركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل وكانوا كلما مروا بمركز للأمن إلا وأنزلوه وضربوه بوحشية.
وحشية لا مثيل لها
وصل رشيد الشماخي إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بنابل صباح يوم 24 أكتوبر 1991 حيث كان رئيس الفرقة (برتبة نقيب) يشرف كل صباح على تنظيم ومتابعة حصص التعذيب اليومي المتمثلة في التعليق على شاكلة (الروتي) والضرب على كامل أطراف الجسد وإدخال القضبان الحديدية في الشرج واستهداف الأعضاء التناسلية والضرب على عظم الساق والركبتين وعلى أظافر الساقين واليدين والتعليق من رجلٍ واحدة بسلسلة حديدية والتعليق من الخلف بحبلين (اليد اليمنى والرجل اليسرى) بين نافذة المكتب والعارضة العلوية للباب المقابل وغيرها من الأساليب الوحشية، وقد بدأت عملية تعذيب الشهيد رشيد الشماخي منذ وصوله إلى المقر الأمني ودون توجيه أي أسئلة له، إذ كانت النية منصبة على الانتقام والقتل وجعله عبرة للآخرين بتعذيبه بشكل وحشي أمام بقية الموقوفين ولم يكن للاستجواب وهو ما تؤكده شهادة الموقوف حينها كمال الحميدي التي ذكر فيها أنه سمع رئيس الفرقة يقول للأعوان منذ أن جلب رشيد أقتلوه، وهو ما حصل فعلا إذ جُرّد رشيد من جميع ملابسه وعُلّق عاريا على طريقة "الروتي" وبدأ أحدهم بضربه بكل عنف على مؤخرته بواسطة عصا غليظة دبوس وكان عون ثان يضربه في نفس الوقت على رأسه قبل أن يتناوب على ضربه وتعذيبه عديد الأعوان، حتى انسلخ جلده ولم يعد يحتمل حتى الوقوف على رجليه ثم اقتيد الشهيد في مساء نفس اليوم إلى روضة البلدية الكائنة بحي غرة جوان بسليمان للبحث عن أسلحة مزعومة، ولما لم يقع العثور على أي سلاح نقلوه إلى مركز لتربية النحل على ملك العائلة بمنطقة الشريفات، وهناك أيضا لم يعثروا على أسلحة أثبتت كل التحريات المختلفة فيما بعد أنه لا وجود لها أصلا فيما أشار البعض إلى أن هذه المعطيات الكاذبة كانت صادرة من الرئاسة رأسا، التي أعطت التعليمات باستعمال كل الوسائل للحصول على اعترافات.
تعذيب أمام الملإ
وتضمنت الشكاية التي يباشر التحقيق فيها حاكم التحقيق بالمكتب الرابع بابتدائية قرمبالية أن العديد من متساكني مدينة سليمان كانوا شهودا على عملية إحضار الشهيد رشيد الشماخي مكبلا بالأغلال من يديه ورجليه، حافي القدمين وآثار التعذيب بادية عليه والدماء تسيل على وجهه كما لاحظ بعض المارة آثار الدم في السيارة التي أحضر فيها، وكيف كان يضرب بوحشية على رؤوس الملإ والدم يسيل من فمه وأنفه ليدل الأعوان على مكان إخفاء الأسلحة المزعومة وعندما تيقنوا من عدم وجودها كانت رغبتهم في التشفي من رشيد الشماخي رهيبة فأعادوه إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل أين مارسوا عليه أساليب تعذيب وحشية وكان الشهيد ينادي بما بقي له من قوة وصوت خافت ارحموني، ارحموني وكان الأعوان يردون كي تموت،،، لن نفك قيدك ولن نتوقف عن تعذيبك فضلا عن السب والشتم ومزيد التعذيب.
وقد شهد كل الموقوفين الحاضرين بمقر الفرقة الأمنية أن الشهيد تحامل على نفسه في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 أكتوبر1991 للذهاب إلى المرحاض، وقد التمس من أحد الأعوان فك قيده لقضاء حاجته فأشار عليه بكل حدة وتشفي بقضاء حاجته على تلك الحالة، وبمجرد دخوله فقد توازنه وأطلق صوتا مثل الشخير وسقط على وجهه، فهرع إليه بعض الموقوفين بمعية العون وأجلسوه على ركبتيه وكان ينتفض شخيرا ثم أخرجوه إلى السقيفة عند مدخل المقر الأمني بعد أن ستروه ب"زاورة" وحاولوا إعطاءه بعض الحليب خصوصا أنه لم يأكل ولم يشرب منذ يومين لكن دون جدوى وحاول أحد الموقوفين تدليك قلبه محاولا إنعاشه وحين أدرك الأعوان أن حالته الصحية خطيرة جدا وضعوه في لحاف وحملوه إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد دقائق معدودات.
وقد علمنا أن عددا من الشهود أدلوا بشهاداتهم فيما تتواصل التحقيقات على قدم وساق لكشف كل ملابسات الواقعة الأليمة التي قلبت حياة عائلة الشماخي رأسا على عقب، ومن المنتظر أن تشمل التحريات كلا من الرئيس السابق زين العابدين بن علي ووزير داخليته الاسبق عبدالله القلال ومدير الأمن الوطني في تلك الفترة محمد علي القنزوعي ورئيس وأعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.