إسبانيا: إلغاء المرحلة الأخيرة من سباق الدراجات بسبب مشاركة الكيان    كرة اليد – بطولة النخبة : النتائج الكاملة للجولة الخامسة (فيديو)    لماذا يرتفع ضغط الدم صباحًا؟ إليك الأسباب والحلول    بطولة النخبة لكرة اليد: الترجي والنادي الإفريقي يتقاسمان الصدارة بعد الجولة الخامسة    الجولة الخامسة من الرابطة الأولى: جرجيس تواصل الصدارة والتعادل يحسم قمة رادس    عبد المجيد تبون يعين سيفي غريب وزيرا أول ويكلفه بتشكيل الحكومة الجزائرية الجديدة    الجمعية التونسية لقرى الأطفال "آس أو آس " تنجح في أكبر تحد رفعته منذ 3 سنوات    المعرض التشكيلي "الأرض الرّوحية" لسامي بن عامر من 3 إلى 31 أكتوبر 2025 بقصر خير الدين    بنزرت: حرفة صناعة الفخّار بسجنان تسري في عروق النساء وتصون ذكرى الأجداد    اتحاد ين قردان يعزز صفوفه بالمهاجم الغيني أبوبكر سيديكي    ركلة جزاء متأخرة من صلاح تمنح ليفربول فوزا صعبا في بيرنلي    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    بداية من 17 سبتمبر: تيك توك قد يُمنع أمريكا    مباراة ودية - تعادل قوافل قفصة مع هلال الرديف 2-2    الكاف: تنظيم معرض الكتاب بالمركب الثقافي الصحبي المصراتي بمناسبة العودة المدرسية    عاجل: تفاصيل طقس العودة المدرسية    انطلاق أول سفينة تونسية ضمن أسطول الصمود من ميناء قمرت(فيديو)    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    عجيل توجّه شاحنة وقود إلى ميناء بنزرت لتزويد سفن "أسطول الصمود"    إنتاج الكهرباء في تونس يرتفع 4% بفضل واردات الجزائر    عمليات زرع أعضاء ناجحة تنقذ 4 مرضى..وهذه التفاصيل..    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    سبتمبر مختلف: خريف مبكر يطرق أبواب هذه المناطق    60 مليون دينار لمساعدة أطفال الأسر محدودة الدخل في انطلاق السنة الدراسية 2025-2026!    العودة المدرسية: إجراءات مرورية لضمان سيولة الجولان وتخفيف الاكتظاظ بالمدخل الجنوبي للعاصمة    وزارة التربية تكشف تفاصيل و جديد العودة المدرسية..#خبر_عاجل    تسهيلات التأشيرة للمصريين: من هم المستفيدون؟    تونس: حجز مستلزمات مدرسية بقيمة 4 ملايين دينار داخل مخزن عشوائي    تسهيلات جديدة للمصريين للحصول على تأشيرة دخول تونس    بنزرت: خروح 3 سفن فقط في اتجاه شواطىء غزة    التصريحات إثر دربي الساحل (فيديو)    تسجيل ارتفاع في الطلب على الطاقة والمواد البترولية    نحو دعوة الكنزاري للمثول امام مكتب الرابطة    22 سبتمبر الجاري: "يوم فرص الأعمال مع تونس" ببوخارست    معرض "تأملات فيدال سبادافورا" من 14 إلى 28 سبتمبر بدار سيبستيان    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    زغوان: تنفيذ 1724 عملية تلقيح للقطط والكلاب ضد داء الكلب من جملة 14 ألف عملية مبرمجة    العجز الطاقي لتونس ينخفض مع موفى جويلية الفارط بنسبة 5 بالمائة    منظمة شنغهاي للتعاون تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على قطر    وزير الخارجية المصري يوجه انتقادا لاذعا لدول غربية    مصر.. رجل اعمال فرنسي يسرق كمية من الذهب من مصنع مجوهرات    "مواسم الريح" للأمين السعيدي رواية الإعترافات والبحث في أعماق الذات البشرية    «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية في قاعاتنا ..صوت الطفلة الغزّاوية الذي فضح صمت العالم    حادث مرور قاتل بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    الشركة التونسية للملاحة: إلغاء سفرة تونس – مرسيليا المبرمجة اليوم على متن السفينة قرطاج..    تصريح / مشروع جسر بنزرت الجديد لم يواجه أي مشكل عقاري ،وقيمة تعويض أصحاب المنازل المزالة بلغت 45 مليون دينار    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    وزارة الصحة تحذر    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية «سمها ما شئت» لوليد دغسني وأماني بلعج: عمل منودرامي متكامل يشخص الماضي في علاقته بالراهن من زاوية المرأة
نشر في الصباح يوم 06 - 05 - 2018

كان جمهور المسرح مساء أول أمس على موعد مع عرض مونودرامي نوعي لمسرحية «سمّها ما شئت» بمدينة الثقافة في إطار المهرجان الدولي للمنودراما في دورته التأسيسية، وهي مسرحية من إنتاج 2018 لشركة «كلندستينو للإنتاج المسرحي» ومن تأليف وإخراج للمسرحي الشاب وليد دغسني وتجسيد ركحي للممثلة القديرة أماني بلعج وموسيقى لمنير العماري.
والمحور العام للمسرحية يتمثل في امرأة يهجرها حبيبها فجأة في وقت تعيش فيه البلاد حالة من الانفلات والاضطرابات وينجر عن ذلك فقدانها لمشروعها المتمثل في مدرسة للرقص بعد أن أحرقها متشددون بعد تكفيرها. فيرفض التأمين تعويضها عن تلك الخسارة فتجد نفسها بين خيارين أحلاهما مرّ فتكون مهددة بالسجن أو بتسليم منزلها كرهن للبنك.
لتنطلق أطوار المسرحية بتوظيفات متعددة الأبعاد لفن الجسد والكرسي الذي اعتمده المخرج العنصر الوحيد في الديكور مرافقا للممثلة على الركح في هذا العرض. فتنطلق المشهدية مع امرأة محتقنة غاضبة ثائرة على الوضعية المتأزمة التي أوجدتها الظروف التي عرفتها البلاد ودفعتها كرها لتحمل تبعاتها وتداعياتها لتقف في قمة احتقانها وعزلتها وتسترجع تاريخا حافلا بالخيانات والتواطؤ.
لكن ما يميز هذا العمل أنه يقطع مع الأنماط السائدة والمتداولة في مثل هذه الأعمال والمواقف بل كان مكتمل الأركان على أكثر من مستوى. فتتوقف عند مسائل وقضايا عديدة تراوح فيها بين الماضي والراهن فتعطيها بعدا ملحميا وتشمل ما هو سياسي واجتماعي وثقافي وفكري واقتصادي. ولعل ما يحسب لكاتب سيناريو هذه المسرحية ومخرجها أنه قَدَّ عملا مونودراميا حقيقا قائما على التعدد في مستوى الكتابة المسرحية التي تجمع بين ما هو فكري وإبداعي على نحو تكون معه مفتوحة لقراءات مختلفة ومستويات فهم متعددة حيث يجد فيها المتفرج من مختلف الشرائح العمرية والثقافية، ذاته وكونه وهواجسه خاصة أن العمل اعتمد اللغة العربية الفصحى والدارجة التونسية.
إذ يطرح العمل أسئلة تراوح بين الكونية في بعدها الفلسفي والإنساني والوجودية في علاقة من خلال أداة الحكي حول الوضع السياسي والظواهر الاجتماعية التي أصبحت تهدد المجتمع وتقف ضد «مسار» التطور المنشود فكانت الأغاني الوطنية والطربية والأناشيد والشعارات الثورية حاضرة بكثافة وموظفة لخدمة نسق الحركة والشعور والمشهدية. فكانت أماني بلعج في هذا العمل مثلا وتجسيدا لمجتمع نسائي، خاضت في كل المشاكل والقضايا والتضييقات التي تعيشها المرأة في المجتمعات العربية بما في ذلك المجتمع التونسي بدواع وتعلات جندرية واجتماعية وإيديولوجية وغيرها من التعقيدات التي تحف بحياة المرأة من ناحية مقابل توقها للتحرر وإثبات الذات بعيدا عن الاستسلام ومن أجل الاستبسال في المقاومة من ناحية أخرى حتى لا تكون «سلعة» تستعمل وتعرض لاستعمالات تختلف من مجتمع عربي إلى آخر. لتعرج من خلال ذلك على السائد في هذه المجتمعات من فساد وظلم وتغييرات وثورات وحراك. لتقدمها الممثلة في مفردات حركية تبين مدى تميز العمل في فن مسرح الجسد وقدرة الممثلة على أداء الأدوار من خلال تمكنها من أدوات الحكي والبوح من ناحية وكشف مكامن المعاناة النفسية والإنسانية من ناحية أخرى على نحو جعلت المتفرج منصهرا في المسرحية متابعا في شوق للتسلسل الممتع للأحداث رغم اعتماد المسرحية على القوالب المتقطعة على امتداد ستين دقيقة دون توقف. فكان لحضور الممثلة الجسدي دوره في رفع مستوى العمل خاصة في ظل التجانس الإيقاعي بين فن الجسد والسينوغرافيا والتصور الركحي الذي اعتمد فيه المخرج على توجه أراد من خلاله التركيز على هزات الشخصية ومتناقضاتها من خلال تعبيرات الوجه وتعمد استدراج الجمهور ليتقاسم مع بطلة المسرحية هواجسها ومشاعرها أحاسيسها.
حضور ركحي وجسدي
فنجحت أماني بلعج في شد الجمهور بتمكنها من تفاصيل العمل وشخوصه قدرتها على أداء وتقمص شخصيات وحالات مختلفة من خلال الحركات التي تميزت بالانسيابية وحالات الهبوط والصعود والجلوس والتنويعات الصوتية في الحكي والغناء وما أظهرته من كيمياء الحالات في عرض كان مفتوح لقراءات الجميع بما في ذلك العنوان الذي أراد المخرج أن يترك للمشاهد حرية عنونته وتسميته باعتباره صالح لكل زمان ومكان في الوطن العربي الأمس واليوم. خاصة أن «الكرسي» كان موظفا في مستويات وبدلالات وأبعاد مختلفة.
فكانت المسرحية بمثابة دعوة صريحة لمراجعة الذات لأنه عمل لا يخلو من أحلام وآمال للتصحيح والتقييم من أجل استشراف مستقبل وواقع أفضل لهذه المجتمعات. لأن العمل وإن تعلق بعالم المرأة ووضعها وقضاياها فان الرجل كان حاضرا بقوة وفاعلا في ثنايا هذه العوالم.
لذلك كان المخرج عنصرا حاضرا بكثافة في هذا العمل عبر مستويات مختلفة منها ما تعلق بمنهجه في صناعة عمل مونودرامي جديد ومتكامل وتمكنه من الرؤى المسرحية خاصة في ظل تمرسه على العمل مع نفس الفريق الذي أنجز هذا العمل بعد عديد الأعمال المتميزة التي قدموها خلال السنوات السبع الأخيرة من بينها «انفلات» و»التفاف» و»ثورة دنكيشوت» و»شياطين أخرى». لذلك كان هذا العمل بمثابة مقاربة مسرحية تبين اشتغال وليد دغسني وأماني بلعج على فن مسرح الجسد فكانت النتيجة عملا متكاملا بمثابة تشريح خفي لواقع هذه المجتمعات ليطرحها بالخوض في عمق الخلق الفني من خلال تشخيص الحاضر في مراوحة بين علاقته بالماضي لكن من زاوية المرأة لمدخل لهذه القراءة جاء العمل ثريا بالمعاني والدلالات والرمزية منتقدا ما هو سياسي واجتماعي ليس في مستوى علاقة الرجل والأنظمة والثقافات السائدة بالمرأة فحسب بل بالوضع الراهن المتحكم في موقع الإنسان ومدى الارتباط بالقيم الإنسانية في بعدها الوجودي والكوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.