عقدت لجنة الأمن والدفاع أمس بمقر مجلس نواب الشعب جلسة استماع الى العميد المتقاعد هشام المؤدب حول منظومة التعيينات بوزارة الداخلية، أكد خلالها على أن التعيينات في المناصب العليا بهذه الوزارة تخضع لمنطق الجهويات، وتتم بالولاءات، وعبر التدخلات وتحت تأثير لوبيات نفوذ سياسي ورجال أعمال نافذين. واقترح العميد خلال هذه الجلسة التي انتظمت بطلب منه، تغيير طريقة التعيين في تلك المناصب ليصبح مجلس نواب الشعب هو الذي يوافق عليها بناء على برنامج عمل واضح يقدمه المرشح يمتد على خمس سنوات، وهذا سيعطي أريحية أكبر للقيادات الأمنية. وأوضح العميد أن وزارة الداخلية مرتكزة على جانب أمني يتمثل في الشرطة والحرس والحماية المدنية، وعلى جانب آخر غير أمني يتمثل في ديوان الوزير والكتابة العامة. ويبلغ العدد الجملي للمديرين بالديوان والكتابة العامة على حد قوله ستة عشر شخصا لكن نجد من بينهم 2 فقط من الأمن، والبقية من اختصاصات غير أمنية وهذا ليس في محله. ولاحظ أن ادارة الشؤون الخارجية بالوزارة يقودها اطار غير أمني وبين انه لا يفهم ما الذي يمكن ان يضيفه اطار غير امني على رأس هذه الادارة الهامة اذا تعلق الامر بالتعاون والتكوين في مجال مكافحة الارهاب مثلا. وأضاف أن الادارة العامة لشؤون الأجانب من المفروض ان يكون مرجعها رئيس الجمهورية لا وزير الداخلية لأن رئيس الجمهورية هو المعني بالخارجية. وبالنسبة الى الادارة العامة للمصالح الفنية فمن المفروض على حد تأكيده ان تكون تابعة لمصالح رئاسة الحكومة لا لوزارة الداخلية. تزكية من البرلمان ذكر العميد هشام المؤدب أن تعيين الاطارات العليا في وزارة الداخلية يتم بعد جمع المعلومات حول الأشخاص المقترحين وفي هذا المستوى لا يوجد اي اشكال لكن الاشكال يكمن في تحليل تلك المعلومات. وأوضح أن الأمني عندما يكون معينا من السلطة السياسية، سيضع في حساباته قبل اتخاذ اي قرار ان كان قراره سيعجب السلطة أو يغضبها. ولتلافي هذا المشكل، اقترح العميد هشام المؤدب أن تتم الموافقة على التعيينات من قبل مجلس نواب الشعب وذكر ان من سيعين من طرف المجلس سيكون واثقا من نفسه أكثر. وفي علاقة بالتعيينات، تحدث العميد عن مسألة أخرى وصفها بالهامة جدا وتتعلق بالنقابات الأمنية، وبين أن كثرة النقابات ليس في محله وهو يرى انه من الأفضل أن يقتصر الأمر على ثلاث نقابات فقط وأن لا يقل عدد أعضاء كل نقابة عن خمسة آلاف عون وان تكون لديها مجالس تأديب ومجالس تتخذ القرارات وأضاف ان النقابات الامنية ليست كارثة بل يجب عليها ان لا ترتكب تجاوزات وبين ان بعض النقابات يقع توجيهها ضد اشخاص في وزارة الداخلية وأضاف انه من غير المعقول ان تنفذ النقابات تحركاتها الاحتجاجية وهي حاملة للسلاح وقدم مثالا على ذلك حادثة محكمة بن عروس. وفي نفس السياق ذكر أنه يجب سن قانون يضبط حدود تدخل الاطار الامني وفسر أن الاطار الامني يمكنه ان يوقف اشخاص خارج الاطر القانونية ودون أذون قضائية ويجب منع الوحدات الامنية من اصدار قرارات دون وجود اطار قانوني لها. وأضاف ان المطلوب اليوم هو تغيير الفلسفة الامنية التي تقوم على مراكز الامن لكن هناك مراكز في مناطق تعج بالسكان تغلق ابوابها ليلا وبين العميد انه يجب فتحها 24 ساعة على 24 ويجب على المراكز ان تتنقل هي بنفسها الى المواطنين ويجب الترفيع في عدد الأمنيين في الدوريات. مخاطر لدى حديثه عن المخاطر التي تهدد تونس قال العميد ان هناك مخاطر خارجية يمكن تجاوزها بدمقرطة الامن وأوضح أن الولاياتالمتحدةالامريكية اثر الاعتداءات الارهابية التي طالتها غيرت سياستها الامنية وطالبت من الدول الصديقة دمقرطة الأمن بمعنى ان يتم تمثيل الأقليات، والمعارضة. اما الدول الاخرى التي لا تراها الولاياتالمتحدة دولا صديقة فإنها ضربتها. وبين ان المطلوب في تونس ان لا تقوم بإقصاء اي طرف سياسي. اما المخاطر الداخلية فتتمثل على حد تأكيده في السلاح دون رخصة ولتجاوزها يجب سن قانون يشدد العقوبات ويسلط عقوبة سجنية على المخالفين تتراوح بين خمسة عشر وعشرين سنة مع خطايا مالية تصل الى خمسمائة الف دينار. ورد العميد عن استفسار النائبة عن نداء تونس الخنساء بن حراث بعد ان الحت على طرحه عليه وكانت قد عارضت عقد جلسة الاستماع اليه بشدة على اعتبار انه ملزم بالحفاظ على السر المهني، ويتعلق بالتعيينات من قبل رجال الأعمال خاصة وانه هو الذي طلب الحديث عنها في المراسلة الرسمية التي وجهها الى مجلس نواب الشعب. أجاب العميد انه تم تعيينه ناطقا رسميا سنة 2011 وهو يدرك ان التعيينات كانت تتم عبر مكالمات هاتفية لذلك اقترح على اللجنة ان تصبح التعيينات عن طريق البرلمان. وأضاف ان التعيينات تتم من نفس الجهة ومن غير المعقول ان نجد وزير الداخلية ووزير الدفاع والمديرين العامين من نفس الجهة وقال حان الوقت لكي تتغير البلاد. انفلات النقابات خلال النقاش لاحظ منير حمدي النائب عن نداء تونس ان العميد لم يقدم معطيات اضافية، بل اثار مشكلة الجهويات، وكان من المفروض ان يتحدث عن التعيينات وتداخل مصالح رجال الاعمال فيها لكنه لم يفعل. وأضاف ان الامني ملزم باحترام السر المهني مدة عشر سنوات لكن العميد لم يلتزم بذلك. وقال ان النقابات الامنية كارثة واغلب الامنيين اصبحوا نقابيين ومتفرغين وهم يقبعون في المقاهي لكن وزارة الداخلية تتفرج. وأضاف ان هناك اعوانا صدرت ضدهم قبل الثورة احكام باتة في قضايا رشوة وتهريب واغتصاب لكنهم رجعوا وتمت تسوية مسارتهم المهنية وترقيتهم. ولاحظ العجمي الوريمي النائب عن النهضة انه في صورة عدم توفر ارادة سياسية لا يمكن تطوير المؤسسة الامنية خاصة وانها مؤسسة محافظة بطبيعتها وأضاف أن رجال الاعمال النافذين يتدخلون الى الان في الامن والقضاء والديوانة وهذا الامر يجب مراجعته. وبين عبد اللطيف المكي النائب عن نفس الكتلة ورئيس اللجنة ان الصدام السياسي يخلق مشاكل امنية في البلاد. وذكر ان التعيينات تتم عن طريق المسؤول السياسي، ومن هنا تأتي التدخلات سواء من قبل رجال اعمال او من قبل النقابات. واذا ارادت اللجنة تغطية الشمس بالغربال فيجب عليها ان لا تفتح ملف التعيينات لكنها اذا ارادت الاصلاح عليها فتحه وأضاف ان اللجنة سبق لها وان اوصت في تقريرها السنوي المنتظر تقديمه في جلسة عامة بتقنين العمل النقابي الأمني. وبين محمد نجيب ترجمان النائب عن الحرة لحركة مشروع تونس أنه بعد الاستمتاع الى العميد هشام المدب الذي تطرق الى موضوع إصلاح المنظومة الامنية يجب على اللجنة مواصلة الاستماع الى خبراء ساهموا في وضع الكتاب الابيض. وفسرت فريدة العبيدي النائبة عن النهضة انه عند الحديث عن التعيينات يجب العودة الى القانون عدد 32 لسنة الفين وخمسة عشر المتعلق بالوظائف العليا المدنية والعسكرية وذكرت ان القانون تحدث عن الحياد والحوكمة والنزاهة وذلك رغبة في ارساء امن جمهوري لان من اهم ركائز الامن الجمهوري هي التعيينات. وفي المقابل قالت النائبة عن النداء الخنساء بن حراث ان التعيينات تتم عبر الملفات وبناء على التربصات التي يقوم بها المعني بالأمر والشهادات التي في حوزته وسنوات الأقدمية والتكوين في الاختصاص وأضافت ان وزير الداخلية هو الذي يقترح اسماء المدرين العامين ورئيس الحكومة هو الطرف الذي يوافق عليها. وبينت ان العميد تحدث عن الولاءات لكنه هو نفسه كان ناطقا رسميا وليس بإمكان اي شخص ان يصل الى هذا المنصب. وتعقيبا على بن حراث قال العميد انه تم تعيينه ناطقا رسميا من قبل الحبيب الصيد في ماي 2011 ومكث في الديوان 3 سنوات. وبين انه اشتغل في ظرف صعب وقال انه كتب مقالا صدر في جرائد حول الاشكاليات في التعيينات لكن الوضع لم يتغير وأضاف ان الدولة العميقة هي التي تسير وهذا ليس حكرا على تونس فقط بل في عديد البلدان وقال ان التعيينات عندما تكون من جهة وحيدة فهذا يثير الاستغراب. وفي ما يتعلق بالسلاح الفردي غير القانوني فان عددها على حد قول العميد مقلق، ويجب تشديد العقوبة على من يحلمون السلاح بطرق غير قانونية لان السلاح خطير.