تنتج بلادنا سنويا 1413 مليون لتر من الحليب 995 مليونا منها يتم تصنيعها ما يعني أن بلادنا تتوفر على فائض هام من مادة الحليب ليبلغ مخزون الحليب المعقم اليوم 30 مليون لتر. لكن هذا الاكتفاء الذاتي مهدد إذا لم يقع إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها قطاع الألبان الذي يساهم بنسبة 11 بالمائة في إجمالي الإنتاج الفلاحي و25 بالمائة في نسبة الإنتاج الصناعي ويشغل 40 بالمائة من إجمالي اليد العاملة. ويعتبر الترفيع في سعر لتر الحليب لكل المتدخلين من المنتج إلى المجمع وحتى المصنع من أبرز مطالب القطاع لإنقاذه قبل تهاوي المنظومة، فعدم إيجاد الحلول اللازمة من شأنه أن يجعل بلادنا تورد الحليب بالعملة الصعبة في الوقت الذي يشكي فيه مخزوننا من هذه العملة نقصا غير مسبوق، وهو أهل القطاع ما اضطرهم إلى إيقاف تجميع الحليب وحتى تصنيعه. وتشهد منظومة الحليب والأجبان منذ سنة 2014 تدهورا غير مسبوق فرغم ارتفاع الإنتاج إلا أن التكلفة باتت باهظة بسبب تدهور سعر الدينار لا سيما وأن كل المتدخلين في المنظومة أكدوا أن سعر التكلفة بات يكبدهم خسائر جمة لا تقل عن 200 مليم للتر بالنسبة للمربي وبين 55 و200 مليم للمصنع و55 مليما للمجمع ما أدى إلى غلق أكثر من 33 وحدة تجميع حيث تراجع عدد المراكز من 273 إلى 240 مركزا. ويشكو القطاع من صعوبات جمة لكن اخطرها تلك المتعلقة بارتفاع كلفة الإنتاج بسبب غلاء الأبقار والأعلاف والمحروقات والأجور والأدوية ومدخلات الإنتاج التي يتم توريدها بالعملة الصعبة والتي تحتاجها المصانع، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة مواد التعليب التي باتت تمثل 30 بالمائة من كلفة الإنتاج. مؤشرات القطاع وتتوفر منظومة الألبان على أكثر من 112 ألف مرب 82.8 بالمائة من بينهم صغار الفلاحين أي الذين لا يملكون سوى ما بين بقرة واحدة و5 بقرات، ويتم تصنيع الألبان في 45 وحدة منها 11 وحدة لتصنيع الحليب بطاقة انتاج تفوق 4.2 مليون لتر في اليوم و8 وحدات لانتاج اليوغرت و2 وحدات مختصة في التجفيف و25 وحدة لتصنيع الأجبان. وقد ارتفع معدل الاستهلاك السنوي للحليب بالنسبة للشخص الواحد في تونس من 83 لتر سنة 1994 إلى 110 لترا في 2017 إلا أن هذا الكم يبقى دون الاستهلاك الأوروبي الذي يصل إلى 200 لتر سنويا. استراتيجية تطوير المنظومة ولان طالب أهل القطاع بالترفيع في الأسعار من أجل ضمان ديمومته والمنظومة ككل، فإن تطوير مردودية المنظومة والرفع من تنافسيتها يعد من أوكد الأولويات حيث قام المجمع المهني المشترك للحوم الحمراء والألبان بدراسة شارك فيها مختلف الأطراف المكونة لمنظومة الألبان وتم على إثرها تشخيص القطاع ووضع إستراتيجية للنهوض به إلى أفق 2030، إستراتيجية تتضمن عديد الأهداف تتمثل بالأساس في ضرورة تحديد سعر الحليب وفق قاعدة الجودة ومواصلة تنمية الإنتاج مع الحد من كلفة الإنتاج بنسبة 10 بالمائة. كما يعد نمو القطيع بنسبة 0.6 بالمائة خلال العشرية القادمة 2020-2030 من أبرز الأهداف المرسومة هذا مع العمل على رفع حجم التجميع بنسبة 67 بالمائة في أفق 2020 وب86 بالمائة في أفق 2030. من جهة أخرى يعتبر الترفيع في نسبة التحويل الصناعي أولوية قصوى إذ تتلخص أهداف الترفيع في نسبة تصنيع الحليب إلى نسبة 73 بالمائة في أفق 2020 وبنسبة 97 بالمائة في أفق 2030 بما يمكن من الحد من مسالك التوزيع الموازي بالإضافة إلى ضمان تطور مستوى الإنتاج بنسبة 2 بالمائة والإنتاجية بنسبة 43 بالمائة في أفق 2030. وتحقيق كل الأهداف المذكورة آنفا سيؤدي بالضرورة إلى تطور الصادرات التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة 14 بالمائة في أفق 2030 ،هذا مع ضرورة الترفيع في حجم الاستهلاك الفردي للحليب ومشتقاته بنسبة 3.8 بالمائة لكن كل هذا يبقى رهين إنقاذ المنظومة من التدهور في الوقت الراهن حسب ما أكده أهل القطاع وذلك عبر الزيادة في سعر لتر الحليب إذ من المنتظر أن يشهد سعر اللتر زيادة خلال شهر جوان المقبل من المرجح ان تكون في حدود 200 مليم للتر الواحد.