مازال مسار وثيقة قرطاج 2 يواجه العثرات والكبوات بحثا عن التوافق الذي يرضي الاحزاب والمنظمّات الوطنية الموقّعة على اتفاق قرطاج، ومايزال الجدل محتدما بشأن مصير رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد وطاقمه الوزاري الذي فشل في ادارة المرحلة وفشل أيضا في ضمان الدعم السياسي اللازم من الائتلاف المشكّل للحكومة.. وزاد في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة تعثّر هذا المسار السياسي الذي أدخل البلاد في حالة ترقّب وانتظار لمآل مسار سياسي فشل في انقاذ البلاد من مشاكلها وفشل في انقاذ نفسه من صراعات حزبية داخلية بدأت تنخره من الداخل وتنذر بتهاويه، وفي ظلّ كل ذلك بدأت المعارضة في حشد صفوفها وفي توجيه سهام نقدها لمنظومة الحكم التي تحمّلها مسؤولية ما يحصل اليوم في المشهد السياسي، وانقسمت آراء المعارضة البرلمانية بين من يدفع الى انتخابات سابقة لأوانها لتغيير منظومة الحكم وبين من يدعو الى احترام الدستور واحترام ارادة الشعب التي أوصلت من يحكمون اليوم سدّة الحكم. انتخابات سابقة لأوانها حول مسار وثيقة قرطاج 2 والتخبّط السياسي الذي تشهده البلاد اليوم قال القيادي في الجبهة الشعبية والنائب نزار عمامي في تصريح ل"الصباح" "نحن اليوم لا نتكلّم فقط على أزمة راهنة بل نتكلّم على ازمة حكم متواصلة منذ 2011 فكل الحكومات المتعاقبة منيت بفشل ذريع في معالجة الملفات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية وذلك ما تثبته بوضوح الأرقام والمؤشرات..". ويضيف نزار عمامي "بالنسبة لوثيقة قرطاج 2 وان لم تخرج بعد الى العلن فان ما يتم تسريبه بشأنها يشير الى كونها تنطلق من محاور وثيقة قرطاج 2 لتفصيلها والتعمّق فيها، واليوم تمخّض عن مسار وثيقة قرطاج 2 مواقف مختلفة ومتضاربة ولعلّ أبرزها التحوير الشامل الذي دعا اليه الاتحاد العام التونسي للشغل وكذلك مواقف الائتلاف الحاكم تبدو مختلفة ومتناقضة وما نفهمه من كل ذلك أن جميع أحزاب الائتلاف الحاكم ترغب في التموقع الحكومي والوصول الى انتخابات 2019 ولا تعنيها مسألة البحث عن حلول للمشاكل التي تشهدها البلاد،وككل مرّة تسعى هذه الاحزاب الى تحميل فشلها على الحكومات لتكون هذه الحكومات "كبش الفداء" التي تخفي به هذه الأحزاب فشلها في ادارة المرحلة". في ما يتعلّق بالجدل المثار اليوم حول بقاء يوسف الشاهد أو مغادرته أكّد القيادي في الجبهة الشعبية نزار عمامي أن الجبهة لم تدعم يوسف الشاهد وأن حكومته فاشلة وبالتالي الفشل ينسحب عليه أيضا،وفق تعبيره،كما أضاف نزار عمامي قائلا:"الأزمة اليوم في السياسيات وليس في الشخصيات، والحل يكمن في تغيير السياسات وتغيير هذه السياسات لا يكون الاّ بتغيير منظومة الحكم الحالية وتغيير هذه المنظومة لن يكون الاّ بانتخابات سابقة لآوانها.. ونحن لا ننتظر في الجبهة الشعبية الكثير من هذه الحكومة وحتى مواقف الأحزاب الموقّعة على وثيقة قرطاج مواقف غير مؤثّرة لأن بعض هذه الأحزاب ليس لديها حتى تمثيلية برلمانية وبالتالي لا وزن لها في الساحة السياسية ومن يملك القرار هما فقط حزبي النهضة والنداء الذي يريد ربح الوقت وتعويض خسارته في الانتخابات البلدية وهذا المشهد الكاريكاتوري سيحسمه رئيس الجمهورية الذي سيأخذ بعين الاعتبار موقف الحزب الذي يقوده ابنه والنهضة ستحاول أن تجعل موقفها منسجما مع رغبة رئيس الجمهورية". وفي اجابة على سؤال ما اذا كان نزار عمامي يعتقد أن رئيس الدولة سيتخلّي عن "رجله" في السلطة التنفيذية يوسف الشاهد قال محدّثنا أن قايد السبسي يمكنه التخلّي على يوسف الشاهد اذا كان ذلك سيضمن له أن يظهر بصورة "المنقذ"، وأضاف "خاصّة وأن يوسف الشاهد لم يعرف منذ البداية كيف يدير المعركة وحاول الاستقواء بالسفراء الأجانب وارتهن لدى صندوق النقد الدولي حتى يجعلوا منه رجلهم في المنطقة باسم دعم الديمقراطية وهي ديمقراطية تدافع على مصالحهم ولا تدافع على الشعب ولا تحمي ارادته". احترام الدستور وإرادة الشعب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أكّد أن التيار الديمقراطي "في حالة قلق كبيرة من مسار المشاورات بقصر قرطاج او ما يسمّى بمسار الموقعين على وثيقة قرطاج التي انبثقت عنها ما سمّي بحكومة الوحدة الوطنية"، وفق تعبيره. وقد أضاف في تصريح ل"الصباح" قائلا:"نحن قلقون بشأن كل ما يقال حول التحوير الوزاري المرتقب ومن حشر النقاش السياسي في الائتلاف الحاكم حول بقاء أو مغادرة يوسف الشاهد،هذا الائتلاف الحزبي يحكم منذ 3 سنوات تم خلالها تغيير 4 حكومات وكلها مُنيت بالفشل،فشل تتحدّث عنه بوضوح الأرقام والمؤشرات الاقتصادية". وأضاف الشواشي "نحن نتذكّر كيف أنه عندما تم منح الثقة ليوسف الشاهد نزل رئيس الدولة بكل ثقله السياسي لوضع الأمور في المسار بعد أن دفع إلى سحب الثقة من الحبيب الصيد وفرض يوسف الشاهد وسمّى الحكومة بأنها حكومة "الفرصة الأخيرة" وأشرك اتحاد الشغل واتحاد الأعراف في اتفاق قرطاج وكانوا من الموقعين على الوثيقة التي انبثقت عليها حكومة الوحدة الوطنية، لكن بعد مضي تقريبا سنة و10 أشهر عن تعيين يوسف الشاهد لم تتحقّق أي نجاحات.. وبالتالي على رئيس الدولة أن يعتذر بشكل علني أمام الشعب التونسي عن خياراته الفاشلة وعن تمرميد الحبيب الصيد". وفي تقييمه للمشهد السياسي الحالي قال غازي الشواشي "هناك اليوم تشوّه في الحياة السياسية فما معنى أن تجتمع أحزاب ومنظمات بقصر قرطاج لمناقشة المسار والمصير السياسي للدولة في غياب هذه الحكومة.. المشهد هو مشهد سريالي وكمعارضة نقول أن المشهد السياسي الحالي مشهد لا دستوري ومشهد غريب عن النظام السياسي ومشهد يعطي صورة سلبية عن تونس ويزيد الشعب إحباطا ويأسا وعلى المتسببين في ذلك تحمّل المسؤولية لكن نحن كحزب نحترم الدستور والنظام السياسي القائم ومن يحكمون اليوم انتخبهم الشعب وأعطاهم تفويض الحكم ونحن نحترم هذه الإرادة الشعبية ولذلك نحن ضدّ الدعوة الى انتخابات مبكّرة". وبالنسبة لموقف الحزب من حكومة يوسف الشاهد والتحوير الوزاري المرتقب قال غازي الشواشي "حكومة الشاهد هي حكومة فاشلة لأنها تفتقد الى الرؤية والى البرامج وفي هذه الحالة لا معنى لتغيير الأشخاص رغم أن أغلب الشخصيات المتقلّدة اليوم لمناصب حكومية تفتقد للخبرة والكفاءة، وبالتالي التحوير لن يقدّم شيئا جديدا وأنا أستبعد ان الائتلاف الحاكم اليوم ومن هنا الى 2019 وتاريخ الانتخابات أن يقدّم برامج ورؤى واضحة للانقاذ أوّلا لغياب البرامج والرؤى وكذلك لغياب الارادة والرغبة السياسية لاخراج البلاد من أزمتها، وسنة 2019 ككل السنوات الانتخابية لن نرى فيها اصلاحات او برامج للانقاذ ورغم شعور الاحباط الذي يتملّكنا فاننا نعتقد أن الحل لن يكون الاّ بانتخابات 2019 التي نأمل أن تأتي بمنظومة حكم جديدة قادرة على اخراج البلاد من أزمتها". منية العرفاوي