على خلفية حالة التذبذب التي شهدها سعر برميل النفط العالمي في الأشهر الأخيرة من السنة الجارية، ليبلغ متوسط سعر البرميل الخام في السوق الدولية 71.8 دولارا في شهر افريل وخلال اليومين الأخيرين ظل يتأرجح بين 75 و79 دولارا، ينتظر أن تواصل الحكومة في تفعيل آلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات حسب ما جاء في قانون المالية لسنة 2018. وكانت الحكومة قد انطلقت في اعتماد هذه الآلية منذ مطلع سنة 2018 في مناسبتين؛ الأولى مع مطلع السنة الحالية والثانية في شهر مارس من نفس السنة، على أن تواصل تطبيقها في مرحلة ثالثة في شهر جويلية المقبل وفي مرة رابعة في شهر سبتمبر من السنة الجارية. وبالرغم من أن التعديل الآلي يفرض وجوبا تحديد أسعار المحروقات في كل ثلاثية وربطها بالسعر العالمي، بما يمكّن من تحديد الأسعار النهائية إما بالترفيع أو التخفيض أو الإبقاء على نفس الأسعار لتتواصل هذه العملية بصفة دورية بمعدل كل ثلاثة أشهر حسب المعايير الدولية، إلا أن الأمر بدا مختلفا في تونس بعد أن أخذت هذه الآلية منذ تفعيلها منحا تصاعديا في أسعار المحروقات التي أقرت من خلالها الحكومة الترفيع في مناسبتين في ظل تواصل ارتفاع سعر البرميل العالمي. وأبدى الكثير من التونسيين مخاوفهم بشان هذا النسق التصاعدي وإمكانية مواصلة الحكومة سياستها في الترفيع في أسعار المحروقات في الأيام القادمة، خاصة أنها لم تخفض في أسعار هذه المواد منذ تفعيلها هذه الآلية في قانون المالية لسنة 2016 إلا في مناسبة وحيدة في شهر ماي من نفس السنة ب20 مليما بالنسبة إلى البنزين وب50 مليما بالنسبة إلى الغازوال.. وفي هذه الحالة، يعتبر العديد من الخبراء في الشأن الاقتصادي أن المخاوف المطروحة ليست في اعتماد آلية التعديل الآلي بقدر ماهي مرتبطة بالوضع المشحون الذي تشهده بلدان العالم وعلى رأسها أمريكا وروسيا وإيران والسعودية وتأثير ذلك على أسعار المواد الطاقية برمتها، وكان آخرها القرار الأمريكي الذي يتعلق بفرض ضرائب على واردات الفولاذ والالومنيوم للاتحاد الأوروبي. وبالرغم من أن مثل هذه القرارات لم تشمل بلادنا بشكل مباشر، إلا أنها تمثل تهديدا لتوازناتها المالية الداخلية وأهمها الميزان الطاقي الوطني الذي يعاني عجزا واسعا يصل إلى حدود ال 1.4 مليون طن مكافئ نفط حتى موفى شهر افريل المنقضي في ظل تواصل تراجع الإنتاج الوطني من البترول ليصل إلى حدود ال 40 الف برميل وما يناهز ال 5.9 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا. وفي حال تواصل ارتفاع سعر برميل النفط في قادم الأيام مع توقعات بان يلامس عتبة ال 80 دولارا رغم تراجعه الطفيف خلال اليومين الأخيرين، فانه من المنتظر أن ينعكس سلبا على ميزانية الدولة، باعتبار أن ارتفاع برميل النفط بدولار واحد له كلفة على الميزانية العامة بحوالي مائة مليون دينار وهو ما يفرض وجوبا مواصلة الحكومة الترفيع في أسعار المحروقات.