توجه أمس قرابة 132250 شابا وشابة إلى مراكز الامتحانات لاجتياز اختبارات الباكالوريا وسط ظروف صعبة تمر بها البلاد على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. شبابنا اتجه إلى مراكز الامتحانات ووطنهم يدفن جزءا من أبنائه حلموا بعالم آخر اعتقدوه أفضل من عالمهم فركبوا البحر الذي غدرهم قبل أن تغدر بهم الغربة وعاد جلهم في صناديق... شبابنا اتجه إلى مراكز الامتحانات ووطنهم يعيش أزمة اجتماعية زادت فيها نسب الفقر والبطالة وانسدت أمام أعينهم أفق التشغيل... شبابنا اتجه إلى مراكز الامتحانات وبلاده تعيش أزمة اقتصادية قد تؤدي بها إلى الإفلاس في ظل سياسات حكومية خاطئة وغياب أي رؤى مستقبلية وانعدام البرامج والاكتفاء بالحلول السهلة وأبرزها التداين والارتهان... وضع صعب وخطير تعيشه تونس اليوم التي تلاعب بواقعها ومستقبلها أشباه سياسيين غاب عن غالبيتهم الحس الوطني وتكالبوا فقط على الكراسي والمناصب واستثروا على حساب شعب آمن بالثورة والتغيير ليصطدم بواقع أشد مرارة وقتامة.. لكن الأمل يبقى قائما في هذا الشباب الذي دخل بداية من يوم أمس في امتحان لن يكون مجرد اختبار للنجاح والمرور من الدراسة الثانوية إلى الدراسة الجامعية فحسب، بل هو اختبار أكبر وأعمق..اختبار التحدي والنجاح الشخصي ومنه المساهمة في إنجاح وطن وإخراجه مما تردى فيه. فالأمل يبقى دائما موجودا أمام هذا الشباب والأمل يبقى دائما قائما في هذا الشباب... فالمستقبل لا ولن يكون أبدا في الضفة الأخرى من المتوسط..والمستقبل لن يأتي بقوارب الموت ولا عبر المتاجرين بالأرواح والبشر، بل المستقبل يكون بفرض الذات والنجاح داخل تونس.. نجاح يمكن أن يكون عبر الدراسة أو عبر التكوين او عبر صنعة يدوية أو عبر مشروع صغير يمكن أن يكبر لاحقا.. فالأفق مفتوح وسبل النجاح متوفرة والأمل قائم في أي اتجاه. وبالتالي من المطلوب تغيير النظرة السوداوية القاتمة التي غمرت شبابنا والمطلوب منحهم جرعة من الأمل والمطلوب فتح الآفاق أمام هذا الشباب لمواصلة العيش في بلاده.. هذه البلاد المعطاء التي تتوفر على كل الخيرات وسبل النجاح.. لكن البعض صورها عكس ذلك بل أن البعض جعل منها غير ذلك وأقصد هنا الساسة والسياسيين.. وما على شبابنا الذي يجتاز اليوم امتحان من بين امتحانات الحياة التحلي بالعزيمة والتمسك بالنجاح باعتبارهم قادة المستقبل وبناة نهضة البلاد وتقدمها.. ومثلما نتمنى النجاح لكل شباب هذا الوطن فإننا نتمنى كذلك أن يتمسكوا بالأمل بل أن يكونوا هم الأمل في إخراج بلادهم مما تردت فيه عبر التقدم العلمي والبحث والاستثمار.. وفي ذلك نجاحهم الحقيقي ونجاح بلادهم تونس.