نجاحه سابقا في إدارة مهرجان المدينة والمساهمة في صنع مجده وتميز دورة 1997 لمهرجان قرطاج الدولي وغيرها من المهام والمساهمات في المشهد الثقافي في تونس من العوامل التي دفعت الجهات الرسمية للمراهنة على مختار الرصاع بتعيينه على رأس إدارة مهرجان قرطاج الدولي منذ دورة العام الماضي. هذا الأخير تحدث ل«الصباح» عن تفاصيل الدورة الرابعة والخمسين للمهرجان التي تنتظم من جويلية إلى 15 أوت وكل متعلقاتها فنيا وماديا وتنظيميا. واعتبر أن قرطاج تعد نافذة تجعل تونس في واجهة العالمية يمكن المراهنة عليها في التسويق لصورة بلادنا وسياحتها من خلال مشاركة جهات أخرى في تنظيم هذا المهرجان على غرار وزارة السياحة. وأكد أن التقليص في الميزانية له تداعيات سلبية على المهرجان العريق والكبير. كما تطرق لمسائل أخرى تهم بقية المهرجانات والمشهد الثقافي في تونس نتابع تفاصيلها في الحوار التالي: - هل تؤكد أن التحضيرات لدورة هذا العام جرت في ظروف أفضل مقارنة بدورة العام الماضي، التي مسكت فيها بزمام إدارة المهرجان في وقت متأخر ووجدت جانبا من البرنامج جاهزا؟ في الحقيقة بدأت العمل فعليا منذ شهر فيفري والأمر ليس اختيارا وإنما أملته الضرورة لأنه لا يمكنني الدخول عمليا في ضبط البرنامج وإجراء الاتصالات والنظر في المطالب والمشاريع المعروضة دون معرفة الميزانية. لذلك وبمجرد التأكد ومعرفة حقيقة هذا العنصر والعامل المتحكم في سير العمل وحدود التحرك توجهنا عمليا إلى ضبط البرنامج. - لاحظت أريحية في حديثك عن هذا العنصر أي الميزانية، فهل يعني أن هناك تطورا في هذا المستوى؟ أعترف لو عكست لكان الصواب، لأن الميزانية تظل دائما العائق الكبير أمام إمكانية تحديد برنامج متكامل يرتقي لقيمة وأهداف المهرجان كما أتمنى وأحلم. إذ يكفي أن أقول إن تقليص 400 ألف دينار من ميزانية دورة العام الماضي كان له تأثير سلبي وبدرجة كبيرة على البرنامج ونفس الشيء يتكرر في دورة هذا العام وذلك بمواصلة تقليص نفس المبلغ من ميزانية الدورة 54 خاصة أن ذلك يتزامن مع ما سجل من تراجع في قيمة الدينار التونسي. فميزانية هذا العام في حدود 633 ألف أورو. وهي لا تكفي لبرمجة مهرجان بعروض عالمية كبرى بل هي في الأصل في قيمة عرض واحد من العروض العالمية الكبرى ولكننا حرصنا على استثمارها في برنامج متنوع ونوعي. - بم تفسر عدم تطور آليات مهرجان قرطاج الدولي بما يعزز موقعه في مصاف المهرجانات الكبرى ويطور أهدافه على أكثر من صعيد؟ أنا من بين المطالبين بضرورة تغيير وتطوير المهرجان ومن ثمة تدعيم دوره. بل أرى أنه يجب أن يتغير ولكن ليس هناك التفاف على هذا المهرجان باستثناء الجهات المنظمة له والمتمثلة في وزارة الشؤون الثقافية والمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية. فأنا أعتقد أن قرطاج تعد نافذة ثقافية بالإمكان المراهنة عليها في هذا المهرجان لخدمة صورة تونس في العالم. لكن هذا الأمر غير ممكن لإدارة المهرجان وحدها مع الجهات الشريكة في تنظيمه، بل يجب مشاركة أطراف أخرى في تنظيم هذا المهرجان وهو ما اقترحته سابقا وأعني بذلك دخول وزارة السياحة على سبيل المثال من خلال مشاركتها في تنظيم حفل افتتاح عالمي يتم توظيفه للترويج للسياحة التونسية من الباب الكبير. والمسألة متاحة لعدة جهات أخرى عمومية وخاصة. لذلك فكل من تداولوا على إدارة هذا المهرجان سابقا حاولوا المحافظة على مرتبته وموقعه رغم الإمكانيات الضعيفة. - هل تعني أن هناك موانع تحول دون هذا التطوير والخوض في مثل هذه الخيارات؟ في تفسيري للمسألة أنها رهينة قصر نظر وتقصير في مستوى التصور والرؤى الهادفة لتوسيع أهداف المهرجان وخدمة صورة البلاد. ويجب الاعتراف أننا، وفي مستوى هذا المهرجان، لم نقدم شيئا للاشتغال على حضارة قرطاج التي تعد مشروعا ثقافيا وحضاريا كفيلا بإنعاش اقتصاد بلادنا وإعلاء صورتها في الخارطة العالمية كمحطة سياحية هامة، لأن من خلالها دخلت بلدان شمال إفريقيا للتاريخ. وقد عملنا في دورة العام الماضي وبعيدا عن العروض الموسيقية على برمجة ندوات في هذا السياق على غرار «قرطاج أول ديمقراطية عربية». ثم لا ننسى أن هناك عدة تظاهرات ومهرجانات لا معنى لوجودها في الساحة على غرار أيام قرطاج الموسيقية ويمكن الاستغناء عنها وتوجيه إمكانياتها من اجل إنجاح المهرجانات الثقافية الكبرى وهي مهرجان قرطاج الدولي وأيام قرطاج المسرحية والسينمائية ومعرض تونس الدولي للكتاب. - هناك إجماع على تراجع مهرجان قرطاج الدولي رغم عراقته إقليميا بعد أن كان يصنف من بين أكبر المهرجانات الدولية فما الذي تراه مجديا ليستعيد مكانته؟ لا أشاطر هذا الرأي بل أعتبر هذا المهرجان لا زال يحافظ على موقعه كأكبر مهرجان في حوض البحر الأبيض المتوسط وهو الأعرق بعد بعلبك. ولكن هناك نقصا في الاتصال في الداخل والخارج للمهرجان أثر على الترويج لما هو ثقافي في تونس وهذا ما جعل صيت المهرجان يخفت مقارنة بما كان عليه من قبل مقابل ما أصبحت توليه بلدان ومهرجانات عربية من عناية بماكينة الاتصال. ثم أن الدورات السابقة شهدت مشاركة كبار الفنانين في العالم العربي والغرب ولكن اليوم أصبح الأمر غير ممكن في ظل ارتفاع قيمة عروض هؤلاء مقابل محدودية ميزانية المهرجان. - لنعد للحديث عن دورة هذا العام فنيا، فما هي المقاييس التي تم اعتمادها في ضبط البرنامج؟ حرصت على أن تكون هناك توازنات في المهرجان أي بين العروض الجماهيرية والعروض الثقافية. والتونسي عادة يبحث عن الترفيه والأسماء الكبيرة التي لا يجدها إلا على ركح قرطاج. لذلك تسجل هذه الدورة عودة كاظم الساهر بعد غياب سنوات كما هو الشأن بالنسبة لماجدة الرومي إضافة إلى مشاركة كل من ملحم زين فيما يتقاسم المصريان «أبو» صاحب أغنية ثلاث دقات وياسمين علي سهرة واحدة في نفس المهرجان. - وماذا عن المشاركة الغربية في هذه الدورة؟ ستكون هناك عدة عروض نوعية وأسماء متميزة ولها قيمتها وصيتها على مستوى عالمي على غرار جمال دبوز ولويس فونسي صاحب الأغنية الشهيرة «ديسباسيتو» وكانجي يجراك وويلي وليام فضلا عن سهرة خاصة بالغوسبال وأخرى لفلسطين بمشاركة كل من أمل مرقص وأمير دندن. -في الدورة الماضية كانت نسبة حضور التونسي في المهرجان ب50 % فهل حافظ على نفس النسبة في دورة هذا العام؟ حرصت في دورة هذا العام على تحقيق التوازن في البرمجة وذلك بمنح فرصة لمختلف الأنماط والأذواق وقد راهنت على الأسماء والعروض الجديدة رغم أن النسبة تراجعت مقارنة بالعام الماضي. لذلك سنجد عدة أسماء واعدة أذكر من بينها حسان الدوس ويسرى محنوش وهالة المالكي وعلي الجزيري وعرض «ميراث» لفرقة زاهر الزرقاطي. أما الافتتاح فهو تونسي أيضا ويتمثل في عرض «من قرطاج إلى إشبيلية» لمحمد الأسود والاختتام بعرض «24 عطر» لمحمد علي كمون. - في حديثك عن برنامج المهرجان ليس هناك أشارة لنمطين لطالما أثار حضورهما في المهرجان جدلا وهما «الراب» والفن الشعبي. فهل يعني ذلك أنه تم إقصاؤهما؟ لا يمكن الحديث عن إقصاء أو تغييب ولكن برمجة هذه الدورة ارتأت خيارات فرضت نفسها لذلك سوف لن يكون الفن الشعبي و»الراب» في برمجة هذا العام. - هل هناك أسماء أو عروض كنت تتمنى مشاركتها أو عرضت عليها إدارة المهرجان المشاركة ولكنها غير موجودة في البرنامج؟ في الحقيقة البرنامج كان مثلما أردته باستثناء بعض الأسماء. فقد اتصلت إدارة المهرجان بجوليا بطرس للمشاركة ولكنها رفضت الطلب على اعتبار أنها غير مستعدة ولها التزامات أخرى. - وهل أغلق ملف أمينة فاخت؟ نعم لقد أغلق ملفها في دورة هذا العام بسبب عدم الاتفاق حول المبلغ الذي اقترحته بعد أن رأت كل من وزارة الشؤون الثقافية والمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والأنشطة الثقافية أن المبلغ الذي اقترحته مشطا. - عدم مشاركة أسماء من الخليج العربي هل هو اختيار؟ ليس الأمر كذلك ولكن أقترح على الفنانين الخليجيين إذا أرادوا المشاركة في قرطاج أن يدفعوا «كاشي» عروضهم. - هل هناك تنسيق مع بقية المهرجانات من أجل إنجاح العروض؟ في الحقيقة ليس هناك تنسيق بسبب التفاوت في إمكانيات المهرجانات. - ولكن الأمر مختلف بالنسبة لمهرجان الحمامات الدولي؟ لا وجه للمقارنة بين المهرجانين إذ تكفي الإشارة إلى أن مسرح قرطاج يتسع لأكثر من ثمانية آلاف مقعد ومسرح الحمامات مخصص ل800 مقعد فقط. لذلك أرى أن يتم تحويله إلى مهرجان للفن والتجارب. - إلى أي مدى يتأثر المهرجان بالعروض التي تنتظم خارجه وعلى ركح المسرح الأثري بقرطاج؟ أعترف أن العروض ما قبل قرطاج وما بعده ضرب لمهرجان قرطاج الدولي وأنا ضدها جملة وتفصيلا. ويفترض أن تتجه كل السلط والجهات للمحافظة على هذا المهرجان الكبير. أبرز الأسماء في الدورة 54 لمهرجان قرطاج الدولي يستضيف مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة عدة أسماء فنية لامعة تونسية وعربية وأجنبية وفيما يلي قائمة أولية لأبرز هذه الأسماء: ماجدة الرومي كاظم الساهر ملحم زين أبو وياسمين علي أمل مرقص وأمير دندن جمال دبوز جانجي جيراك لويس فونسي ويلي ويليام حسان الدوس هالة المالكي يسرى محنوش زاهر الزرقاطي