على اثر اعلان المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) لترشيحه للأديب التونسي عز الدين المدني لنيل جائزة نوبل للآداب لسنة 2018 انقسمت الساحة الادبية التونسية في نهاية الاسبوع الماضي بين مقر بأهمية وأحقية الرجل بهذا الترشيح -وهو في حد ذاته تكريم واعتراف له بجليل الخدمات التي قدمها للثقافة التونسية وقد خدمها منذ خمسينات القرن الماضي- وبين مشكك في هذه الاحقية بذريعة ان عز الدين المدني لم تترجم اعماله دور نشر عالمية كبرى ومعترف بها عالميا الى اللغة الانقليزية والسويدية. وهنالك من اعتبر ان هذا الترشيح سد للطريق امام اسماء اخرى قد تكون مؤهلة اكثر منه ولها حظوظ اوفر من حظوظه لنيل جائزة نوبل للآداب، اسماء متداولة اعلاميا اكثر من اسمه حتى ان البعض روج ان عز الدين المدني لم يكتب الرواية وقال ان كتاباته بسيطة وكلاسيكية. عز الدين المدني ليس اسما نكرة ولعله متداول في الدول العربية اكثر من تونس وخاصة في الساحة المسرحية المصرية وهو صاحب اكثر من الثلاثين كتابا بين مسرح وقصة ونقد للفنون التشكيلية والنقد الثقافي والسيرة الذاتية. نشرت اعماله في تونس وفي عدة بلدان عربية، ولعز الدين المدني تاريخ مع الجوائز الوطنية والعربية مثل جائزة السلطان عويس.. لقد كان من المفروض ان نسعد بترشيح شخصية ادبية تونسية لهذه الجائزة العالمية خاصة وأننا لسنوات طويلة حرمنا انفسنا من هذه المسابقة وفضلنا عدم الترشيح لعدم ايماننا بكفاءتنا وقدرتنا على نيلها والتنافس عليها رغم انه نالها من هو اقل قيمة وانتشارا من عدد كبير من كتاب القصة والرواية والشعر في تونس ومع هذا فإننا لا نرشح احدا خوفا من الانتقاد والتشكيك ولعل بعض المؤسسات رشحت بعض الشخصيات دون ان تعلن عن ذلك خوفا على المرشحين من القيل والقال والتشكيك (علما بان وزارة الشؤون الثقافية والرئاسة وبيت الحكمة لها الحق في اختيار مرشحها لنوبل للآداب). قبل عز الدين المدني تم الاعلان عن اعداد ملف ترشيح محمود المسعدي ولكنه لم يصل على ما يبدو الى ان توفي ونحن نعلم ان هذه الجائزة لا تسند إلا للأحياء من المبدعين كما تم ترشيح الصادق مازيغ ولم ينلها علما بأننا نفرط دائما في حقنا في ترشيح اديبين كل سنة، وبالسؤال عن السبب يقال لنا انها مشكلة الترجمة حيث ان نصوصنا الادبية لا تجد فرصتها للترجمة الى اللغات العالمية الحية مثل الانقليزية والاسبانية والفرنسية (بدرجة اقل) والى اللغة السويدية التي توفر فرصة اكبر لنيل الجائزة على ما يبدو. ويبدو ان التفكير في ترشيح المنصف الوهايبي وعز الدين المدني هذه السنة جاء على خلفية طلب لجنة نوبل لعامي 2017/2018 ترشيح أديب تونسي للجائزة. واليوم وقد تغير الوضع فانه لا بد لنا من ان نستغل الفرصة كاملة حتى وان لم ينجح مرشحونا فلا باس وتبقى العبرة بالمشاركة ولعل حظوظنا كأفارقة وكتونسيين وكصانعي ثورة السلام والفكرة الجديدة التي يحملها عنا العالم تساعد على اعادة قراءة منتوجنا الادبي وتقييمه ايجابيا ثم لا ننسى ان عز الدين المدني هو اول كاتب عربي دخل ابداعه الى مكتبة الكونغرس الامريكية ولعل هذه النقطة تصنع الفارق وتفيد في عملية الاختيار فتكون نوبل من نصيبنا. ولعله من الافضل لنا ان نتفاءل خيرا ونشجع انفسنا ولا نكون عدميين ونرفع شعار انا اولا احد .