قريبا يتم الإعلان عن أسماء الحائزين على جائزة نوبل في كل اختصاصاها تباعا في انتظار ان يتسلمها الفائزون يوم 10 ديسمبر وهو تاريخ ميلاد مؤسسها الفراد نوبل في السويد علما بأنه تم مؤخرا الترفيع في قيمتها بنسبة اكثر من 12 بالمائة لتصبح 1,12 مليون دولار بعد ان تحسنت الاوضاع المادية لمؤسسة نوبل. وفي مثل هذه الايام من كل سنة يبدأ الحديث عن الجائزة ويلح البعض في التساؤل عن سبب عدم حصول العرب عليها، وعن سبب إسنادها اليهم مناصفة في أحسن الحالات أو مع جنسيات مختلفة مثل جائزة نوبل للسلام؟ وإذا كان توجيه اللوم والسؤال بصوت خافت جدا بالنسبة لنوبل للفيزياء والطب وللعلوم بصفة عامة فانه عادة ما يكون بصوت مرتفع جدا بالنسبة لنوبل للآداب التي لم يحصل عليها العرب إلا مرة وحيدة يعود تاريخها الى 30 سنة خلت عندما أسندت للكاتب المصري نجيب محفوظ . عدم حصول العرب على نوبل للآداب يعود إلى سببين اثنين اما لأنها جائزة مسيسة وتسند على اساس الموافق والانتماءات ولا علاقة لها بجمال الإبداع وأهميته ولأنها خاصة بالبلدان الأوروبية وأمريكا باعتبار ان باعثها أوروبي وباعتبار عدد الفائزين بها منذ سنة 1901 من الأوروبيين والأمريكان والذين لم يكونوا في أي وقت من الأوقات أفضل من تقدم للجائزة، مما يجعلها جائزة غربية بامتياز رغم حصول آسويين وإفريقيين عليها فقط طيلة مسيرتها ، او لان العرب الذين يتم ترشيحهم لا يستحقونها لأنهم لا ينقلون الواقع العربي ويكتبون بغير اللغة العربية ويتوجهون لقراء مكتفين بالرواد من ابناء جلدتهم وادونيس وآسيا جبار احسن مثال على ذلك فقد بقى هذا الثنائي على لائحة الترشيح الى ان ماتت آسيا والجائزة لا تسند إلا لمن هم على قيد الحياة من المبدعين في شتى أنواع العلوم وفنون الكتابة ومازال ادونيس ومن رشحوه يحلمون بها علما بان الترشيح لنوبل للآداب يبقى من حق الأشخاص الحاصلين على الجائزة من قبل، او من قبل أساتذة الآداب والبحث اللغوي وأعضاء الأكاديمية السويدية والهيئات المشابهة ورئيس رابطة او اتحاد للكتاب وفي هذا الإطار يأتي ترشيح اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ، الشاعر العراقي الشهير، مظفر النواب، لنيل جائزة نوبل في الأدب لعام 2017. تحصل الكاتب نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب ولكن هل طلبها منهم؟ هل كتب «اولاد حارتنا» لهم او على قياسهم مثلما يفعل عدد من العرب الطالبين لجائزة نوبل عبر نسخ التجارب الأوروبية ومحاكاتها والالتفاف في «جلابيبهم» ..لا بطبيعة الحال . هنالك سبب آخر لنكسة الأدباء العرب امام جائزة نوبل للآداب هي انهم لا يرشحون لها من يستحق اما تعففا وقلة ثقة في النفس او من باب الحسد وفي هذا الخصوص يمكن ان نذكر بما سبق ان صرح به الأديب التونسي محمود طرشونة في خصوص ترشيح الأديب محمود المسعدي لها مثلا وقد كان يستحقها عن جدارة ب»السد» سنة 1955 ورواية «حدث أبو هريرة قال» سنة 1973 و»تأصيلا لكيان» سنة 1979 و»من أيام عمران» ولم يكن الوحيد إذا أخذنا بعين الاعتبار كتابات البشير خريف الذي سبق غيره وأبدع في التيار الواقعي والتجديد وكتابات عز الدين المدني وغيرهم.. علما بان أن لجنة نوبل طلبت من تونس رسميا اقتراح أسماء مؤهلة للحصول على هذه الجائزة المرموقة التي تمنح سنويا للكتاب الذين يقدمون خدمات جليلة للإنسانية من خلال أعمالهم الأدبية. في نفس التصريح الذي يعود تاريخه إلى ندوات الدورة الأخيرة لمعرض تونس الدولي للكتاب أعلن محمود طرشونة أن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة» يعمل حاليا على تفادي ما حصل، من خلال الحرص على دعم حظوظ الأدب التونسي في الدورة القادمة لجائزة نوبل للآداب التي تمنحها الأكاديمية السويدية. والحقيقة أن المتابع الجيد لشان الأدب في تونس يعرف جيدا ان عمليات فرز دقيقة وموضوعية ستفرز لنا أسماء تفردت في كتاباتها وولجت عوالم لم يسبقها إليها احد ولم تنسخ ولم تمش على خطوات أصحاب تجارب غربية سابقة ولم تقتبس وتستحق الترشيح لجائزة نوبل وقد تفوز ومن يقرا العمل الذي فاز به الصيني مويان والفرنسي باتريك موديانو والكندية أليس مونر وسيتأكد انه لنا من الأدباء التونسيين من يقدر على نيلها .. على كل مازالت أمامنا أيام قليلة لنحلم بان يفوز الشاعر العربي العراقي، شاعر التفعيلية والقصيدة الشعبية العراقية مظفر النواب بهذه الجائزة المرموقة. ومظفر النواب هو أحد أنجح الشعراء واحد رموز الحداثة في الشعر العربي، وله تجارب إبداعية غنية، ومن أشهر قصائده «القدس عروس عروبتنا» و«قمم قمم» و«اصرخ» و«البراءة» و«سوف نبكي غدا» و» يوم في حمام امرأة» و«ايام العشق» و«رحيل» و«جزر الملح «ووتريات ليلية».. ان حلمنا كتونسيين وكعرب مشروع فمن كان يعتقد انه يتم اسناد نوبل للآداب في يوم من الايام إلى مغن مثل بوب ديلان فقط لأنّه «خلق تعبيرات شعرية جديدة ضمن تقاليد الغناء الأميركية» وهو حسب التقاليد المتعارف عليها ليس كاتبا أو شاعرا أصلا أصلا.