نظمت جمعية الخبراء العدليين نهاية الأسبوع الماضي ملتقى وطنيا حول «التكوين في مجال الخبرة العدلية» الذي حضره المئات من أهل المهنة والمهن المتداخلة من تونس وكذلك عميد الهيئة الوطنية للمحامين وعدد من إطارات وزارة العدل وعلى راسهم الوزير السابق عمر منصور الى جانب خبراء دوليين من فرنساوالجزائر والنيجر على غرار ERIC ROUCHAULT وطارق السويسي إلى جانب عدد من القضاة والمحامين. الملتقى افتتحه رئيس الجمعية محمد سبري الذي اكد على اهمية مثل هذه الملتقيات واهمية محور التكوين في عمل الخبراء في ظل التحولات العلمية الكبيرة والمستجدات التي ترافق عمل اهل القطاع. الخبرة مقوما من مقومات المحاكمة العادلة من جهته تحدث جلول الشلبي المسؤول الوطني لبرنامج دعم إصلاح القضاء التابع للاتحاد الأوروبي وركز في كلمته على «وحدة التصرف في برنامج دعم اصلاح القضاء» مؤكدا على دور الخبراء العدليين في مجال اصلاح المنظومة القضائية باعتبار أن الخبرة في مجال فض المنازعات بكافة اشكالها تعتبر مقوما هاما من مقومات المحاكمة العادلة التي نص عليها دستور 2014 والمواثيق الدولية. واشار ان هذا الملتقى ينعقد في ظرف هام من تاريخ القضاء التونسي لا فقط مع احداث المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية بل أيضا مع شروع وزارة العدل في اصدار عدد من الأوامر المتعلقة بمساعدي القضاء كإعدادها عدة اجتماعات تهم النصوص القانونية وتحيين قائمة الخبراء العدليين ومراجعة الخارطة القضائية والسجنية واطلاق برنامج العدالة الرقمية 2020. واكد على ان هذا الملتقى يعتبر لبنة هامة في مجال تحسين جودة الخبرة في مجال فض النزاعات وتحسين دور الخبير في مسار القضاء إلى جانب التكوين والرسكلة وترسيخ المبادئ الأساسية في هذا المجال. بعث المجلس الافريقي للخبراء القضائيين من جهته اشار البشير بن خليفة كاتب عام جمعية الخبراء العدليين في كلمته الى اهمية المبادرة التي تم التوصل إليها مع هيكل الخبراء العدليين في الجزائر وموريطانيا لبعث المجلس الافريقي للخبراء القضائيين على أن تلتحق بقية الدول بهذا المولود الجديد. وقال بن خليفة انه وفي غياب هيكل يجمع الخبراء العدليين ويدافع عن مكاسبهم ويؤطرهم تم بعث الجمعية في سنة 2011 التي قدمت عديد الانجازات للقطاع واهله من ذلك المشاركة في مراجعة قانون 2010 واحداث قانون جديد للخبراء العدليين واعداد مشروع قانون من أبرز ما يتضمنه احداث مجمع للخبراء العدليين الى جانب احداث البطاقة المهنية للخبير ومساعده. كما أصبح للخبير الحق في القيام بالاختبارات العدلية المتعلقة بالانتزاع وهو ما جاء بالقانون عدد 53 لسنة 2016 المؤرخ في 11 جويلية 2016 كما كان للجمعية شرف الانتماء إلى اللجنة الوطنية المكلفة بتحديد المعاييرن اللازمة لتقدير غرامة الانتزاع وذلك بموجب القرار عدد 378 المؤرخ في جوان 2017. استعانة القاضي بأهل الاختصاص بدوره كان لعميد المحامين الأستاذ عامر المحرزي كلمة في الملتقى ذكر خلالها انه لئن كان القاضي محمولا على أن تكون له نظرة ودراية ولو بسيطة بمختلف العلوم والأخذ بأسبابها ولو إلماما إلا أن ذلك لا يغنيه من الاستعانة بأهل الاختصاص كلما تعلق الامر بمادة من المواد العلمية وذلك للاستنارة بآرائهم واستكشاف خبايا وأسرار مختلف هذه المواد العلمية سيما وأن التقدم العلمي اصبح يخطو خطوات عملاقة وبنسق متسارع.ولكل ذلك فقد احتل الخبير دورا أساسيا في الاسهام في الوقوف على حقيقة الأمور وإظهار الحق وإعانة كل من جناحي العدالة على فصل النزاعات وايصال الحقوق لأربابها. ومن هذا المنطلق فقد كانت مسؤولية الخبير جد كبيرة نظرا لحساسية دوره وهو ما يدعو إلى العمل على توفير كل الظروف التي من شأنها أن تضمن الكفاءة الصناعية والمهنية والجدية في جانب الخبير. واعتبر أن العمل على تطوير معلومات الخبير وزاده العلمي والمعرفي وتحيينه وتزويده بالتكوين الملائم هو من الضروريات التي تحقق جودة عمله سيما ونحن نشير من وراء هذا إلى حث المشرفين على القطاع على مزيد الجهد لتحقيق هذا الغرض وتكثيف الدورات التكوينية واعتماد اليه التكوين المستمر حتى يواكب الخبير هذا الانفجار العلمي المطرد والذي يسير على نسق مذهل. اكساء حسن سير القضاء قيمة دستورية وفيما يتعلق بمساهمة الخبراء العدليين في حسن سير القضاء ذكرت الأستاذة آمال العباسي المستشارة لدى محكمة التعقيب انه من أهم المكتسبات التي جاء بها دستور 2014 هو اكساء حسن سير القضاء قيمة دستورية إذ نصت الفقرة الأولى من الفصل 114 من الدستور التونسي المؤرخ في 27/1/2014 على أنه «يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاله» وقد أجمع فقهاء القانون على أن استعمال عبارة حسن سير القضاء هو هدف ذي قيمة دستورية يتنزل ضمن الحقوق الإجرائية والضمانات الدستورية فحسن سير القضاء هو غاية تصبو إليها العدالة بصفة عامة وقد نص الفصل 108 من دستور 2014 على أن «لكل شخص الحق في محاكمة عادلة في أجل معقول». وفي هذا الاطار تبرز أهمية عمل الخبراء الذين يلتجئ إليهم القاضي للاستشارة بمسائل فنية تتجاوز معرفته وتمكنه من الفصل في النزاعات المطروحة لديه لاسيما وأن الحاجة إلى الخبرة تتأكد اليوم أكثر فأكثر بالنظر للتطور العلمي السريع في مختلف المجالات وبروز علوم وتقنيات حديثة تتطلب خبرات وكفاءات حديثة على دراية بتك العلوم. من جهته تطرق محمد المسعي وكيل رئيس المحكمة الابتدائية تونس 1 إلى الإطار القانوني والعملي للاختبارات في المادة المدنية حيث سلط الضوء على أهم المحاور التطبيقية المتعلقة بالاختبارات العدلية في المادة المدنية وهي الاختبار وسيلة استقراء، الاختبار وسيلة اختيارية، الاختبار يعهد لشخص مؤهل قانونا، منهجية صياغة مأمورية الاختبار، منهجية تنفيذ المأمورية، رأي الخبير لا يقيد المحكمة وأخيرا أجرة الخبير. كما تطرق الاستاذ محمد فريد هرلي الخبير لدى المحاكم الى دور التكوين المستمر في التنمية التكنولوجية وتحدث الفرنسي Eric Rouault الخبير العدلي ومكون الخبراء العدليين والمحامين الى دور التعاون بين هياكل القضاء من اجل عدالة قضائية ودور كل طرف في حسن سير المنظومة القضائية. واختتم الملتقى بتقديم طارق سويسي نائب رئيس الجمعية لمحاور التكوين التي يجب ان يخضع لها الخبير العدلي ثم تم التوقيع على جملة من الاتفاقيات الدولية مع كل من الجزائر والنيجر وكذلك جملة من التوصيات التي من شأنها أن تساعد على عمل الخبير العدلي وتدفع القطاع لما فيه خير التقاضي وخير العدالة.