أكثر من 90 بالمائة من متساكني القصرينالمدينة غير راضين على الخدمات البلدية وفق سبر آراء أجراه مرصد العمل البلدي والتخطيط الحضري خلال شهر ماي 2018، شمل 992 عائلة من متساكني بلديات القصرين، والزهور، والنور، بالقصرينالمدينة بخصوص جودة الخدمات البلدية والإدارية ونظرتهم للحكم المحلي. ورد أيضا في هذه النتائج أنّ 94 بالمائة من العائلات التي شملتها الدراسة تشكو من الانقطاع المتكرر في شبكة التيار الكهربائي، و81 بالمائة من العائلات تشكو من التوزيع غير المنتظم في شبكة الماء الصالح للشرب. كما أنّ 90 بالمائة من المواطنين أقروا بتدهور الوضع البيئي، ومن تكدس الفضلات وانتشارها في الأنهج والشوارع والأحياء بسبب عدم رفعها بصفة منتظمة، وأقرّ 72 بالمائة منهم بتدهور البنية التحتية وترديها، وأشار 92 بالمائة منهم إلى الغياب شبه التام لوسائل الترفيه. وعبّر أكثر من 70 بالمائة من المواطنين عن إحساسهم بعدم الأمان منذ سنوات ما بعد الثورة بسبب تنامي الجرائم المنظمة بالجهة وخاصة النشل والسرقات إلى جانب الإرهاب المستوطن بمرتفعات الولاية. جملة هذه التشكيات يمكن سحبها دون شكّ على أغلب البلديات وإن كان بدرجات متفاوتة، فجلّ التونسيين تقريبا يشكون من تدهور الوضع البيئي وضعف الخدمات البلدية وتراجعها خاصة بعد الثورة. هذا التراجع في نوعية الخدمات المُسدية من قبل البلديات التي تحوّلت بعد الثورة إلى نيابات خصوصية يُحيلنا إلى جملة من التساؤلات الجوهرية في مقدّمتها حقيقة الوضع المالي للبلديات ما تسبّب في هذا التراجع؟ وإذا كان الوضع المالي كارثيا لعدد منها فكيف سُتعالج ديونها وكيف ستواجه المصاعب المالية؟ وهو ما يطرح بالضرورة تساؤلا بخصوص أولى المهام التي ستضطلع بها المجالس البلدية المنتخبة في قادم الأيام حتى تنجح في وضع خارطة طريق واضحة توفّر الحدّ الأدنى من الخدمات لفائدة المواطنين. كيف ستواجه البلديات مديونيتها؟ تُقدّر قيمة ديون البلديات ب150 مليون دينار منها 108 مليون دينار بذّمة 64 بلدية مطالبة بتطهير مديونيتها تجاه المؤسسات العمومية والخاصة خلال سنتي 2018 و2019 على أقصى تقدير حتى تتمكن من مواكبة المسار اللامركزي الجديد بمزيد من الكفاءة والنجاعة والفاعلية في الأداء وفق ما أكّّده ل»الصباح الأسبوعي» فيصل القزّاز مدير عام الموارد وحوكمة المالية المحليّة بوزارة الشؤون المحلية والبيئة. قال القزّاز إنّ «تطهير مديونية هذه البلديات سيكون بعنوان سنة 2016 وما قبلها بأن تتحمّل الدولة الديون المتخلدة بذمة 64 بلدية لفائدة المؤسسات العمومية في حدود 100 مليون دينار تتم تسويتها دفعة واحدة سنة 2018 وذلك باعتماد محاضر اعتراف بالدين بين كل بلدية ومؤسسة عمومية معنية مع تولي مصالح وزارة المالية اعتمادها دون الحاجة لتوفير سيولة مالية حقيقية». وفي ذات السياق أوضح مدير عام الموارد وحوكمة المالية المحليّة أنّ «28 بلدية ستتحمّل الدولة كامل ديونها المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية مستوجبة الخلاص بعنوان سنة 2016 وما قبلها، كما ستتحمّل الدولة جانبا من ديون 36 بلدية المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية». لكن تدخّل الدولة في تطهير مديونية هذه البلديات لن يشمل إلاّ الديون المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية أو جانبا منها بمعنى أن مجال التدخل والتطهير لن يشمل الديون المتخلدة لفائدة المؤسسات الخاصة، كما أنّه يتعيّن على 200 بلدية تسوية ديونها المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية والخاصة بالاعتماد على مواردها الذاتية. وضع مالي كارثي منذ سنة 2011 تدخّلت الدولة لمرافقة البلديات خاصة على المستوى المالي بضخ أموال إضافية كدعم استثنائي للميزانيات حتى تتمكن من استخلاص الأجور إلى جانب اقتناء معدات في شكل هبات. ووفق ما أكّده فيصل قزاز فإنّ قرابة 566 مليون دينار تمّ ضخها في شكل مالي أو عيني لفائدة البلديات حتى تتمكن من استرجاع أنفاسها، وقد تمكنت البلديات في سنة 2013 من استرجاع مستوى يفوق سنة 2010. أولى المهام التي تنتظر المجالس البلدية اليوم انتخبت المجالس البلدية التي ستخضع في تنظيمها وتسييرها إلى القانون عدد 29 لسنة 2018 المؤرّخ في 9 ماي 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحليّة، وفي انتظار إنهاء تنصيب المجالس البلدية المنتخبة واختيار رئيسها إلى غاية غدا الثلاثاء 3 جويلية الجاري كآخر آجال. فإن العديد من الأسئلة تتبادر إلى أذهان الناس من بينها أولى المهام والقرارات المستعجلة التي تنتظر المجالس الجديدة. في هذا السياق أوضح حاتم المليكي الخبير في الحوكمة والجماعات المحليّة أنّ أولى المهام البيديهية هي تركيز المجالس البلدية وانتخاب رئيسها وهو ما تمّ في أغلب المجالس إلى جانب تركيز اللجان. وبيّن المليكي «اليوم هناك مسائل موكولة لوزارة الشؤون المحلية والبيئة والحكومة بصفة عامة وهي استكمال الإطار التشريعي باعتبار وجود حوالي 30 أمر حكومي تشير إليه مجلة الجماعات المحلية صراحة وإن كانت ليست بنفس الأولوية كالأوامر الحكومية المتعلقة بالمجالس الجهوية. ولكن هناك أوامر حكومية مستعجلة تتعلّق بعمل المجالس مثل الأوامر التي تهمّ منح رؤساء المجالس البلدية والامتيازات الموكولة لمساعديه أو نشر القرارات الترتيبية في الجريدة الرسمية للجماعات المحلية، وقد شرعت الحكومة في إعداد ذلك ومن المنتظر أن يتمّ نشرها في الأيام القليلة القادمة». إصدار الأوامر الحكومية وأضاف «من ناحية أخرى هناك مسائل متعلّقة بالإدارة البلدية في ما يهمّ خطط الكتاب العامين أو في إبرام عقود شراكة أو إنشاء مؤسسات عمومية أو اتفاقيات تعاون مع مؤسسات خارجية للدولة كلّها مسائل ذات أولوية تستوجب إصدار الأوامر حتى يتوفر للمجالس إطار تشريعي يُمّكنها من العمل». وبيّن حاتم المليكي «ما يُحبّذ اليوم هو تفعيل مجلة الجماعات المحلية برمّتها بالقوانين والأوامر الحكومية حتى لا يبقى هناك خلط وتضارب وفراغ قانوني قد يُمثل عقبة أمام عمل المجالس البلدية». من المسائل المهمة أيضا والتي يجب أن تأخذها المجالس بعين الاعتبار، وفق قول الخبير في الحوكمة والجماعات الحملية، هو أن «تبدأ اللجان البلدية في العمل على المرافق الحياتية للمواطن والمهمّ في المرحلة القادمة هو ضمان عمل المجلس البلدي كوحدة متجانسة تشتغل في ظروف طيبة وفق روح القانون الذي يُنظّمها». ومن المهام الجديّة والعاجلة والتي يجب النظر فيها وأخذها بعين الاعتبار «هو إخضاع جميع أعضاء المجالس البلدية وإطاراتها وأعوانها للتكوين والتدريب حتى يتمكن الجميع من مضمون مجلة الجماعات المحلية والتدقيق في الإجراءات الموجودة تجنبا لأي مضيعة للوقت في اتخاذ القرارات أو التشكيك فيها ومن ثمة إمكانية التسبب في نزاعات بين البلديات». أما المسألة الثالثة المهمة فتتعلّق «بضرورة الشروع في أقرب وقت ممكن في التشخيص الفني للمجال البلدي كتشخيص الطرقات والإنارة ومياه الفيضانات وشبكة التطهير والماء والكهرباء وغيرها وفق الدليل الذي أعدته وزارة الشؤون المحلية والبيئة. إلى جانب التشخيص الفني الخاص بالبنية التحتية يجب القيام بالتشخيص المالي للتعرف على الموارد الذاتية للبلديات لمواجهة مصاريف التسيير أو الاستثمار خاصة وأنّ ميزاتي 2017 و2018 متوفرتان». ◗ إيمان عبد اللطيف قائمة ال64 بلدية التي تواجه ديونا وفق الإدارة العامة للموارد وحوكمة المالية المحليّة ستدخّل الدولة في تسوية ديون 64 بلدية قُدّرت ب108 مليار، وستكون التسوية كالتالي: 28 بلدية ستتحمّل الدولة كامل ديونها المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية وهي القصرين، توزر أم العرائس، باردو، قرطاج، القصر، بن قردان، القيروان، قبلي، حمام الأنف، نفطة، الرديف، مدنين، سوق الأحد، طبرقة، الحامة، القطار، طبربة، دقاش، سبيطلة، المتلوي، الكاف، مارث، سيدي بوعلي، بوسالم، سيدي بوسعيد، دوز، عين دراهم. كما ستتحمّل الدولة جانبا من ديون 36 بلدية المتخلّدة لفائدة المؤسسات العمومية وهي الجمّ، تستور، العلا، المظيلة، مطماطة القديمة، منزل النور، غار الدماء، حاجب العيون، تلابت، تالة، غنوش، مكثر، جبنيانة، الدهماني، تبرسق، الوردانين، جمنة، مساكن، قلعة سنان، تمغزة، قبلاط، حامة الجريد، مطماطة الجديدة، كسرى، السواسي، وذرف، المرناقية، مجاز الباب، البطان، سبيبة، بقالطة، منزل حرّ نصر الله، بني خداش، السند، وجربة مديون.