ماذا يحدث في مدينة الثقافة.. أين الثقافة والفنون في زخم الأنشطة السياسية والاقتصادية والتي تطل علينا كل يوم في نشرات وأخبار الصحف ومقر إقامتها مدينة الثقافة !؟.. أخبار عن اليوم العالمي للبيئة وندوات عن «سمك التن» وأخرى عن قضايا النساء ومؤخرا أربعينية الراحلة مية الجريبي و«كرسي أبو قاسم الشابي للشعر العربي» والذي أجل بسبه عرض كوريغرافي ضمن برمجة أيام قرطاج الكوريغرافية وألغي آخر.. يقول البعض أن هذا «الكرسي» مكسب ثقافي يحتفي بشاعر الحياة فهل هذه «المهزلة» تليق بأبو قاسم الشابي!؟ حدث أشرف عليه رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي عن شاعرنا الكبير لكن الإعلام العربي لم يركز في نقله للخبر سوى على أهمية مبادرة المؤسسة الكويتية «عبد العزيز سعود البابطين الثقافية».. ماذا استفاد المشهد الثقافي التونسي من هذه السهرة، التي لا تليق بالشعر التونسي ولا بشعرائه ولا بالمحتفى به ولعّل ما قدم من شعر ومنها قصيدة للمنصف المزغني هي أقرب لبيان نقابي منها للشعر.. وكيف تنظم مثل هذه الأحداث وتتزامن مع المهرجانات الكبرى لوزارة الشوؤن الثقافية على غرار أيام قرطاج الكوريغرافية.. من المسؤول عن هذه الفوضى في التنظيم ؟ لماذا لا يقع استغلال قصر المؤتمرات لمثل هذه الأنشطة ويمنح المثقفون والفنانون هامشهم الخاص والحلم، الذي انتظره الكثيرون منهم لأكثر من عقد من الزمن..؟ ولماذا لا تستغل رئاسة الحكومة الأرض التي تملكها على مقربة من مدينة الثقافة وتشيد فيها صرحا لأنشطة الوزراء ووزاراتهم..؟؟ لعّل البعض يعتبر حضور الساسة بمدينة الثقافة دعما للإبداع في البلاد ولكن للأسف لم يثمر أي حضور لهم إلى الآن سوى تعطيل للبرامج الثقافية المبرمجة فأهل الأحزاب ووزراء البلاد لا يطلون علينا في مدينة الفنون والثقافة لدعم نشاط فني وإنمّا لاستغلال هذا الفضاء لأنشطتهم الوزارية أو الحزبية وما حدث في أربعينية الراحلة المناضلة مية الجريبي خير دليل على الخطر الذي سبق أن نبهنا إليه أكثر من مرة.. فرفع شعارات سياسية في مدينة الثقافة على غرار ما حدث مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في أربعينية مية الجريبي بقاعة الأوبرا هو نتيجة لاستغلال السياسيين ومواليهم لهذا الفضاء الثقافي.. لا يمكن في بلد منعت فيه بعد الثورة الأنشطة السياسية والحزبية في دور ثقافته أن تكون أبواب رمز الفضاءات الثقافية فيه «مدينة الثقاقة» مشرعة لبرامج سياسية.