هل التوافق بين النهضة والنداء انتهى؟ وهل انخراط النداء في التوافق مع النهضة بناء على قناعة سياسية ام لضرورة واقعية وهو حاجته لقاعدة سياسية وانتخابية عريضة تدعم حكمه لكنه تاكد بعد الانتخابات ان قاعدته السياسية والانتخابية تقلصت لذلك اراد العودة الى جمهوره القديم الذي انتخبه في 2014 حتى ولو كان ذلك على حساب توافقه مع النهضة؟ هذه الاسئلة التي تحكم المشهد السياسي في تونس اليوم دون وجود اجابات واضحة لها وسط كم التصريحات سواء من النهضة او النداء؟ «التوافق سيستمر في تونس ولا بديل عنه ولا احد قادر على ان يحكم وحده وان يقصي الاخر « عن مستقبل التوافق بين النداء النهضة تحدث رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في اكتوبر، لكن يبدو ان القراءات اختلفت اليوم وكان بالنهضة تسعى الى التخلص من هذا التوافق الذي بات عبئا عليها لانها لم تعد في حاجة اليه بعد تفوقها في البلديات. وفي جانب اخر بات اصرار النهضة وتمسكها بالشاهد وكانه مقصود منه كسر شعار «التوافق السياسي» كما يبدو ان الحركة تعلم ان تمسكها برئيس الحكومة سيؤدي الى الانفجار بينها وبين الحزب الحاكم وهذا ما يبين بوضوح انها لم تعد مصرة على استمرار التوافق ولم تعد ترى في نداء تونس الشريك السياسي الذي ستقود معه البلد مستقبلا. فحركة نداء تونس ليست المرة الاولى التي تعلن فيها ومن خلال بيانات رسمية وتصريحات قيادية عن نهاية «مشوار التوافق «مع النهضة ففي جانفي الفارط أعلنت حركة نداء تونس، قرارها بالقطع رسميا مع مرحلة التوافق التي طبعت علاقاتها بشريكها في الحكم النهضة، وإعلانها كمنافس رئيسي خلال الانتخابات البلدية القادمة في مايو 2018. وأكدت الحركة في بيان رسمي لها انذاك، بأنها ستتقدم للانتخابات البلدية بقوائمها الحزبية المفتوحة على الكفاءات، دفاعا عن ما أسمته مشروعها العصري والمدني، في مواجهة المشروع الذي تمثلة حركة النهضة، في إشارة إلى مرجعيتها الدينية. وقدمت الحركة نفسها باعتبارها «الضامن الوحيد لبقاء المشروع الوطني العصري الذي بنته دولة الاستقلال على مدى أكثر من ستين سنة»، بحسب ذات البيان. وفي هذا الإطار، أكد الناطق الرسمي باسم نداء تونس المنجي الحرباوي، في تصريح سابق له، أن بيان الحزب الجديد هو إعلان رسمي لإنهاء مرحلة التوافق مع حركة النهضة. واضاف»تلك الشراكة التي قبل بها نداء تونس ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، اقتضتها هشاشة الوضع السياسي في فترة ما، وكانت تتطلب التفاف كافة الفرقاء السياسيين حول مصلحة الوطن». وشدد أن نداء تونس يسعى حاليا لإعادة الثقة في ناخبيه الذين خسرهم، بعد تقديمه تنازلات كبيرة بقبوله الدخول في شراكة سياسية مع خصمه السياسي التي اقتضتها تلك المرحلة، مؤكدا أن التوافق مع النهضة أضر بنداء تونس وبصورته أمام قواعده. نفس القيادي بنداء تونس منجي الحرباوي، أكد في تصريح اول امس أن التحالف مع حركة «النهضة انتهى، مشيراً إلى أن نتائج الانتخابات البلدية تؤكد أن التوافق المستمر بين الطرفين بات من الماضي. غير ان زبير الشهوي القيادي بحركة النهضة علق في حوار ل»القدس العربي» عن التصريحات الاخيرة من داخل النداء حول نهاية التوافق قائلا «ان التوافق في الأصل هو بين الحركة والرئيس الباجي قائد السبسي الذي يحظى بثقة التونسيين، وليس مع نداء تونس الذي يعاني من أزمة حول شرعية تمثيله». وفي تصريحه قال الشهودي «صحيح أن التوافق مع نداء تونس بدأ يهتز، لكن لنكن واضحين، فالتوافق في جوهره هو مع رئيس الدولة الذي يتمتع بثقة ويحمل قدرًا كبيرًا من استيعاب الاختلاف والتنوع، فنحن نعتبر أنفسنا في شراكة مع رئيس الدولة وننتظر من نداء تونس تعدي نفسه واستيعاب أوضاع ما بعد الانتخابات البلدية». تصاعد خطاب الاستقطاب رياض الشعيبي رئيس حزب البناء الوطني اعتبر في حديثه ل «الصباح» ان نتيجة الانتخابات البلدية كانت النقطة التي انتهى عندها التوافق بين النهضة والنداء لان النهضة «نكثت» وعودها لنداء تونس وتطميناتها لرئيس الجمهورية وهو ما اعتبره الندائيون بخيانة النهضة لهم ودعوا لانهاء التوافق والعودة للاستقطاب الثنائي. واضاف الشعيبي قائلا «ما كان نداء تونس ليوافق على اجراء الانتخابات البلدية في موعدها وما كان رئيس الجمهورية ليصدر الامر الرئاسي الداعي للانتخابات لو لا تطمينات تلقاها من النهضة بان النهضة لن تدخل بكل قوّتها للفوز بالانتخابات وبان نتيجة البلديات لن تؤثر على التوافق بين النهضة والنداء بما يعني ضمنيا بقاء النداء في الصدارة على المستوى السياسي على الاقل. واشار رئيس حزب البناء الوطني الى انه منذ انتخابات 2014 ارست النهضة ونداء تونس ديمقراطية توافقية وليست ديمقراطية تمثيلية وبالتالي المنافسة الانتخابية ونتائج الانتخابات ليست هي المحددة في تقاسم السلطة بل التوافق السياسي بين النهضة والنداء هو الذي يحدد حجم مشاركة كل طرف في الحكومة. وحسب الشعيبي فانه بعد الانتخابات تصاعد خطاب الاستقطاب الثنائي من النداء لاستعادة قاعدته الانتخابية التي خسرها واليوم وبعد استعمال النهضة للفيتو امام اقالة الشاهد وتمردها على ارادة رئيس الجهورية تحت دعوى الاستقرار تصل البلاد الى حالة من الانسداد السياسي بعد تعطل اعمال مجلس النواب كرد فعل من النداء على مواقف النهضة. واستبعد الشعيبي مسالة اختلاق الازمة للتخلص من النهضة مؤكدا انها ازمة حقيقية لانه لا يمكن ان يستقيم حزب بقيادتين تنفيذيتين قيادة داخل الحزب يمثلها المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي وقيادة داخل الجهاز التنفيذي للدولة يمثلها رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وشدد المتحدث على ان الخاسر الاكبر هو البلاد لان الاحزاب ليست الا ادوات للاشتغال على برامج تنموية وعندما تغرق الاحزاب السياسية في صراعاتها الداخلية كما هو الامر الان بين النهضة والنداء فان البرامج تتعطل ضرورة واعتقد ان التوافق السياسي قد فشل في اخراج تونس من ازمتها لانه اعاق انطلاق مشاريع التنمية الحقيقية في البلاد من خلال التسويات بين النهضة والنداء في مرحلة سابقة ومن خلال تحوله الى ازمة سياسية بين الحزبين في هذه المرحلة. وذهب الشعيبي بقوله ان من سيحدد مستقبلا طبيعة المشهد السياسي اولا انتخابات 2019 لان مواقف كل الاحزاب ستتحدد بناء على هذه الانتخابات ونتائجها المتوقعة ثم المسالة الثانية انطلاقا من الوضع الاقتصادي والاجتماعي لان صعوبة الوضع قد تؤدي الى توترات اجتماعية وهذا ما سيجعل كل طرف سياسي يحاول ان يتبرأ من مسؤليته على ما آل اليه الوضع في البلاد. وعن علاقة رئيس الحكومة بحزبي النداء والنهضة اعتبر المتحدث ان الطلاق بين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي ورئيس الجمهورية هو طلاق «بائن» والواضح ايضا ان رئيس الجمهورية في اضعف حالاته السياسية اذ يعاني عجزا عن اتخاذ اي مبادرة سياسية لحل الازمة وما صمته لاكثر من 3 اشهر الا بسبب عجزه عن حسم الخلاف بين ابنه ورئيس الحكومة، اما بالنسة للنهضة فان يوسف الشاهد هو ورقة للمناورة السياسية وليس خيارا استراتيجيا لا يمكن ان يكون حليف النهضة مستقبلا. خطاب النداء مرتبك من جانبه وصف عبد الحميد الجلاصي القيادي بحركة النهضة الخطاب السياسي داخل النداء «بالمرتبك» مضيفا،» ان كل الاحزاب تمر بصعوبات ،لكن الطريق لتجاوزها يمر بالضرورة بمواجهة الاسباب الحقيقية ،لان سياسة الهروب الى الامام ليس لها من نتيجة سوى موافقة الازمات النداء الان في وضعية صعبة . هو بصدد البحث عن ذاته . العلاقات السياسية بما فيها مع حركة النهضة احدى نقاط هذا البحث عن الهوية والتموقع .» واورد الجلاصي قائلا» ان الاصدقاء في النداء ،مهما كانت مواقفهم وعلاقاتهم، سيهتدون الى حلول عقلانية لان تونس تحتاج الى احزاب قوية، والنداء بامكانه ان يكون كذلك». وعن مصير التوافق بين النداء النهضة قال الجلاصي «بقطع النظر عن المصطلحات توافق او شراكة او غيرها ،فاننا امام مرحلتين من هنا الى 2019 وهذه سنديرها، شئنا ام ابينا، وفقا للتوازنات القائمة وهي عموما توازنات 2014 بقطع النظر عن إرادات الفاعلين وما بعد 2019 ستدار البلاد وفقا للنتائج، واتوقع انها ستفرض ايضا تشاركية، يسميها أصحابها توافقا او غيره.. العبرة في الحياة. وفي تعليقه عن التصريحات المتعلقة بنهاية التوافق قال المتحدث «نحن نتفهم كل التصريحات، حتى المتناقضة، ضمن هذا الإطار والسياسة ليس بالأسماء وانما بالمسميات، وفي هذا نحتاج دائما للتشارك .هذا اعتقادنا للسنوات القادمة.»