ردا على سؤال النائب عماد الدايمي المتعلق بحادثة غرق مركب المهاجرين غير الشرعيين بين وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي أمس خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة بقصر باردو ان فاجعة غرق المركب حدثت ليلة 8 أكتوبر 2017 وذهب ضحيتها ستة واربعين مواطنا تونسيا جلهم في عنفوان الشباب وكانوا يتطلعون الى حياة افضل وهم في الحقيقة ضحية احلام زائفة يروجها تجار الموت ولا علاقة لها بحقيقة الاوضاع التي تنتظرهم في الضفة الشمالية للمتوسط. واكد انه من ضمن المهام الاصلية للجيش الوطني حماية المواطنين ونجدتهم واغاثتهم اثناء الكوارث وليس التسبب في هلاكهم. وفسر أن واقعة ليلة 8 اكتوبر تعتبر بالنسبة للجيش حادثة اليمة وكارثة وعبر باسمه واسم المؤسسة العسكرية عن اسفه الشديد لما الحقته من حزن ولوعة لدى عائلات الضحايا. وأضاف الزبيدي ان الجيش هو هيكل تنفيذي يطبق التشريعات التي يقع اصدارها تحت قبة البرلمان وأعلم النواب بوجود نقائص تشريعية لا بد من معالجتها وأضاف انه من ضمن مهام الجيش حماية الحدود والنجدة والاغاثة بالبحر والتصدي للجريمة المنظمة العابرة للحدود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، ولكي يقوم بمهامه يستعمل الزوارق السريعة والخافرات والطائرات العمودية كما انه يعمل في إطار المهام التي خولها له الدستور وفي إطار الدولة التونسية والتزامها بتعهداتها الدولية والاقليمية والثنائية، وذكر ان جيش البحر عمل خلال سنة الفين وسبعة عشر على انقاذ الف وواحد وستين شخصا منهم 261 اجنبيا من جنسيات افريقية واحبط ستين محاولة ابحار خلسة أما في السداسي الاول من السنة الحالية فقد أنقذ 529 شخصا وأحبط 14 محاولة ابحار خلسة. بخصوص ملابسات الحادثة ذكر الزبيدي انه تم ختم البحث موفى شهر رمضان وهي مدة معقولة وليست طويلة بالنظر الى التعقيدات التي حفت بالحادثة والاختبارات المستوجبة. وذكر الوزير أنه في حدود الساعة الثامنة وأربعين دقيقة من ليلة 8 أكتوبر 2017، تم رصد مركب صيد مجهول الهوية بسواحل جزيرة قرقنة على بعد ثلاثين ميلا من شمال شرق العطايا، وكان على متنه مهاجرون غير شرعيين بصدد الابحار نحو ايطاليا، واتجهت الخافرة صدر بعل نحو هذا المركب للاستعلام وعند اقترابها منه وبناء على الاجراءات المعمول بها تمت مطالبة ربانه بالتوقف وذلك باستعمال كل الوسائل السمعية والبصرية المتاحة غير انه لم يمتثل للأوامر وقام بمناورات خطيرة أمام الخافرة. وعرض الوزير على النواب الحاضرين فيديو محاكاة في هذا الغرض. وأضاف أنه نظرا لما يكتسيه هذا التصرف من خطورة، وسعيا لإنقاذ الاشخاص الموجودين على متن المركب اضطر آمر الخافرة الى اتباعه باستعمال خراطيم المياه علما وان دليل الاجراءات يعطي في مثل هذه الحالات لآمر الخافرة سلطة تقديرية. وأثناء المناورة التي كان يقوم بها المركب الذي يقل تسعين شخصا دون ان يستجيب لشروط السلامة، لامس الخافرة وفقد توازنه ومال على جانبه الأيسر وغرق في حدود منتصف الليل الا الربع على بعد 90 كم من جزيرة قرقنة، ونتج عن هذا الحادث هلاك ستة وأربعين شخصا وفقدان ستة أشخاص ونجاة 38 من ركابه تم انقاذهم من قبل ضباط الخافرة العسكرية. ولدى حديثه عن الاجراءات الادارية والقضائية المتخذة في خصوص الحادثة قال وزير الدفاع ان الاجراء الاول تمثل في اعلام النيابة العسكرية بالموضوع وتكليف التفقدية العامة الخاصة بالقوات المسلحة لفتح بحث اداري وقد تعهد قاضي التحقيق العسكري بالملف من قبل النيابة العسكرية بصفاقس ضد كل من سيكشف عنه البحث في اربعة تهم اولية: تتمثل التهمة الاولى على حد تأكيده في القتل العمد مع سابقية القصد ومحاولة ذلك والاقدام لغاية اجرامية على اتلاف وسائل الدفاع الوطني، وتتمثل الثانية في تكوين وفاق يهدف الى مغادرة اشخاص التراب التونسي خلسة نتج عن ذلك الموت والمشاركة في ذلك. اما التهمة الثالثة فهي ارتكاب ربان المركب مخالفة للقواعد المفروضة لاجتناب التصادم وتتمثل التهمة الرابعة في الابحار على متن سفينة تونسية بالمياه الاقليمية دون احترام التراتيب والاوامر الصادرة عن السلطة البحرية. ويتمثل الاجراء الثاني في المعاينة والأبحاث الاولية التي قام بها قاضي التحقيق بصفاقس وقام بمعاينة الخافرة العسكرية على حالتها بعد الحادثة اما الجراء الثالث فتمثل في سماع الشهود واستنطاق ذوي الشبهة وفي هذا الصدد تم أولا استنطاق امر الخافرة العسكرية حول ظروف وملابسات الواقعة وكيفية تصرفه كآمر للوسيلة المذكورة عند متابعة القارب المبحر خلسة والاعمال التي قام بها والاوامر التي اصدرها ومدى احترامه للنصوص القانونية الجاري بها العمل، وتم ثانيا اسناد انابة قضائية لضابط العدالة العسكرية بالقاعدة البحرية بصفاقس قصد سماع طاقم الخافرة، وتم ثالثا اسناد انابة قضائية لرئيس فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني قصد سماع الناجين من الحادث واهالي الهالكين والمفقودين اما الاجراء الرابع فيتمثل في التساخير والاعمال الفنية وتم في هذا الشأن اصدار الاذون القضائية اللازمة لمعاينة الجثث وانتشالها من قاع البحر وتشريحها والتعرف على هويات اصحابها وتسخير فريق فني مختص في التصوير في أعماق البحار لالتقاط صور وأشرطة فيديو للقارب الغارق وتمت مكاتبة اركان جيش البحر للاسترشاد عن التعليمات الجاري بها العمل في مجال التعامل مع قوارب الهجرة السرية عند اعتراضها في البحر ومكاتبة شركات الاتصالات للتعرف على ارقام نداء المظنون فيهم وتم توجيه مامورية اختبار وتسخير خبيرين مدنيين لتحديد ملابسات الحادثة ودراسة توازنات المركب وتبين انه يتسع لعشرة اشخاص لكن كان على متنه تسعون راكبا. وايضا لتبين حالة الملاحة قبل الحادثة والقياسات التي تم اخذها من قبل فريق الغوص.. وقرأ الوزير على النواب ما جاء في تقرير الخبيرين المدنيين ما يلي :" غرق المركب لم يكن ناتجا عن اصطدام مقصود او متعمد بل عن تسلسل وقائع واحداث وأخطاء وتقصير قام بها بدرجة اولى ربان المركب الذي غامر بحياة تسعين شخصا بوسيلة لا تتسع لأكثر من عشرة اشخاص ولا تستجيب لشروط السلامة مع عدم الامتثال للامر بالتوقف ومجازفته اضافة الى ان المركب لم يكن يحمل إنارة وبدرجة ثانية آمر الخافرة العسكرية الذي بالغ في الاقتراب من المركب المذكور ولم يحترم مسافة الامان الضرورية مما تسبب في فقدان المركب للتوازن وانقلابه. ولخص وزير الدفاع النقطة الثالثة المتعلقة بالإجراءات بالإشارة الى انه بتاريخ السادس عشر من افريل 2018 اصدر قاضي التحقيق العسكري قرارا يقضي بتفكيك القضية والتخلي عن النظر في الواقعة المتعلقة بتكوين وفاق يهدف الى مغادرة اشخاص للتراب التونسي خلسة والمشاركة في ذلك والمنسوبة للمتهمين المدنيين وعددهم 8 لفائدة المحكمة المختصة لخروجها عن انظار القضاء العسكري. كما قرر في 17 ماي 2018 ختم البحث في القضية وجاء في قرار ختم البحث وفق ما بينه الزبيدي: اولا توجيه الاتهام لكل من ربان الخافرة العسكرية وربان القارب المنكوب بعد ثبوت مسؤوليتهما عن الحادث واحالتهما على الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية الدائمة بصفاقس لمقاضتهما من اجل ارتكابهما لجريمتي القتل عن غير قصد المتسبب في قصور وعدم احتياط واهمال وعدم تتبه وعدم مراعاة القوانين والحاق اضرار بدنية للغير من غير قصد المتسبب عن عدم الاحتياط والاهمال وعدم التنبه وعدم مراعاة القوانين. ثانيا: في ما يخص ربان الخافرة العسكرية اضافة جريمة مخالفة التعليمات العسكرية. ثالثا : في ما يخص ربان القارب المنكوب اضافة جريمة مخالفة القواعد المفروضة لاجتناب التصادم بالبحر المتسبب في هلاك سفينة نتج عنه موت وجرح عدة اشخاص والابحار على متن سفينة بالمياه الاقليمية دون احترام التراتيب والاوامر الصادرة من السلطة البحرية. مآل الملف ردا على استفسار النائب عماد الدايمي حول مآل الملف اجاب وزير الدفاع الوطني أنه بعد ختم البحث في القضية من قبل قاضي التحقيق العسكري واحالة الملف الى الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بصفاقس يبقى للمحكمة مطلق الصلاحيات قصد التثبت في وقائع الحادثة والادلة من جديد وتحديد المسؤوليات. وقد نظرت الدائرة القضائية المذكورة في جلسة اولى يوم 20 جوان وتم تأجيلها مرة اولى الى 4 جويلية ومرة ثانية الى 19 سبتمبر 2018. وقال الوزير ان القضاء العسكري قام بواجبه في كنف الاستقلالية التامة والدليل على ذلك الاتهامات الموجهة للمتسببين في الحادث وذكر ان ادارة القضاء العسكري اصدرت خمسة بلاغات صحفية حول التقدم في القضية وبين انه رفض القدوم الى البرلمان الا بعد ختم الملف وتعهد به القضاء العسكري الذي له الكلمة الاخيرة. ولتجنب تكرار الحوادث ذكر الوزير انه تم اتخاذ اجراءات لإضفاء المزيد من النجاعة للجانب الوقائي، خاصة مراقبة الشواطئ وتأمينها والتصدي للهجرة غير الشرعية قبل الانطلاق نحو البحر اضافة الى تعزيز منظومة الاستعلام حول الشبكات المتورطة في الهجرة السرية. كما يجب معالجة النقائص التشريعية المتعلقة بإجراءات التدخل في البحر وبحث حلول جدية تجعل الشباب لا يلجؤون للهجرة السرية. بوهلال