تعيش العائلات التونسية هذه الأيام على واقع مرير بسبب النتائج المعلنة لمناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية فالمربون والتلاميذ وأولياؤهم على حد سواء أحسوا بالغبن والمرارة لهذه النتائج الهزيلة والتي لا تترجم بحق مدى تضحيات كل طرف دون أن ننسى المؤسسات التربوية وخاصة الخاصة منها التي تعودت على نتائج متميزة نظرا للمجهودات الإضافية التي تبذل حيث يشرع مبكرا في تنظيم دروس دعم يؤمنها مدرسون متمرسون على غرار مؤسسات مجمع التعليم الخدمات التي يخضع فيها المربون إلى تكوين مستمر طوال السنة تحت إشراف مؤطرين بيداغوجيين ذوي خبرة عالية. إن المتتبعين لنتائج السيزيام لهذه السنة تأكدوا من أنها لا تترجم بحق مكتسبات أبنائهم بل جعلتهم يستعرون بغبن صدم أحاسيسهم وخلق لديهم مرارة لأنه كان تيارا جارفا لأحلامهم بالتفوق وولوج عالم التعليم النموذجي بسبب موضوعي الرياضيات والإيقاظ التي اعتبروها «حصيلة» (piège) لكبح جماح تفوقهم. لهذه الأسباب ذهب البعض من المدرسين إلى فكرة متقاطعة الأقسام النهائية ما لم يتم مراجعة طريقة اختيار اللجان المشرفة على صياغة مواضيع الاختبارات ولجان أخرى للإصلاح، حبذنا لو يتم انتخاب أعضاء هذه اللجان بتشريك المؤسسات العمومية والخاصة من كل جهات البلاد حسب أقاليم أخذا بعين الاعتبار التقسيم الجغرافي والديمغرافي. فما هكذا يصنع النموذجي! لطفا بأبنائنا رجال المستقبل من المدرسين من لم تكفه ساعة و نصف أو أكثر لإيجاد حل لموضوع الرياضيات فكيف بالتلميذ يا ترى؟ انه اختبار صعب يتجاوز مستوى التلميذ المتفوق إن لم يكن نابغة طبعا. النسبة العامة للنتائج المعلنة تجعلك تشعر بالإحباط و تكاد تؤكد ما راح إليه الكثير من أن أبنائنا هم ضحية تجاذبات داخل الوزارة نفسها كنتيجة حتمية لما جرى هذه السنة من تفاعلات سلبية بين النقابات ووزير التربية كل هذه التخمينات سببها الرئيسي الإحساس بالإحباط والخيبة التي حيرت التلاميذ والأولياء بهذه النتائج الكارثية في كامل أنحاء الجمهورية فقد فاقت الأصفار في مادة الرياضيات كل التوقعات أما الإيقاظ فحدث ولا حرج خاصة إذا علمنا أن مقاييس إصلاحه شابها غموض كبير حيث لا تستطيع التأكد من الجواب الصائب والنهائي للأسئلة المقترحة فعادة ما تستأنس اللجان المشرفة على صياغة الاختبارات بالكتب المدرسية المتداولة و بمواضيع السنوات السابقة فهل اعتمد هذا التمشي يا ترى؟ جهد مضن وكبير يبذله رجال التعليم عندنا وكذلك مؤسساتنا عمومية كانت أو خاصة ولكن كل الأسف للحصيلة النهائية الصادمة. بالعدد القليل من الناجحين ما ذا ستفعل الوزارة لسد الشغورات بالمدارس الإعدادية النموذجية المعدة للغرض؟ بماذا سيكلف الأساتذة المعينون بتلك المؤسسات؟ للإجابة على هذين التساؤلين. مقترح رآه العديد من المتتبعين للشأن التربوي وهو النزول بالمعدلات المقبولة إلى 13 من 20 خاصة إذا علمنا أن هذه الاختبارات تندرج ضمن مناظرة و المناظرات تتوقف عند حدود الأماكن الشاغرة المعلنة و هكذا نستطيع إعادة الأمل والبسمة إلى التلاميذ المتفوقين ونفتح أمامهم أبواب الطموح نحو الأفضل و يعاد للمؤسسات المتعودة على نتائج باهرة بريقها و رونقها وتميزها وتعود للمربي نشوة العمل والعطاء والتأكد من أن جهده لم يذهب هباء وينال الولي مبتغاه بعد جهد مالي ومعنوي بذله لأجل إيصال ابنه إلى ما يصبو إليه من تفوق منشود يوصله فيما بعد إلى مراتب عليا في المراحل الدراسية القادمة.