آفاق تصديرية رحبة فتحت أمس أمام تونس بتوقيعها على وثيقة انضمامها رسميا إلى "الكوميسا" أي السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا وذلك خلال اجتماع قمة رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء الذي تحتضنه العاصمة الزامبية "لوزاكا". وتحاول تونس من خلال هذه الاتفاقية استغلال موقعها في افريقيا لاقتحام أسواق جديدة في القارة، للنهوض باقتصادها تجاريا على اعتبار أن "كوميسا" تضم 19 دولة افريقية يقارب تعداد سكانها 500 مليون نسمة ويقدر إنتاجها الخام بحوالي 800 مليار دولار بما يجعلها واحدة من أكبر التجمعات التجارية في العالم حيث تبلغ قيمة وارداتها السنوية حاليا نحو 32 مليار دولار فيما تصل صادراتها إلى 82 مليار دولار. ما هي اتفاقية الكوميسا؟ واتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقي تضم في عضويتها 19 دولة افريقية هي دول شرق وجنوب القارة الإفريقية كما تضم مجموعة الجزر المواجهة للساحل الشرقي، وتتمثل تلك الدول في: مصر وكينيا والسودان وليبيا وزامبيا وملاوي وزيمبابوي وأثيوبيا وجيبوتي ومدغشقر وأوغندا وإريتريا والكونغو الديمقراطية وبوروندي ورواندا وسيشل وجزر القمر وسوازيلاند وموريشيوس انضمت إليها أمس تونس لتصبح 20 دولة ما سيتيح لبلادنا فرصاً أرحب لفتح الأسواق والحصول على مزايا تجارية نحو الدول الأعضاء بفضل تطبيق الإعفاءات الجمركية ما سيمكن بلادنا من الاستفادة من السوق الرحبة ما يجعل هذه السوق متنفساً للعديد من المؤسسات التونسية الناشطة في مختلف المجالات الاقتصادية على رأسها الشركات المصنعة للمواد الغذائية والأدوية ومواد البناء بالأخص المواد الصحية والأدوات الصحية ومنتجات الألمونيوم والحديد والصلب والملابس الجاهزة والجلود والأحذية. كما تمكن الاتفاقية من استيراد العديد من المواد الخام اللازمة للصناعة بإعفاء جمركي خاصة وأن أغلب دول الكوميسا تعتمد على تصدير المواد الخام مثل النحاس والتبغ والبن والشاي والجلود الخام ... المزايا الجمركية متنفسا للتجارة الوطنية وتعتبر الاتفاقية متنفسا للتجارة الوطنية إذ تطبق أكثر من 14 دولة إعفاءً كاملاً في إطار منطقة التجارة الحرة التابعة للكوميسا على وارداتها من كافة السلع من بقية الدول الأعضاء في منطقة التجارة على غرار مصر وكينيا والسودان وموريشيوس ومدغشقر وزيمبابوي والملاوي وجيبوتي وزامبيا ورواندا وبوروندي وجزر القمر وليبيا والسيشال، كما تطبق إريتريا إعفاء جمركيا بنسبة 80 بالمائة واثيوبيا بنسبة 10 بالمائة والكونغو الديمقراطية بنسبة 40 بالمائة.. وكل هذا من شأنه تنشيط التجارة الإقليمية وأيضا الوطنية ما من شأنه خلق بيئة مواتية للاستثمارات المحلية والأجنبية والتشجيع على الاستثمارات المشتركة بين الدول الأعضاء خاصة مع تحرير حركة الأفراد ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء ما سيخلق ديناميكية لا تجارية فقط بل واقتصادية شاملة لا سيما وأن العديد من الدول الأعضاء تسجل سنويا نسب نمو تصل أحيانا إلى 10 بالمائة. الاتجاه نحو أسواق جديدة ويبدو أن تونس بدأت تحركاتها الحثيثة من أجل اقتحام أسواق جديدة بتحرك دبلوماسيتها الاقتصادية في الفترة الأخيرة في جميع الاتجاهات نحو كل من إفريقيا وأيضا الصين باستعدادها لإمضاء مذكرة تفاهم بخصوص انضمام تونس لمبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن الواحد والعشرين" دون نسيان علاقاتها المتينة مع الشريك التقليدي الإتحاد الأوروبي على اعتبار أن 75 بالمائة من مبادلاتها التجارية تتم مع دول الإتحاد. واتجاه تونس نحو إفريقيا وآسيا (الصين) سيمكن من جعلها بوابة العالم نحو القارة الإفريقية إذ ستصبح تونس قاعدة تصدير منتجات دول أخرى لافريقيا مثل الصين والاتحاد الأوروبي حيث ستصبح منصة تصدير من البلدان الإفريقية ونحوها. ولتحقيق كل هذا ما على الديبلوماسية الاقتصادية والسياسية سوى تكثيف تحركاتها في كل الاتجاهات حتى تستعيد موقعها في القارة الإفريقية وتصبح بوابة العالم نحو دول القارة لا سيما وأن المغرب التي دخلت بكل ثقلها في إفريقيا لم تنخرط إلى اليوم في هذه السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا.