في خضمّ المرحلة الاقتصادية الحساسة التي تمرّ بها البلاد، تتطلع تونس إلى توسيع دائرة علاقاتها التجارية و الاقتصادية و وجهت انظارها هذه المرة الى العمق الافريقي عبر عقد شراكات استراتيجية مع عدد من دول القارة واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأفريقية إلى جانب فتح مكاتب تجارية جديدة هناك .. و تقترب تونس بخطوات ثابتة من الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "كوميسا" التي تعتبر أكبر تجمع اقتصادي في القارة. ومع بدء العد التنازلي لانضمام تونس رسميا إلى "كوميسا"، كشفت الحكومة عن حزمة إصلاحات عاجلة تهدف بالأساس إلى السيطرة عن العجز التجاري الذي تعيش على وقعه البلاد. وفي خضم هذا الشأن، قال وزير التجارة عمر الباهي خلال ندوة حول "واقع التصدير في تونس" إن "الوزارة تعكف حاليا على رقمنة المعاملات التجارية وإن الحكومة تعمل على تفكيك العقبات أمام المستثمرين في ما يتعلق بالقطاع اللوجستي والجمارك وعمل البنوك". كما أعلن الباهي أنه سيتم تدشين خط بحري جديد خلال الشهر الحالي لإيصال الصادرات إلى البلدان الأفريقية الساحلية. وأكد في هذا الصدد نية دول أفريقية فتح مكاتب لها بالبلاد، لا سيما وأن تونس ستكون عضوا في كوميسا بشكل رسمي في جويلية القادم. ولم تعد تونس تركز بشكل كامل على شركائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي، حيث قامت بتحريك دبلوماسيتها الاقتصادية في جميع الاتجاهات في العام الماضي، شملت دولا من بينها الصين وروسيا وإندونيسيا وغيرها. ويبذل المسؤولون جهودا للتغلب على عوامل الضعف المتعلقة بنقص التغطية الدبلوماسية في القارة وكذلك الربط الجوي من خلال دعم تواجد الخطوط التونسية في دول أفريقيا بأسرع وقت ممكن، ويبلغ عدد السفارات التونسية في أفريقيا التي تضم 54 بلدا، 10 سفارات فقط، بعد أن تم فتح سفارتين في نوفمبر الماضي في كل من كينيا وبوركينافاسو. و الكوميسا ، التي تأسست عام 1994 ، هي واحدة من أبرز الأسواق المشتركة، التي تغطي 19 بلداً من دول شرق أفريقيا؛ وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتجات الفلاحية والصناعية والخدمات، بين الدول الأعضاء ، و تضم ، بناء على اتفاق إقليمي للتجارة وُقع عام 1981، 19 دولة حالياً، هي: مصر، السودان، جيبوتي، إريتريا، ليبيا، مدغشقر، جزر القمر، سيشل، بوروندي، كينيا، ملاوي، روندا، أوغندا، موريشيوس، سويزلاند، زامبيا، زيمبابوي، الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان. و تخطط تونس لتوسيع تواجدها في الأسواق الأفريقية باعتماد الدبلوماسية الاقتصادية مع عدد من بلدان القارة واستكشاف فرص جديدة للاستثمار، ضمن رؤية طويلة المدى تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي للبلاد . وتعد التجارة الخارجية لتونس مع الدول الأعضاء في "الكوميسا"، أو عديد الدول الأفريقية خارجها، غير مرضية، وتبحث عن فتح أسواق استهلاكية فيها، لتعزيز التجارة ودفع نسب النمو، وتأمين النقد الأجنبي للبلاد. ويرى خبراء اقتصاديون ان أفريقيا تشكل ساحة واعدة للاقتصاد التونسي في السنوات المقبلة في حال تمكنت الحكومة ومنظمات الأعمال وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، من فك شفرات الدخول إلى أسواق القارة التي تسجل معظم بلدانها نموا يصل لنحو 6 بالمئة سنويا. كما تأمل تونس إلى رفع حجم المبادلات التجارية مع مختلف بلدان القارة ليصل إلى مليار دولار رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها، و تطمح إلى رفع معدل الاستثمار أيضا ليبلغ نحو 8.3 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020...