في خضمّ الوضع الاقتصادي الحساس التي تمرّ به البلاد، تتطلع تونس إلى توسيع دائرة علاقاتها التجارية و الاقتصادية ووجهت انظارها هذه المرة الى العمق الافريقي عبر عقد شراكات استراتيجية مع عدد من دول القارة واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأفريقية إلى جانب فتح مكاتب تجارية جديدة هناك .. و عززت تونس ذلك بالانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "كوميسا" التي تعتبر أكبر تجمع اقتصادي في القارة. وفي هذا الصدد، أفاد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، هشام بن أحمد، أنّ انضمام تونس إلى الكوميسا يفتح أمام الشركات الوطنية المصدرة، سوقا جديدة يفوق تعدادها 500 مليون نسمة وستدخلها البضاعة التونسية بدون معاليم ديوانية. وأضاف بن أحمد أنّ تونس ستلج عبر منظمة الكوميسا، المنخرطة في عدّة أسواق، إلى سوق تصل إلى 800 مليون نسمة. وتوقع ان يسجل تطور في تصدير المنتوجات التونسية المختلفة نحو تلك الأسواق ومن بينها منتوجات قطاع صناعة السيارات، الذي وضعت بشأنه تونس استراتيجية كاملة، وذلك إلى جانب السوق التقليدية الأوروبية. علما وان تونس هي البلد 20 الذي ينضم إلى منظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الافريقي (الكوميسا). و بخصوص تصدير زيت الزيتون ،قال بن أحمد، إن هناك أسواقا في اليابان والولايات المتحدةالأمريكية لا سيما وأنّ زيت الزيون التونسي مشهود له بجودته وهو ما يتاكد من خلال حصوله على أكثر من 50 جائزة عالمية. واضاف ان كميات زيت الزيتون المصدر عرفت، خلال السداسي الاول من سنة 2018، زيادة بأكثر من 27 بالمائة مقارنة بذات الفترة من السنة المنقضية كما تم تسجيل عودة العديد من الصناعات التقليدية على غرار النسيج الذي حققت صادراته نموا يفوق 23 بالمائة وقطاع الميكانيك والكهرباء. وتوقع بن أحمد ان تساهم مثل هذه المؤشرات الايجابية في رفع نسبة النمو إلى 3 بالمائة، مع موفى السنة الجارية بما يساهم في بث روح الأمل لدى التونسيين لا سيما مع توقع انتعاشة في مناخ الاعمال وسوق الشغل. ووافقت القمة العشرون لرؤساء دول وحكومات الكوميسا، التي اختتمت فعالياتها مؤخرا بالعاصمة الزامبية لوساكا، على قبول العضوية الكاملة لتونس في إحدى المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثماني المعترف بها من الاتحاد الأفريقي، بعد ماراثون طويل من المفاوضات بدأ منذ مطلع 2016. ولا تعول تونس على تعزيز صادراتها فقط، بل لديها رؤية اعتمدتها منذ بداية المفاوضات مع المجموعة بعد أن حركت دبلوماسيتها الاقتصادية، من أجل بلوغ أعلى درجات التكامل الاقتصادي الشامل مع أعضاء كوميسا التي تتشكل من 19 بلدا. وقال وزير الخارجية خميس الجهيناوي إن "حرص تونس على الانضمام للاتفاقية يأتي لتمسكها بعمقها الأفريقي وسعيها إلى تطوير التكامل والاندماج القاري". وتخوّل العضوية الكاملة لتونس في كوميسا بشكل آلي، الانضمام إلى منطقة التبادل الحر الثلاثية المكوّنة من مجموعة كوميسا ومجموعة الشرق الأفريقي (إي.أي.سي) ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (أس.أي.دي.سي). و الكوميسا ، التي تأسست عام 1994 ، هي واحدة من أبرز الأسواق المشتركة، التي تغطي 19 بلداً من دول شرق أفريقيا؛ وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتجات الفلاحية والصناعية والخدمات، بين الدول الأعضاء ، و تضم ، بناء على اتفاق إقليمي للتجارة وُقع عام 1981، 19 دولة حالياً، هي: مصر، السودان، جيبوتي، إريتريا، ليبيا، مدغشقر، جزر القمر، سيشل، بوروندي، كينيا، ملاوي، روندا، أوغندا، موريشيوس، سويزلاند، زامبيا، زيمبابوي، الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان. و تخطط تونس لتوسيع تواجدها في الأسواق الأفريقية خلال العام الجاري باعتماد الدبلوماسية الاقتصادية مع عدد من بلدان القارة واستكشاف فرص جديدة للاستثمار، ضمن رؤية طويلة المدى تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي للبلاد . وتعد التجارة الخارجية لتونس مع الدول الأعضاء في "الكوميسا"، أو عديد الدول الأفريقية خارجها، غير مرضية، وتبحث عن فتح أسواق استهلاكية فيها، لتعزيز التجارة ودفع نسب النمو، وتأمين النقد الأجنبي للبلاد. ويرى خبراء اقتصاديون ان أفريقيا تشكل ساحة واعدة للاقتصاد التونسي في السنوات المقبلة في حال تمكنت الحكومة ومنظمات الأعمال وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، من فك شفرات الدخول إلى أسواق القارة التي تسجل معظم بلدانها نموا يصل لنحو 6 بالمئة سنويا. كما تأمل تونس إلى رفع حجم المبادلات التجارية مع مختلف بلدان القارة ليصل إلى مليار دولار رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها، و تطمح إلى رفع معدل الاستثمار أيضا ليبلغ نحو 8.3 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020... ووفق اخر الإحصائيات، فإن قيمة الصادرات التونسية نحو الدول الإفريقية اليوم لا تعدو أن تتجاوز ال33 % فقط من القيمة الجملية لصادراتنا أي ما يعادل قيمة 640 مليون دينار فحسب، وتتمثل الصادرات التونسية في اتجاه الدول الإفريقية في المواد البلاستيكية وتناهز قيمتها 40 مليون دينار وحفّاظات الأطفال 33 مليون دينار، والمياه المعدنية 31 مليون دينار بالإضافة إلى العجين الغذائي الذي قدّرت قيمة صادراته ب30 مليون دينار وفق ما أودره موقع "الصباح" في وقت سابق. كما بلغ حجم التبادل التجاري التونسي الإفريقي 800 مليون دينار في السنوات الأخيرة التي تلت الثورة، وتسعى تونس لرفع قيمة التبادل التجاري مع مختلف الدول الإفريقية، لكي يصل إلى مليار دينار تونسي سنويًا، وتعد إثيوبيا الشريك الأفريقي الأول لتونس، تليها السنغال، ثم ساحل العاج، والكامرون. وتمثل إفريقيا 14 % من احتياطيات العالم من النفط والغاز، و 366 % من الطاقة الكهرومائية في العالم، و60 % من سطح الأرض من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة وهي أيضًا خالية من الديون (20 % من الناتج المحلي الإجمالي) وتحتوي على أعلى معدل للادخار بعد آسيا ومن المتوقع أن تمثل سنة 2050 من نحو 25 % من القوى العاملة في العالم…