ستظل سهرة نهاية الأسبوع المنقضي على مسرح الحمامات الدولي راسخة بأذهان من حضرها خاصة أنها كانت بمثابة الانطلاق والبهجة بامتياز وجسدت المعنى الحقيقي للسحر الأخاذ للموسيقى عندما تحرر الأجساد لترقص وتتفاعل وتصدح الحناجر غناء وشدوا وأيضا صراخا، تعبيرا عن ابتهاج النفوس وانعتاق الذات من كل الضوابط والقيود. انطلق الحفل الفنان الصربي أمير كوستوريكا بمرافقة مجموعة لأوركسترا «ممنوع التدخين» في العاشرة والربع ليلا ومنذ دخول الفرقة للمسرح وعزفها أولى نغماتها وكأنها أشعلت نار البهجة في نفوس جمهور كثيف حضر من كل الاعمار للاحتفاء بهذا الفنان الصربي وفرقته. فهو فنان متعدد المواهب ويؤمن بان الفن رسالة مضمونها اسعاد الاخرين فكانت حفلة أول امس اكثر توهجا من حفلته السابقة منذ تسع سنوات خلت على ركح مسرح الحمامات. حكايات عشق هذا الأخير للفن متنوعة بين السينما والموسيقى التي يسكنه هواها بالرغم من تألقه كمخرج سينمائي ناجح. إذ يكفي التذكير أنه تحصل على الجوائز الأولى كمخرج سينمائي في أكبر المهرجانات العالمية مثل «كان» و»البندقية» و»برلين». مشاعره في الموسيقى والسينما تنطلق من مبدأ الإنسانية النبيلة الموحدة للبشر جميعا بغض النظر عن الجنس واللون والدين واللغة. أمير كوستوريكا ينصت لنبض قلبه المتدفق بالموسيقى بعد 18 سنة من إصدار أغنية «أونزا تايم»، يعود كوستوريكا مع أوركسترا «ممنوع التدخين» التي انضم إليها منذ 1986، ليقدم ألبوم جديد سماه ب»السلك الدبلوماسي» ليبدع الفنان والمبدع الصربي اللامع في صياغة العزف على القيثارة والغناء في نفس الوقت مع المجموعة المرافقة له في العرض. برنامج موسيقى الحفل كان مكسيكيا بامتياز لكن ما يميز نشاط هذه الفرقة انها تعزف وتنشد موسيقى اهم الأفلام ومنها اعمال نجم العرض. فبعزف «أوركسترا ممنوع التدخين» لعدة أغاني صربية والموسيقى التصويرية لشريطه الأخير «درب التبانة» نجحت في استحضار هويتها ذات الجذور البلقانية، خاصة بمزج الموسيقى بالرقص اعتمادا على العديد من الأنماط والآلات الموسيقية. سر نجاح «أوركسترا ممنوع التدخين» ومعانقتها للعالمية هو تلك الأجواء المرحة والعلاقة الجميلة بين أعضاء الفريق، رغم تقدم العمر نسبيا لاعضاء هذه الفرقة. إذ كان يميزهم اندفاع بدني قوي وروح شبابية عارمة فقد كانت الفرجة مضمونة والموسيقى كاجمل ما يكون تنفيذا وإيقاعا. وكانت سهرة عالقة بالبال لجمهور الحمامات بامتياز.