مشروع ثقافي جديد أطلقته وزارة الشؤون الثقافية مؤخرا يتمثل في موسم الموسيقى التونسية في دورته الأولى، وأُسْنِدت مهمة إدارته الفنية للموسيقي عز الدين الباجي، انطلق من مدينة قليبية يوم 27 جويلية بحفل افتتاح خاص حضره وشارك وكُرِّم فيه ثلة من الفنانين والناشطين في الحقل الثقافي على غرار الشاعر نور الدين صمود والموسيقي الناصر صمود، ويتواصل إلى غاية 31 ديسمبر المقبل. ومثلما أكده المدير الفني لهذا «الموسم»، فإن هذه التظاهرة التي تمتد على بقية أشهر السنة، هدفها الأساسي هو إعادة الاعتبار للأغنية التونسية وتكريس أبجديات الإنتاج الفني شكلا ومضمونا وذلك من خلال الاهتمام بكل المجالات ذات العلاقة بالأغنية كالموسيقى والعزف والشعر واللحن. وأضاف في نفس السياق قائلا: «في الحقيقة كان سعيي دؤوبا من أجل إعادة مهرجان الأغنية نظرا للتأثير السلبي لغيابه على الإنتاج الموسيقي والأغنية التونسية بشكل خاص. وأعترف أن وزير الشؤون الثقافية هو من ساهم في صياغة شكل هذه التظاهرة باعتباره موسيقي وعارف بخفايا القطاع ومسكون بهواجس النهوض به. فتوصلنا بعد تدارس للمسألة إلى صياغة المهرجان المطول خاصة أنها صيغة جديدة تختلف عن الشكل السابق لمهرجان الأغنية وتحافظ على نفس الأهداف من ناحية وتنفتح على أهداف أخرى ترمي للتشجيع على الإنتاج والإبداع بعيدا عن الرداءة من ناحية ثانية». وأفاد عز الدين الباجي أن الخطوط العريضة لهذا موسم الموسيقى التونسية تشمل العروض الموسيقية والمسابقات الخاصة بالفرق التقليدية من بينها المالوف إضافة إلى تخصيص مسابقة خاصة بالأغنية التونسية». وبين أن الهيئة المديرة لهذه التظاهرة ستعلن قريبا عن فتح باب الترشح للمشاركة في المسابقات التي ينتظر أن تدخل حيز التنافس في منتصف شهر ديسمبر القادم في شكل تتويج لهذا الموسم، الذي انطلقت الهيئة المديرة في التحضير له منذ بداية شهر أفريل الماضي. الانطلاقة الفعلية وفي ما يتعلق بشكل هذه التظاهرة أوضح محدثنا أن انطلاقتها الفعلية ستكون بداية من شهر أكتوبر المقبل لأن بداية الموسم التي تتزامن مع ذروة المهرجانات الصيفية أثرت على إشعاع هذه التظاهرة الكبرى التي تشرف على تنظيمها وزارة الشؤون الثقافية والمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية وذلك بعد تفرغ الجميع لهذه التظاهرة. وعلل اختيار هذا الموعد لدخول هذا المشروع حيز التنفيذ في هذه الفترة بأن برنامج التظاهرة وضع الجميع أمام هذه الروزنامة على نحو تكون عروضها وأنشطتها العديدة جزءا من المهرجانات الصيفية. وأكد عز الدين الباجي أن أنشطة هذه التظاهرة وفقراتها تنتظم كل مرة في إحدى ولايات الجمهورية ليكون الموعد الثاني في برنامجها يوم 3 أوت المقبل في الكاف وذلك بغرض الانفتاح على كامل جهات الجمهورية وفي إطار سياسة وزارة الشؤون الثقافية لتكريس وتفعيل اللامركزية. برنامج هادف وفي ما يتعلق بتفاصيل برنامج الدورة الأولى للموسم الثقافي أفاد مديره الفني أنه، وفضلا عن العروض الفنية التي تخصص لتكريم رموز الأغنية التونسية من خلال أداء أغانيهم في العروض التي تنتظم في مناطق مختلفة من جهات الجمهورية، يتضمن أيضا تكريم ثلة من الفنانين وشعراء الأغنية والملحنين والموسيقيين من جيل الثمانينات خاصة منهم من أثروا المشهد الموسيقي وساهموا في إحداث نقلة نوعية فيه في تلك المرحلة من القرن الماضي. وبين في نفس السياق أنه سيتم تخصيص حفلين بمدينة الثقافة لتكريم هؤلاء. إضافة إلى تنظيم ندوات تتمحور حول مسائل مختلفة ذات علاقة بالأغنية التونسية، وضعها وعلاقتها بالإعلام وأسباب التدهور وأسباب تعطل عجلة «الإنتاج والتوزيع» في السنوات الأخيرة وغيرها من المسائل الأخرى بهدف الدفع نحو وضع أسس صناعة أغنية تونسية ناجعة وناجحة. كما أكد عز الدين الباجي أن هذه التظاهرة ستكون مناسبة لتواصل مختلف الأجيال وفسح مجال أوسع للشباب في مجالات الشعر والتلحين خاصة أن البرنامج يشمل أيضا ورشات تدريبية وتكوين سيتولى تأطير المشاركين فيها ناشطون في المجال واستشهد في ذلك بالثنائي حبيب وحسين المحنوش في الكتابة. وفي جانب آخر من حديثه عن برنامج هذه التظاهرة أكد محدثنا أن الجهة المنظمة اختارت أن تخصص ركن «حديث الذكريات» يكون في شكل أمسيات للمطربين والملحنين والشعراء ليتحدثوا عن مسيرتهم وتجاربهم في عالم الأغنية، سيحتضنه فضاء قصر السعيد بباردو. ودعا المدير الفني لتظاهرة موسم الموسيقى التونسية في دورته الأولى أهل الثقافة والإبداع الحقيقيين للخروج من حالة الاستقالة الفنية المفروضة والمساهمة في إنجاح هذا المشروع الفني والثقافي الذي يعتبره رائدا وبمثابة ملك مشاع لكل التونسيين وليس حكرا على أي طرف أو جهة. لأنه يعتبر أنه آن الأوان لتأخذ الموسيقى والموسيقيون والفنانون حظهم والقيام بدورهم في المشهد الثقافي بعد أن تفشت الرداءة وأصبح التعاطي معها على أنها القاعدة وعنوان النجاح.