اتسعت رقعة الجدل الحاصل بين مؤيدي تقرير الحريات الفردية والمساواة وبين الرافضين له، وتجنّدت القوى الرافضة والمساندة لحشد الشارع لصالحها انتصارا لمواقفها. وقد يُحدث رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي المفاجأة في خطابه الذي سيُلقيه اليوم بمناسبة عيد المرأة الموافق ل13 أوت من كلّ سنة، فجميع مكونات المجتمع المدني بمختلف مشاربها الإيديولوجية والدينية والحقوقية في انتظار ما سيقرره رئيس الدولة بشأن التقرير. بعد المسيرة التي انتظمت صبيحة يوم السبت بدعوة من جمعيات ومنظمات رفضا لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، دعت أيضا العديد من المنظمات الأخرى خاصة منها الحقوقية للتجمهر عشية اليوم بشارع الحبيب بورقيبة احتفالا بعيد المرأة من جهة ومساندة للتقرير من جهة ثانية. من هذه المنظمات الحقوقية جمعية النساء الديمقراطيات التي أكّدت رئيستها يسرى فراوس أن مجلة الأحوال الشخصية أصبحت تميز اليوم بين المرأة والرجل في الميراث وطالبت بتنقيح شامل للمجلة، معتبرة أن الدهر والمجتمع التونسي قد تجاوزاها. وشددت فراوس على أهمية أن تتضمن مجلة الأحوال الشخصية المساواة التامة والفعلية بين الجنسين دون أي إقصاء أو استثناء. كما طالبت على هامش لقاء لتنسيقية الجمعيات والمنظمات والائتلافات الناشطة في مجال الدفاع عن المساواة والحريات يوم الجمعة الماضي بإرساء مجلة للحريات الفردية والتخلي عن عقوبة الإعدام في تونس بصفة نهائية وكذلك التخلي عن الفصل 230 الخاص بالفحوصات الشرجية الذي وصفته فراوس ب»فحص العار» وبالاعتداء الصارخ على حرمة الجسد والحريات الفردية. لا تعدّ منظمة النساء الديمقراطيات المنظمة الوحيدة التي دعت إلى التجمهر لتأييد التقرير بل دعت منظمات أخرى عبر صفحاتها الرسمية للخروج للشارع والمشاركة في الوقفات والمسيرات التي ستنتظم غدا بمناسبة عيد المرأة انطلاقا من الساعة السادسة مساء بشارع الحبيب بورقيبة وأمام المسرح البلدي. من بين هذه المنظمات منظمة «حماة تونس» التي دعت إلى التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة لتأييد تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة تحت شعار «موش بسمنا» حيث ورد في نص بياناها أنّ «معشر التونسيين مدركون بما يحاك من حولنا وسنقول لا دائما وأبدا، لا لجميع الأفكار الرجعية والمذاهب المستوردة التي تسمم عقول شبابنا وشعبنا وتزرع فيهم بذور الخلاف والشقاق، ولا للنوايا المبيتة التي تهدف فرض نموذج اجتماعي غريب علينا لا نجد فيه أنفسنا.. لا لاستعراضات القوة في شوارعنا وفي الأماكن العامة من خلال تأدية الصلاة بصفة ارتجالية لا تتوفر فيها مقومات النظافة التي طالما حرص علينا ديننا الحنيف». من جهتها دعت الجبهة الشعبية أنصارها وكافة مناضلاتها ومناضليها للمشاركة المتميزة في الوقفة الخاصة بالحريات والمساواة إلى جانب عموم التونسيات والتونسيين وكل القوى الديمقراطية والتقدمية. في المقابل أكّد منجي الحرباوي، القيادي في حركة نداء تونس، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ حزبه «لن يدلي بموقف رسمي إزاء التقرير، إلا إثر صدور موقف رئيس الجمهورية والذي قد يعلن عنه قريبا، باعتباره صاحب المبادرة، من جهة، ومؤسس النداء، من جهة أخرى، ملاحظا أنّ حركة نداء تونس «ستتمسّك بما سيعلن عنه رئيس الدولة». وكانت حركة النهضة قد نبهت يوم الاربعاء 4 جويلية 2018، مما تضمنه تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة من «بعض المسائل التي قد تهدد كيان الأسرة ووحدة المجتمع»، معلنة أنها ستعبر عن موقفها بالتفصيل من هذا التقرير إذا ما تحول وتطور إلى مجلة أو مشروع قانون يعرض على مجلس نواب الشعب. وأكدت في بيان أصدرته على أهمية تعميق التشاور والحوار حول مضمون التقرير، مجددة تأكيدها على قيمة الحقوق والحريات والمساواة بين الجنسين. ولفت المكتب التنفيذي إلى «ضرورة الوعي بدقة المرحلة التي يمر بها المجتمع وما يعتريه من توترات سياسية واجتماعية حارقة تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين خاصة ضعاف الحال منهم»، منبها أيضا إلى «مخاطر إثارة القضايا الداعية للاستقطاب والانقسام وتغذية الصراعات الهووية التي حسمها الدستور». وشدد على «حق الجميع أفرادا ومؤسسات وكل التونسيين في حريّة الرأي والتعبير والتفكير في إطار ما دعا اليه رئيس الجمهورية، وتتبناه حركة النهضة من أنّ تونس دولة مدنية لشعب مسلم ومن ثم البحث عن مقاربة في الحريات الفردية والمساواة تجمع بين الالتزام بأحكام الدستور واحترام مقومات الهوية العربية الإسلامية لشعبنا، وذلك بعيدا عن السب وهتك الأعراض وكل غلو أو تطرف»، بحسب ما جاء في ذات البيان.