ماذا أعدت الحكومة للموسم السياسي جديد؟ وكيف تستعد حكومة يوسف الشاهد للمرحلة القادمة عندما ينتهي «التحميل الجاري للتعديل الوزاري» المؤجل ويعود نواب الشعب بدورهم لاستئناف المصادقة على مشاريع القوانين المعلقة لإخراج تونس من دائرة القائمات السوداء التي أدرجت فيها؟ لا شك أنه من حق بل من واجب التونسي اليوم ونحن على أبواب موسم سياسي جديد أن يسأل وأن يفهم استعدادات الحكومة للمرحلة القادمة وخيارات الشاهد إن وجدت وما إذا ستشهد البلاد معها نهاية للنفق المسدود... الواقع أن كل سنة سياسية جديدة هي مناسبة للأحزاب الحاكمة والمعارضة لتدلي بدلوها وأن تسعى لتأكيد لا حضورها في المشهد فحسب ولكن وهذا الاهم موقعها منه ومن كل الملفات والازمات العالقة في البلاد وأن تتجه الى ملامسة نبض الشارع والانتباه جديا الى انشغالاته الكثيرة وتطلعاته، وهذا ما يبدو ان حركة النهضة أدركته مع لقاء مجلس شورى الحركة الذي انطلق منذ الامس بالحمامات، فيما تستمر غيبوبة أغلب الاحزاب السياسية وبينها الحزب الحاكم نداء تونس أو ما بقي منه تغرق في أزماتها وصراعاتها وانقساماتها التي يبدو أنها سترافقها خلال الموسم القادم... نقول هذا الكلام على افتراض أن لكل حكومة مسؤولة مع موسم العودة السياسية مشروع وطني متكامل وبرنامج عمل واضح وخطة طريق مدروسة وعنوان واضح لكسب رهانات الحاضر والمستقبل وطي صفحة التردد والفشل.. الاكيد أن ما عاشه التونسي حتى الآن من تحولات سياسية وأخرى مناخية على وقع صيف قائظ بعد أن فعلت التقلبات المناخية فعلها على البلاد والعباد وكشفت الامطار الغزيرة والعواصف في عديد المناطق هشاشة البنية التحتية وغياب الصيانة وفشل سياسة استباق الاحداث والاستعداد للمخاطر ما يدفع التونسي للتوجس من القادم.. لسنا بصدد التهويل من المشهد ولكن لا يمكن أيضا التقليل من تعقيدات ورداءة المشهد في ظل افلاس الصناديق الاجتماعية والاهانة التي لحقت آلاف المتقاعدين من بناة الدولة التونسية ومؤسسيها فضلا عن انهيار المنظومة الصحية وتفاقم المخاوف بشأن المنظومة التربوية ومصير المدرسة العمومية التي يفترض أنها كانت وستبقى حصن تونس المنيع وسلاحها ضد كل انواع الارهاب والترهيب الفكري والظلامية التي تترصد مجتمعنا.. قبل أيام جاء الاعلان من العاصمة اليونانية أثينا عن اتفاق تاريخي خرج بمقتضاه اليونان من دائرة الوصاية وقيود صندوق النقد الدولي بعد ثماني سنوات على ازمة اليونان... صحيح أن هذا الاعلان لا يعني نهاية المصاعب المالية والاقتصادية لليونان، وصحيح أنه سيفرض على الشعب اليوناني مواصلة الاصلاحات المؤلمة، ولكن الحقيقة أن في هذه الخطوة ما يمكن أن يضع حدا لازمة الثقة الخطيرة في هذا البلد وأن يعيد لليونانيين عزة النفس والاحساس بأن مصيرهم في ايديهم وأن سيادة القرار تعود اليهم، وهذا ما يتعين الانتباه له في المشهد السياسي في تونس. فموسم العودة السياسية لا يقبل اجترار المشهد والازمات ذاته ولا يمكن ايضا ان يرتهن للخيارات الفاشلة التي ثبت فشلها وإفلاسها. صحيح أن تونس ليست جزءا من اوروبا وليست أولوية في حسابات الاتحاد الاوروبي رغم كل وعود الدعم الاوروبية لبلادنا والتي مهما كانت أهميتها لا يمكن ان ترقى لحجم المساعدات الاوروبية لليونان أو اسبانيا او البرتغال.. من هذا المنطلق فإن في استعادة التونسي الاحساس بمواطنته وبوجود سلطة حريصة على كرامة المواطن وعلى ضمان استقلالية وسيادة الخيار الوطني مسألة مصيرية في هذه المرحلة ومن هنا أهمية الخيارات والاولويات التي يتعين على حكومة الشاهد تدشينها والرهان عليها خلال هذا الموسم السياسي الجديد وما سيتفرع عنه من مواسم أخرى مع العودة المدرسية والجامعية وتحدياتها الجسام..