من المؤكد أن قرار رئيس الحكومة المتعلق بوزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة ستكون له عديد الانعكاسات الاقتصادية خاصة أن القرار ألغى وزارة قائمة بأكملها وأحال إداراتها على وزارة أخرى. هذه الانعكاسات السلبية تأتي في الوقت الذي بدأ فيه قطاع الطاقة يستعيد عافيته من خلال تحسن كل مؤشراته في ما يتعلق بالإنتاج والتصدير، فضلا عن ارتفاع نسق الاستثمار الداخلي والخارجي بعد الانتكاسة التي عرفها جراء حملة «وينو البترول» منذ أربع سنوات... وفي الوقت الذي تستعد فيه البلاد لتنظيم «أيام الإنتاج والاستكشاف» في الشهر القادم وهو من أهم الملتقيات الدولية. قرار رئيس الحكومة، يمكن أن يكون قد حمل معه رسائل سلبية إلى كل شركائنا في الداخل وفي الخارج وخاصة المستثمرين ويمكن أن يهدد بخروج بلادنا من الخارطة العالمية للاستثمار في مجال الطاقة والمحروقات. وقد وصف عدد من المختصين في مجال الطاقة هذا القرار بدق المسمار الأخير في نعش القطاع المريض والعليل منذ ما يزيد عن السبع سنوات التي تلت ثورة 14 جانفي. وهذا ما ذهب إليه مصدر مسؤول في مجال الطاقة في تصريح ل «الصباح» مبينا أنه من المتوقع أن يتراجع نسق الاستكشاف في مجال الطاقة والمحروقات في السنوات القليلة القادمة وبالتالي تراجع الإنتاج إلى ما دون ال 20 ألف برميل في اليوم بعد أن كان في حدود ال 80 ألف برميل يوميا خلال سنة 2010. وبين ذات المصدر انه من المنتظر أن تشهد أسعار المحروقات ارتفاعا كبيرا ليتجاوز سعر اللتر الواحد من البنزين حدود ال3 دنانير في السنوات القليلة القادمة مع ارتفاع مرتقب في نسبة دعم الدولة على المحروقات التي قد تصل إلى حدود ال 7 آلاف مليار، مشيرا إلى أن كل هذه التداعيات الوخيمة ستكون على حساب التنمية والجهات المحرومة على كامل البلاد. أي مسؤولية ل«الايتاب» ؟ بعد صدور قرار رئيس الحكومة المتعلق بملف امتياز «المنزل»، الملف الحدث، وجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى عدة أطراف متدخلة في القطاع محملين إياها كل المسؤولية أهمها الشركة التونسية للأنشطة البترولية الهيكل المشرف على كل مشاريع الاستكشاف والإنتاج والرخص في القطاع. وأفاد مصدر «الصباح» المطلع بخصوص هذه المسالة بان الشركة لم تدخل في مشروع امتياز «حلق المنزل» لعدة أسباب؛ أولها السبب القانوني الذي يحتم وجوبا عدم تدخلها باعتبار أن عقد الشراكة آنذاك تم بين وزارة الصناعة التي تعتبر الطرف المباشر وبين المستثمرين الثلاثة الممثلين في الشركات الثلاث « ELF- -ONV SHELL «، وبالتالي لا يحق قانونا تدخل «الايتاب» في هذا المشروع. وبين نفس المصدر أن الشركة في تلك الفترة مازالت حديثة العهد وليست قادرة لا تقنيا ولا ماديا على الدخول في مثل هذه الاستثمارات التي تعد من بين المشاريع الكبرى في القطاع إذ لا يتجاوز عمرها آنذاك الأربع سنوات، مشيرا إلى أن هذه العملية ليست بدعة باعتبار أن «الايتاب» لم تتدخل في عدد آخر من المشاريع على غرار «ميسكار» و»عاشتاروت» و»البرمة»... وأضاف محدثنا أن الشركة حتى إذا ما فكرت في الدخول في هذا الامتياز كان من الضروري إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، ولم تقم آنذاك الشركة بهذه الخطوة باعتبار أن هذا المشروع منذ بداياته كان يعاني من صعوبات مالية مما أدى إلى تراكم ديونه لدى البنوك حتى يومنا هذا، وبالتالي فان عملية الشراكة هذه ستكون بالنسبة ل «الايتاب» تقاسم في الخسائر وليست تقاسم في الأرباح. وفي ما يخص ما يروج من تصريحات أن الشركة التونسية للأنشطة البترولية حرمت الدولة بمجرد عدم دخولها في هذا الاستثمار، فقد وضح مصدرنا ل«الصباح» أن في مثل هذه المشاريع لا يمكن للدولة أن تكون خاسرة باعتبار أن كل مشروع في القطاع يوفر مداخيل جبائية للخزينة العامة في ما بين 70 و80 بالمائة، وبذلك فان الدولة رابحة حتى إن لم تكن مشاركة في مثل هذه الاستثمارات... حقيقة استغلال امتياز «حلق المنزل» بعد التمعن في ملف استغلال امتياز «حلق المنزل» الملف «الفضيحة» الذي طفا على السطح في الأيام الأخيرة ونزل بكل ثقله على الساحة الوطنية، فان البداية كانت مع عقد شراكة جمع الدولة التونسية الممثلة في وزارة الصناعة وشركات أجنبية يبلغ عددها آنذاك الثلاث شركات وهي «- ELF -ONV SHELL » بخصوص هذا الامتياز، والذي يمتد على 50 سنة بمعنى انه ينتهي مع حلول سنة 2029. كل هذه التفاصيل تبدو منطقية ولا يشوبها شائبة، لكن الأمر الذي غيّر مجرى الأحداث هو بروز القانون الجديد «مجلة المحروقات سنة 1999» والذي تضمن في فصوله امتيازات جبائية جديدة مع تغيير في مدة العقد من 50 سنة إلى 30 سنة أي ينتهي استغلال هذا الامتياز في سنة 2009، والشيء الغريب الذي برز مع المستثمر الجديد الممثل في شركة «توبيك» لمالكها محمد التومي هو تجاهل هذا الأخير للتعديلات التي جاءت في القانون الجديد. وفي هذه الحالة، الطرف الذي نعيب عنه، هي الإدارة التونسية في تلك الفترة التي قصرت من جهتها بخصوص هذا الملف، وهو ما يتطلب ضرورة محاسبة كل مسئوليها في تلك الفترة دون الوقوف فقط عند «الصدفة» التي أظهرت هذه الفضيحة في حق الدولة.