رغم ما جاء به القانون "الثوري" عدد 5 المؤرخ في 16 فيفري 2016 من ضمانات تم إقرارها لأول مرة على مستوى البحث الأوّلي وتم الانطلاق في تنفيذها وتطبيقها عمليا منذ غرة جوان من نفس السنة والتي تتعلق أساسا بحضور المحامي أثناء البحث الابتدائي والتقليص في آجال الاحتفاظ، إلا أنه بعد مرور أكثر من سنتين فقد تبين أن هذا القانون مازال يشكو بعض النقائص والاشكاليات على مستوى تطبيقه سواء في ما يتعلق بجهاز النيابة العمومية وكذلك في ما يتعلق بمسألة حضور المحامي طوال مراحل البحث مع ذي الشبهة، وقد تم التطرق الى جملة تلك الصعوبات والاشكاليات أمس من خلال ورشة عمل نظمها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية بأحد النزل بالعاصمة تحت عنوان "الإيقاف التحفظي كمدخل الى احترام حقوق الانسان وتطبيق العدالة". وحول الصعوبات التي تعترض تطبيق القانون عدد 5 المؤرخ في 16 فيفري 2016 فانه في مداخلة لعضوة بلجنة تعديل مجلة الإجراءات الجزائية الأستاذة لبنى الماجري المحامية صرحت في البداية أن هذا القانون جاء تدعيما لما جاء به الدستور التونسي خاصة في فصليه عدد 27 المتعلق بالمحاكمة العادلة والفصل 29 الذي يجيز الاستعانة بمحامي أثناء البحث الاولي مع ذي الشبهة والذي يتلخص دوره في ضمانة ومراقبة سلامة الإجراءات المتبعة التي تتم داخل مراكز الإيقاف. وأضافت الأستاذة الماجري أنه على المستوى التطبيقي لهذا القانون فانه جاء بالعديد من الإشكاليات التي تم تجاوزها أثناء تعديل مجلة الإجراءات الجزائية التي ينتظر أن ترى النور قريبا، حيث ذكرت أنه من بين تلك الإشكاليات منع حضور المحامي خلال مدة الاحتفاظ الأولى مع منوبه وذلك عند مثوله لدى النيابة العمومية وهذا الاشكال طرح خاصة على مستوى بعض المحاكم المتواجدة بتونس الكبرى حيث انه يقع منع المحامي من الحضور مع منوّبه لدى النيابة العمومية وذلك خلال مدة الاحتفاظ الأوّلى بالرغم أنه بالعودة لما تضمنه أحكام الدستور فانه يجوز حضور المحامي أثناء جميع مراحل البحث. دليل للمحامي بينت الأستاذة لبنى الماجري أن دليلا تم اعداده على ضوء القانون عدد 5 بالتنسيق مع جمعية المحامين الشبان وجمعية القضاة حيث تم تناول أهمية قانون الاحتفاظ في تونس من أجل تبيان الحقوق التي يتمتع بها ذي الشبهة منذ بداية البحث الى النهاية، وكذلك لتبيان دور المحامي على اعتبار أن هذا القانون ورغم دخوله حيز التنفيذ منذ أكثر من سنتين الا انه مازال غامضا وبالتالي تم السعي لتوضيح دور المحامي من خلال هذا الدليل الذي سيصدر قريبا. وأوضحت الأستاذة الماجري أن هذا القانون يعتبرونه دعامة وضمانة للمتقاضي لأنه يهدف ل"أنسنة" الإجراءات الجزائية على مستوى دعم حقوق المتقاضين حيث تحدّث عن حقوق المحتفظ به وحقوق المحامي وكيف يحضر مع منوبه المحتفظ به وهو ما يعد أساس التنقيح الذي جاء به هذا القانون وفق قولها. الاشكاليات التطبيقية وعلاقتها بالنيابة العمومية وحول الإشكاليات التطبيقية التي تعترض جهاز النيابة العمومية على مستوى تطبيق هذا القانون عدد 5 بين أيمن شتيبة مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس أن هذا القانون جاء دعامة لحقوق الانسان وبالأخص لحقوق المحتفظ به خلال الطور الابتدائي. وواصل شتيبة موضحا أنهم كجهاز نيابة عمومية وعلى مستوى التطبيق لمقتضيات هذا القانون فان هناك إشكاليات تتعلق أولا بالإذن بالاحتفاظ وهو إشكال يطرح خاصة في المحاكم داخل الجمهورية، ذلك أنه عندما تأذن النيابة العمومية بالاحتفاظ بشخص فان الإشكال الذي يطرح يكون على مستوى الأثر الكتابي الذي وجب تركه حيث أنه على مستوى التطبيق يتعذر في عديد الأحيان حصول ذلك الأثر لغياب الوسائل الضرورية والتي لا تتوفر في أغلب مراكز الإيقاف بالقدر الكافي أو حتى في صورة توفرها فإنها تشكو من العطب وهذا الإشكال يطرح في عديد المراكز التي تشكو من نقائص على مستوى أدوات العمل ما يعيق مسألة الأثر الكتابي الذي وجب إرفاقه بمحضر البحث وهو ما يطرح إشكالية كبيرة لهم كجهاز نيابة عمومية وتعيق عملهم إلا أنهم رغم ذلك يسعون الى تجاوزها من خلال منح الإذن بالاحتفاظ مع الادلاء برقمه حيث يقع تدوين في دفتر يخصص للغرض ذلك الإذن بالاحتفاظ الممنوح وذكر الجهة الأمنية التي طالبت به والمتعهدة بالبحث وهوية المحتفظ به وساعة الاحتفاظ ويقع لاحقا إرفاق محضر البحث بالإذن لتجاوز إشكالية الأثر الكتابي. من بين الإشكاليات الأخرى أيضا ذكر شتيبة مسألة حضور المحامي أمام النيابة العمومية موضحا أنهم بوصفهم في إطار مادة إجرائية فانه لا وجود لأي نص قانوني يسمح بذلك، رغم أنه ابيح حضوره امام باحث البداية وفق ما نص عليه القانون فيما سكت عن ذلك امام جهاز النيابة العمومية رغم أنه مباح لدى قلم التحقيق والقضاء الجالس إلا أن النيابة العمومية لا تتوانى عن قبول محامين في مكاتبها ضمانا وتدعيما لحقوق المحتفظ به رغم عدم وجود أي نص يبيح ذلك ويلزمها أن تقبل محاميا بمكاتبها. إشكاليات أخرى في ما يتعلق بالجنايات وتخص الافتقاد في بعض الأحيان الى تعيين المحامي لدى باحث البداية وهو ما يشكل مأزقا الا انه اذا طلب محتفظ به تكليف محام فان باحث البداية يتصل بالفرع التابع له والذي يتولى تعيين محام.