استبشر أهالي مدينة القصرين سنة 2012 عند برمجة مشروع لإعادة تهيئة وتعبيد شارع 14 جانفي (الدولاب ثم 7 نوفمبر سابقا) باعتباره الشريان المروري والاقتصادي الثاني في المدينة بعد شارع الحبيب بورقيبة، والحالة المتردية التي كان عليها والاكتظاظ الخانق الذي يشهده طوال ساعات النهار من آلاف وسائل النقل التي تعبره، وتطلبت الدراسات الخاصة به أكثر من أربع سنوات لتنطلق الاشغال أواخر سنة 2016 باعتمادات تقارب 4 مليارات على أساس أن تنتهي بعد عامين ونصف (30 شهرا). لكن ورغم مرور سنتين فإن المشروع لم يتقدم بأكثر من 25 بالمائة او اقل ليتوقف منذ اشهر بعد تعطيلات متعددة رافقته منذ انطلاقه، نتيجة عدة أسباب، أولها عدم التنسيق مع مختلف المؤسسات العمومية التي تملك شبكات تحت أرضية تمر منه وأولها ديوان التطهير وشركات الكهرباء والغاز واستغلال وتوزيع المياه واتصالات تونس، مما تطلب أشغالا إضافية استهلكت عدة اسابيع، وثانيها عدم التزام شركة المقاولات باحترام مواصفات قنوات شبكة تصريف مياه الامطار والتفطن الى ذلك بعد تركيز أكثر من 600 متر خطي منها، واضطرارها الى ازالتها وتعويضها بأخرى تستجيب للمقاييس المطلوبة، وثالثها مرور شركة المقاولات المكلفة بالإنجاز بصعوبات مالية جعلتها غير قادرة على اتمام الاشغال الكبيرة التي يتطلبها المشروع. فسخ الصفقة امام التأخير الكبير في انجاز الاشغال وتوقفها عدة مرات لأشهر وسط تذمرات كل متساكني المدينة وخاصة القاطنين على جانبيه من مشاهد الاتربة وفواضل البناء المكدسة بالشارع وتجمعات الامطار كلما نزل الغيث النافع مع تعطيل متواصل لحركة المرور، قامت السلط الجهوية بالقصرين بالتنبيه على شركة المقاولات بضرورة احترام آجال التعاقد، لكن الامور بقيت على حالها ليتم تطبيق القانون عليها وفسخ صفقة المشروع والقيام بإجراءات تعيين شركة جديدة تكمل المشروع. وبالفعل فقد انطلقت هذه الشركة خلال الايام الفارطة في عملها وبدأت بتنظيف مخلفات الاشغال الاولى وتهيئة أماكن التدخل استعدادا لاستئناف أعمال التهيئة والتعبيد، ويأمل اهالي المدينة ان ينتهي هذا المشروع في اقرب الاوقات حتى يسترجع شارع 14 جانفي حيويته المرورية والاقتصادية بما ان عشرات المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والمكاتب الادارية ومقرات عدة مؤسسات عمومية تقع على جانبيه، فضلا عن اقليم الامن الوطني والبنك المركزي ومحكمة الاستئناف ومعهد الشابي ومدرسة الدولاب وعدة مؤسسات تربوية وتكوينية خاصة. لماذا تغيرت الدراسات؟ عند ظهور فكرة اعادة تهيئة الشارع المذكور اكد لنا رئيس بلدية القصرين ساعتها ( 2011 -2014 ) الاستاذ ماهر البوعزي ان مكوناته تشمل خاصة تحويل الشارع الى طريق ذات اتجاهين يفصل بينهما رصيف مخصص لأعمدة الانارة العمومية، فضلا عن تركيز عدة مآو لوقوف السيارات مع ترصيف جانبي الشارع وتشجيرهما وانجاز شبكة متطورة لتصريف مياه الامطار في اتجاه وادي الاطفال الذي يشق الشارع عند حي البساتين الاول، لكن عند بدء الاشغال تبين ان الشارع بقي كما هو ذي اتجاه واحد، أي حذفت أهم صفة كانت ستيسر حركة المرور فيه وتقضي على «احتلاله» من طرف أصحاب ورشات الميكانيك والطولة بوضع العربات التي يتولون اصلاحها في نصفه على الاقل، ويقطع مع «عادة» توقف وسائل النقل على جانبيه، وبالتالي فإن المشروع اقتصر حسب المرحلة التي شملتها الاشغال، على توسيع الشارع في جانب كبير منه وترصيفه ووضع شبكة لتصريف مياه الامطار، والجزء الذي تقدمت فيه الاشغال (حوالي 700 متر من أصل 2700) عادت الحركة فيه بنفس مشاكل الماضي للسببين المذكورين وهي احتلال جزء منه من طرف الورشات والمقاهي، ما يؤشر لعودة نفس مشاهد ما قبل مشروع إعادة تهيئة الشارع، ولتُضيع السلط المسؤولة فرصة قد لا تتكرر إلا بعد عشرات السنين لتحويل أوسع شارع في المدينة الى طريق ذي اتجاهين يستجيب لما تشهده القصرين من تطور عمراني كبير وتزايد متواتر لحركة المرور فيها ويتماشى مع ضرورة التخطيط الاستشرافي لمدينة ما بعد 2030.