لم تتوقف الطبقة السياسية في تونس عند الأسماء الجديدة التي شملها التحوير الوزاري الجديد بقدر ما تم التعامل مع الحدث في جوانبه السياسية لا الشكلية، خاصة بعد أن أعلن رئيس الجمهورية أنه يرفض التحوير الوزاري. فقد أجمع العديد من السياسيين على ان هذه الخطوة هي عنوان لأزمة سياسية جديدة دخلتها البلاد مند ليلة أول أمس. ومن بين هؤلاء رياض الشعيبي رئيس حزب البناء الوطني والذي علق على التحوير الوزاري بالقول انه لا أهمية للأسماء في هذا التحوير، لأن الذين غادروا لم يكن ذلك على أساس تقييم سلبي لأدائهم ولا الذين عينوا يمثلون كفاءات مرجعية في وزاراتهم. واعتبر الشعيبي أن المشكل الحقيقي في هذا التحوير يتمثل فيما فرض من معادلات سياسية جديدة سواء في علاقة رئيس الحكومة برئيس الجمهورية أو كذلك في دور نداء تونس وموقعه خارج منظومة الحكم ثم فيما يتعلق بالتحالف الثلاثي الجديد بين الشاهد ومهرجان والغنوشي. وأضاف رئيس حزب البناء «إذا استطاع الشاهد تمرير هذا التغيير فإن ذلك سيحد من قدرة رئيس الجمهورية على المناورة من أجل تقوية موقع ابنه في الساحة السياسية، كما أن حكومة جديدة لا تمثيلية رسمية فيها للنداء ستعجل باندثار هذا الحزب وربما حتى قبل الموعد الانتخابي القادم». أما المشهد الحكومي الجديد حسب الشعيبي «فإنه يمهد لاتفاق على اقتسام السلطة بين النهضة ومنظومة ما قبل الثورة وتحالف الشاهد الذي قد يتحول إلى حزب سياسي، كل ذلك في أفق ما بعد الانتخابات القادمة». كما أكد أن كل هذه التكتيكات السياسية المكشوفة غير قادرة على الخروج بالبلاد من مأزقها الحالي، فيما يبدو أنه آخر اهتمام يشغل منظومة الحكم الحالية. مواجهة مباشرة غازي الشواشي أمين عام التيار الديمقراطي أكد من جهته في تصريح ل»الصباح» أن «الأزمة الراهنة ليست مشكلة أسماء بل هي مشكل في توجهات وخيارات الحكومات المتعاقبة التي أثبتت فشلها لأن تعويض اسم باسم آخر ليس هو الحل وهذه الحكومة مهما كانت تركيبتها لن تقدم أي شيء للبلاد». وحسب الشواشي، فإن «التحوير يؤكد دخول الشاهد في مواجهة مباشرة مع رئيس الدولة لأنه بدأ الحديث عن إسقاط التحوير الوزاري من الناحية الإجرائية والشكلية». كما حمّل أمين عام التيار الديمقراطي المسؤولية للأغلبية الحاكمة وعلى رأسها حركة النهضة التي تناور من اجل اكتساب مواقع الحكم لأجل التغول، مضيفا ان «الطبقة السياسية عاجزة عن ضمان الأمن والاستقرار ونحن على بضع أمتار من الانتخابات القادمة». كما اعتبر الشواشي أن موقف رئاسة الجمهورية إعلان عن تحويل الحرب الباردة الى حرب باردة. «حكومة كريستين لاغارد» من جانبه قال عمار عمروسية القيادي في الجبهة الشعبية ان كل المشاورات التي جرت في علاقة بالتحوير الوزاري تمت في تكتم شديد لان الهدف الأساسي من وراء هذه الحركة السياسية تقاسم «كعكة» السلطة وإرضاء الدوائر الأجنبية، لأنها في الحقيقة هي حكومة «كريستين لاغارد». كما اعتبر عمروسية ان الحكومة الجديدة هي حكومة النهضة بغلاف حداثي مزيف. وفي سياق حديثه ل»الصباح» اكد قيادي الجبهة الشعبية ان «الحكومة أمام تحديين: الأول تحدي الحزام السياسي المساند لها وهو في اعتقادي حزام هش... فحتى ان مرت امام المجلس سيكون هذا السند ضعيفا وهو يحمل بذور التفكك في آجال قصيرة قد يتحول بسرعة من حزام سياسي مساند إلى حزام ناسف». أما التحدي الثاني - حسب عمروسية - فهو «يتعلق بدرجة صمود الحكومة بتركيبتها الجديدة امام التحركات الاجتماعية بعد تنامي مشاعر اليأس والإحباط، لذلك فإنه من المؤكد أن عمرها سيكون قصيرا جدا».