يواصل الدينار التونسي انزلاقه الذي وصف ب»التاريخي» مقابل العملات الأجنبية المرجعية ليصل حتى يوم أمس إلى حدود ال2.928 د مقابل الدولار الأمريكي في سابقة هي الأولى من نوعها بعد أن تجاوز ال3 دينارات مقابل الأوروليبلغ تحديدا 3.290 د حتى يوم أمس. وباعتبار أن هذا الانزلاق الذي مس أهم العملات الأجنبية التي تتعامل بها بلادنا في ما يخص كل مبادلاتنا التجارية مع الخارج وجميع معاملاتنا المالية التي تتعلق بالقروض والديون الخارجية، فالأكيد أن تداعياته ستكون خطيرة على التوازنات المالية للبلاد ابتداء بتفاقم توسع العجز التجاري الذي بلغ في الفترة الأخيرة حدود ال16 مليار دينار بالميزان التجاري، كما سيرفع أكثر في قيمة التضخم المالي الذي ناهز ال7.8 بالمائة، وارتفاع نسبة الفائدة إلى حدود ال6.7 بالمائة. والتداعيات الأخطر ستكون في ارتفاع كلفة الدين الخارجي التي بلغت حدود ال71.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بعد أن ارتفعت قيمة الدين العمومي بما يناهز ال4 مليارات خلال كامل سنة 2018 مقارنة بالسنة المنقضية لتصبح مع حلول سنة 2019 في حدود ال10.2 مليار دينار. كما سيعكس تواصل انزلاق الدينار تواصل ضعف عملتنا المحلية مقابل العملات المرجعية الأجنبية وبالتالي استمرار الأزمة الاقتصادية الهيكلية واختلال كل القطاعات الاقتصادية ذات علاقة بالوضع الاجتماعي على غرار ارتفاع نسبة البطالة المقدرة حاليا بنسبة 15.5 بالمائة بعد قرار إغلاق باب الانتدابات كليا لسنتي 2018 و2019 وحتى إلى ما بعد، فضلا عن ضعف الاستثمار الخاص الذي تراجع بنسبة 35 بالمائة في الاستثمار الصناعي وبنسبة 55 بالمائة في الاستثمار في الخدمات. وأمام هذا الانزلاق، يقترح العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي ضرورة إصلاح كل المشاكل الهيكلية التي طالت المنظومة الاقتصادية كالتضخم المالي الذي انعكس بالسلب على مستوى العرض والطلب في أسواقنا المحلية، فضلا عن تواصل تراجع التوازنات الخارجية المرتبطة بارتفاع العجز التجاري نتيجة ضعف نمو الصادرات في بلادنا وتراجع نمو شركائنا الاستراتيجيين كالاتحاد الأوروبي. كذلك عبر عدد آخر من المختصين الاقتصاديين عن قلقهم بشان تواصل انزلاق العملة المحلية في قادم الأيام في ظل عدم تدخل البنك المركزي ومن ورائه الحكومة للحد من هذا الهبوط التاريخي وذلك من خلال إطلاق إجراءات استثنائية للحد من الاقتصاد الموازي الذي طال سوق الصرف لتعرف في الآونة الأخيرة انتكاسة غير مسبوقة بسبب تناقص العملة المحلية والعملات الأجنبية وانتشار ظاهرة المضاربة وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية عموما في البلاد. كما أن الدولة اليوم مطالبة بالاهتمام أكثر بالقطاعات المدرة للعملة الأجنبية على غرار قطاع الفسفاط والمناجم والعمل على تحسين نسق الصادرات خاصة في منتجات التمور وزيت الزيتون واستقطاب أكثر ما يمكن من موارد جديدة من العملة الصعبة من خلال الاستثمار الخارجي وتحسين مردودية القطاع السياحي حتى لا تفقد عملتنا المحلية قيمتها النقدية في سوق الصرف داخل البلاد وخارجها.